تناقلت وكالات الأنباء الكويتية بالنص والصورة وقائع معركة البرلمان الكويتي، حيث تطور الحوار من مجرد الاختلاف في الرأي، إلى التلاسن، كي يصل إلى مرحلة الصدام بالأيدي.
لا يملك المرء وهو يتابع ما هوى إليه البرلمان الكويتي إلا أن يستعرض صورة المراحل المبكرة الأولى من حياة هذا الصرح التشريعي، الذي كان طوال السبعينيات يحتضن مداخلات عبدالله النيباري بشأن صناعة النفط بكل ما تشمله من السيطرة على مقدرات الإنتاج وبرامج التصنيع وخطط التسويق، وعلى نحو موازٍ لها سجالات المرحوم أحمد الربعي وجولاته بشأن سياسات التعليم ودعوات المرحوم سامي المنيس المصرة على إفساح المزيد من الهوامش لحرية المؤسسات الإعلامية، وفي المقدمة منها الصحافة عندما كان يرأس تحرير مجلة «الطليعة». وبين هذه جميعاً كانت إضافات الدكتور أحمد الخطيب الذي لم يكن يكف عن ضرورة الانتباه للتشريعات الخاصة بممارسة المهن وفي المقدمة منها مهنة الطب التي كان يمارسها. كان الأداء راقياً، والخلاف مبرراً بين المعارضة والسلطة.
بعد هذا المشوار الطويل المكتظ بخبرة غنية اكتسبها النواب وراكمتها الدولة، والذي يمتد لما يزيد على نصف قرن، يفاجئنا البرلمان الكويتي بمعركة بالأيدي و «العقال» بين النواب أنفسهم. الأغرب من ذلك أن ممثلي الحكومة يتدخلون لفض الاشتباك بين نواب الشعب.
حالة البرلمان الكويتي تعكس في الكثير من جوانبها أوضاع المعارضة العربية التي باتت تشكو من تراجع في الفكر، وتدنٍّ في الأداء مقارنة مع الحكومات التي باتت تبذل جهودها من أجل الدفاع عن نفسها من خلال تطوير مؤسساتها، والارتقاء بأداء أفرادها.
ربما آن الأوان كي تقف المعارضة العربية بما فيها الخليجية أمام نفسها وقفة تقويمية جادة تحاول من خلالها أن تتلمس كل ما يعتريها من أخطاء وما يشوهها من مسلكيات تنعكس سلباً على أدائها من جانب، وعلى علاقتها مع جماهيرها من جانب آخر.
ليست حالة المعارضة في البرلمان الكويتي سوى نموذج حي لما تعاني منه الكثير من المعارضات الخليجية سواءً تلك التي تعمل تحت قبة البرلمان أو خارج أروقته، حيث يلمس المواطن الخليجي ذلك الوهن الذي بدأ يدب في جسد معارضته، والذي لا يمكن أن تشفيها منه بعض العمليات التجميلية هنا أو بعض المهدئات هناك، فالمشكلة أعمق من ذلك والداء أشد فتكاً مما تتوقعه تلك المعارضة.
لذا فكل ما يُمني المواطن الخليجي النفس به، أن تكون الحالة الكويتية استثناء على المستوى السياسي، فلا تنتشر عدواها إلى ما هو خارج الحدود الكويتية، لأن في تجاوزها تلك الحدود إشارة ملموسة إلى أن ذلك المرض عضوي، ومصدره خلفية حضارية، تستحق أكثر من مجرد تشخيصها أو محاولة التخفيف من سلبيتها
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3176 - الأربعاء 18 مايو 2011م الموافق 15 جمادى الآخرة 1432هـ