رشحت أنباء شبه مؤكدة عن عزم «الوفاق» على مقاطعة الانتخابات التكميلية، كما سبق وأن أكد تجمع الوحدة الوطنية في أكثر من مناسبة، على عدم عزمه، هو الآخر، المشاركة فيها. ولم يصدر عن القوى السياسية المنظمة الأخرى ما يشير إلى نية أيٍّ منها خوض تلك الانتخابات.
نستطيع فهم مبررات تجمع الوحدة الوطنية في عدم التسرع ومن ثم خوض الانتخابات التكميلية، حيث إنه، وهو محق في ذلك، لا يريد أن يربك خطواته، أو أن يشتت جهوده في جزئية، في وقت هو لا يزال في مرحلة التأسيس لما هو أكبر من الانتخابات. إذ يعكف التجمع الآن، كما أعلن عن ذلك رئيسه الشيخ عبداللطيف المحمود، ومن خلال مجموعة من الكفاءات ذات العلاقة به، على العمل من أجل الخروج بالصيغة النهائية له، والتي ستحدد معالمه كاملة، بما في ذلك هيكليته التنظيمية، ورؤاه السياسية، وطبيعته الشرعية... إلخ.
الأمر مختلف تماماً بالنسبة إلى الجمعيات الأخرى، وعلى وجه الخصوص «الوفاق»، بوصف كونها الجمعية الأكبر حجماً، والأكثر انتشاراً مقارنة بالجمعيات الأخرى. قد تعلل «الوفاق» موقفها بحرصها على عدم اهتزاز مواقعها في صفوف الشارع الذي تنتمي إليه، وتعبر عن مصالحه، ومن ثم فإنها لا تملك أيَّ خيار آخر سوى المقاطعة. لكن ما يأمله المواطن العادي، وفاقياً كان أم منتمياً إلى تيار آخر هو أن تراعي «الوفاق»، مجموعة من المسائل السياسية السلبية الناجمة عن قرار المقاطعة، لعل أبرزها: ان في عزوفها هذا، إنما هي تمارس اعترافاً ضمنياً بهزيمة كاملة - وهو أمر مناف للواقع - تمنعها حتى من مجرد المشاركة في انتخابات مجلس كانت تشكل أكبر كتلة سياسية منظمة فيه، كما انها بمثل هذا التصرف تضع في أيدي المروجين لتهمة «إرهابية» الوفاق أفضل سلاح بوسعهم توجيهه إلى صدرها، وبالقدر ذاته، تجرد المجلس من كتلة ساهمت، مع كتل أخرى، في رفع سقف المطالب الشعبية في داخل ردهات المجلس النيابي وخارجها.
ما يتوخاه المواطن العادي من «الوفاق»، أن تحاول، وبشكل علمي، ممارسة قراءة استقرائية مستقبلية لطبيعة الشارع السياسي بعد ثلاثة أشهر من اليوم، وعندما يحين موعد تلك الانتخابات، وبعد هدوء الزوبعة التي تعصف بذلك الشارع في الوقت الحاضر، وعندما تستعيد البحرين عافيتها من الأزمة السياسية التي هزتها من الجذور، إذ لا يمكن أن تستمر الأحوال كما هي عليه الآن، إذ سيتوقف العمل حينها بـ «قانون السلامة الوطنية»، وسوف تتراجع الإجراءات الأمنية لصالح الانفراجات السياسية... إلخ، من الأمور التي تشجع جميعها على المشاركة الإيجابية، عوضاً عن المقاطعة السلبية.
الفرص التاريخية لا تكرر نفسها، ومعالجة الأخطاء في مراحل مبكرة من حياتها، أسهل وأفضل بكثير من الإصرار على نكرانها، ومحاولة الاستفادة من كل الفتحات التي يسمح بها النظام السياسي في البحرين اليوم، أكثر جدوى من رفض التعاطي معها
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3178 - الجمعة 20 مايو 2011م الموافق 17 جمادى الآخرة 1432هـ