العدد 3180 - الأحد 22 مايو 2011م الموافق 19 جمادى الآخرة 1432هـ

الأوطان عصية على كل مرض

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

لن أنجرَّ أو أُستدرج إلى كتابة تدعو من دون أدنى خجل أو حياء إلى الاستهداف والتحريض والتخوين والتسخيف والدعوة الصريحة في بعض الكتابات إلى الاقتلاع.

هذا وطن يمر بأصعب مراحله وأوقاته. ومثل هذا التحشيد الإعلامي من قبل بعض الأقلام الموتورة لن يؤدي به إلى العافية المراد الوصول إليها، والطمأنينة المتوخاة. مثل تلك الأقلام ومثل تلك المنابر الإعلامية إنما تسد بممارساتها تلك كل كوّة من أمل، وكل بصيص من نور. والذين أدمنوا الرقص على الأشلاء لا يعمِّرون أوطاناً، والذين يحترفون الاستهداف والتحريض لا يمكن لفعلهم أن يقيم عيشاً مشتركاً ويؤسس لتجانس هو الضرورة كي تكون هذه الحياة قابلة لأن تؤتي أكلها وثمارها.

آثرت الصمت قبل شهور من الأحداث التي مر بها وطني. كنت أرى نذر قيامة من بعيد. المشهد على الأرض قبل شهور لا يشي بسحابة صيف وتمر. كان يشي بما هو أبعد من ذلك. كان يشي بتفتيت لأواصره ولحمته وعلائقه. المشهد كان يوحي باختطاف وطن، وفي أحسن الأحوال تركه مشغولاً بنزيفه. مع استعداد متعهدين - لم يكونوا جدداً في يوم من الأيام - لأن يتركوه في مهب نزيفه وجراحاته، ولن يبرحوا أمكنتهم ما لم يتأكدوا أنه في طريقه إلى الاحتضار. وهذا لن يحدث.

الأوطان عصية على كل مرض ومرضى يسوقون عدواهم القاتلة. الوطن أكبر من اختزاله في قيام شريعة التمييز والفرز. والوطن إنما يكبر باختلافات أهله من دون المساس بثوابت وجوده أو النيْل من أسباب منعَته وقوته. الأوطان وجدت لتحيا وتعمّر ولن يتأتى ذلك برواج الاستهداف والتحريض والتخوين والتسخيف والدعوة الصريحة في بعض الكتابات إلى الاقتلاع من أي طرف جاءت تلك الدعوات.

ثم إن الأوطان التي تدع أصحاب دعوات التفتيت والاقتلاع أحراراً فيما يدعون إليه، في اللحظات التاريخية الفارقة والحرجة، إنما تعمق من حرج تلك اللحظات، وتعمل على سد منافذ الحلول، وتسهم في إرسال أبنائها إلى ما وراء المحرقة.

حال الانهيار العصبي الذي ينتاب البعض بكتابات لا تقدم قيمة سوى المزايدة على مكوِّنات الوطن، والمزايدة على الانتماء ومن ثم المزايدة على حق الجميع في أن ينعموا بحصتهم من الحياة ضمن الأسس والقوانين والضَّوابط واحترام تلك المكونات.

الذين يسعون إلى سوْق هذا الوطن إلى الأنفاق المظلمة هم أول من سيرتطم بمجهولها.

إن الانجرار أو الاستدراج إلى كتابة تدعو من دون أدنى خجل أو حياء إلى الاستهداف والتحريض والتخوين والتسخيف والدعوة الصريحة في بعض الكتابات إلى الاقتلاع، كفر صريح بهذا الوطن وإن بدا المزايدون أنهم أولى به دون سواهم

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 3180 - الأحد 22 مايو 2011م الموافق 19 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً