العدد 3179 - السبت 21 مايو 2011م الموافق 18 جمادى الآخرة 1432هـ

هل الجميع سيدخل النار؟

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

مقال جميل ورائع للكاتبة بلقيس الملحم، أرسله لي أحد الأشخاص، وطلب مني التعقيب عليه، وسأشارككم المقال، لأهميته في هذه الفترات التي تعيشها البلدان العربية، وسنعقب عليه لاحقاً.

تقول الكاتبة: في المدرسة علمونا أن الذي لا يصلي جماعة في المسجد فهو: منافق! أبي كان واحدا منهم...

وأن شارب الدُخان: فاسق! أخي محمد كان واحدا منهم...

وأن المسبل لثوبه: اقتطع لنفسه قطعة من نار! أخي طارق واحد منهم...

وأن وجه أمي الجميل: فتنة! لكن لا أحد يشبه أمي.

وأن أختي مريم التي تطرب لعبدالحليم: مصبوب النار المذاب في أذنها لا محالة! لقد فاتني أن أقول لهم إنها أيضا تحبه. فهل ستحشر معه؟ أظنهم سيحكمون بذلك...

وأن جامعتي المختلطة وكر للدعارة! على رغم أنها علمتني أشرف مهنة وهي الطب!

وأني أنا الساكتة عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: شريكة في الإثم والعقاب!

وأن صديقتي سلوى التي دعتني لحفل عيد ميلادها: صديقة سوء!

وأن خادمة منزلنا المسيحية: نجسة!

وأن خالي المثقف: علماني!

وعمي المتابع بشغف للأفلام المصرية: ديُّوث!

لكني اكتشفت أن أبي أطيب مخلوق في العالم. كان يقبلني كل ليلة قبل أن أنام. ويترك لي مبلغا من المال كلما سافر من أجل عمله.

أخي محمد وطارق كانا أيضاً أكبر مما تصورته عنهما. محمد يرأس جمعية خيرية في إحدى جامعات أستراليا. وطارق يعمل متطوعا في مركز أيتام المدينة مدرباً للكراتيه. أما أختي مريم فقد تفرغت لتربية أختي التي تصغرني بأربع سنوات بعد وفاة أمي وحرمت نفسها من الزواج من أجلنا.

أمي؟ يكفي أنها تلتحف التراب وأبي راضٍ عنها!

جامعتي المختلطة؟ كونت لي أسرة سعيدة بزواجي من رئيس قسم الجراحة. ومن خلالها ربيت أطفاله الثلاثة بعد فقد والدتهم.

أما كيف أقضي وقت فراغي؟ فكانت صديقتي سلوى هي المنفذ الوحيد لي. لقد تعلمنا سوياً كيف نغزل الكنزات الصوفية. وندهن العلب الفارغة لبيعها في مزاد لصالح الأسر المحتاجة. أختي مريم أيضاً كانت تدير هذا البازار السنوي.

ماذا عن خادمتنا؟ أنا لا أتذكر منها سوى دموعها الرقراقة. يومها أنقذتنا من حادث حريق كان سيلتهمني وإخوتي بعد أن أصيبت هي ببعض الحروق!

أما خالي عدنان. فقد اعتاد أن يقيم سنويا في القاهرة حفل عشاء خيري لصالح الأيتام. كان عازفاً حاذقاً للعود. وكان الناس يخرجون من حفلته خاشعين!

عمي؟ هو من بنى مسجدا وسماه باسم جدتي الكسيحة.

لا أزال أسأل: لماذا يعلمونا أن نَكره الآخرين؟!

الشمس والظلام. كلاهما لا يحتاجان إلى دليل قطعي على ثبوتهما!

انتهى مقال الكاتبة، ولكن للأسف كل ما ذكرته صحيح، فهناك من حرم كل شيء، ولم يبقَ في ميزانه أحد من الناس ملتزم ويخاف الله، إلا الذي قصَّر الثوب وأطال اللحية، ولا يستجيب الله لدعوة مخلوق إلا إذا شرب من يده اليمين، وكأن الله ينفذ ما يطلبه هؤلاء منه، تعالى الله عنهم وعن نواياهم السيئة.

بعض الناس يظن أن ذكر اسم أخته أو أمه أمام الرجال حرام، ونسي وهو يقرأ التاريخ ألا يذكر اسم خديجة وعائشة ونسيبة الأنصارية رضوان الله عليهن، لأن ذكر أسمائهن من المفروض حرام وعيب، أم ان الموقف يختلف عندما يُذكر اسم أخته أو أمه، وعندما نذكر الصحابيات الجليلات!

علينا أن نتصدى لبعض الأفكار التي تخلط بين الدين والعادات والتقاليد، فنطبق العادات الجاهلية أكثر من تطبيقنا ديننا الحنيف، وتصبح في يوم من الأيام محركاً سلبياً للبشر، ويجعلهم يتراجعون الى الوراء، ولا يتقدمون أبدا.

هل الجميع سيدخل النار؟ هل كل مَن هو مختلف عن مبادئك وعن طريقة حياتك سيكون مصيره كمصير فرعون؟! نقولها لهم: اتقوا الله في دينكم وفي أفكاركم، فلقد شبعنا منها، وسئمنا تضارب أفكاركم حولها، فما تم تحريمه يوماً، أصبح حلالاً طيباً بعد فترات

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 3179 - السبت 21 مايو 2011م الموافق 18 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً