العدد 3174 - الإثنين 16 مايو 2011م الموافق 13 جمادى الآخرة 1432هـ

المواطنة بين الدِّين والمذهب

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

المواطنة تعني طبيعة العلاقة بين الفرد والدولة بحسب قانون تلك الدولة وبما تتضمنه من الحقوق والواجبات... وهذه العلاقة طوعية اختيارية قائمة على الاختيار الحر والتعايش السلمي بين جميع مكونات الشعب مهما كانت مذاهبهم أو أديانهم.

وقد اعترف الإسلام بحقوق المواطنة - قولاً وعملاً - فكان يعامل المسيحيين واليهود معاملة كريمة، هذا فضلاً عن معاملة أصحاب المذاهب الأخرى الداخلة في نطاق المذاهب الإسلامية المتنوعة...

هذه مقدمة سريعة كان لابد منها عندما نريد الحديث عن بعض الأحداث المؤسفة التي نراها في بعض بلادنا العربية والإسلامية مثل مصر وباكستان وبعض دول الخليج، التي كان لها تأثير سلبي كبير على طبيعة العلاقة بين المواطنين في هذا البلد أو ذاك.

التوتر بين المسلمين والأقباط في مصر ليس جديداً، لكنني كنت أتوقع أنه سيختفي بعد الثورة المصرية التي ساهم فيها المصريون جميعاً على اختلاف أديانهم ومذاهبهم، وأيضاً بعد أن ثبت أن بعض الفتن الطائفية الكبرى كانت الدولة وراءها مثل تفجير كنيسة القديسين في الإسكندرية، كل ذلك بهدف إضعاف الصف الداخلي وليبقى الحاكم ومن معه مقصداً للجميع. ولكن أحداث إمبابة وما جرى فيها، وكذلك تداعياتها أعادت إلى الأذهان تلك الصور الكئيبة عن مآسي الفتنة الطائفية، وكأن من فعل ذلك أراد أن يعيد مصر إلى مربعها الأول، كثر الحديث عن ضرورة تدخل الجيش، وكذلك الإساءة لبعض أتباع هذه الطائفة أو تلك، وكثر تبادل الاتهامات من كلا الجانبين، المسلم والقبطي، وكل يدعي أنه صاحب الحق، وأن على الدولة أن تعاقب الطرف الآخر وبسرعة.

من الجيد أن الحكومة المصرية اتخذت إجراءً سريعاً عندما قبضت على السيدة «عبير» والتي وصفتها بـ «صانعة الفتنة» وجيد أيضاً موقف المفتي وشيخ الأزهر، وكذلك الخطب التي ألقيت في الجمعة الماضية في ميدان التحرير وأكدت أهمية الوحدة الوطنية. كل ذلك جميل، لكن الأجمل منه لو أن الحكومة المصرية وكل دولة تحدث فيها مثل هذه الفتن أن تجري تحقيقاً فوريّاً في سبب تلك الفتنة واتخاذ العقوبة الفورية تجاهها...

الفتنة الأولى كانت بسبب «كاميليا» والثانية بسبب «عبير» اللتين قيل إنهما أسلمتا ولكن الكنيسة سجنتهما وعذبتهما لكي يرتدا عن الإسلام! كان من السهل على الدولة أن تكتشف السبب بسهولة، ثم تطبق قانون الدولة فإذا كان هذا القانون يبيح للمواطن أن يعتنق أي دين فيجب على الدولة أن تحمي كل من يترك دينه إلى دين آخر ولا تسمح لجهة أخرى أن تنوب عنها في تطبيق قوانينها الخاصة.

ومثل ذلك بالنسبة إلى المذاهب الإسلامية وخاصة بين السنة والشيعة، وكلنا يتابع ما يجري في باكستان، وما يقال عن التفرقة المذهبية في إيران وبعض دول الخليج...

إن أخطر شيء على وحدة المجتمع وأمنه هو الاقتتال أو الاختلاف الطائفي، ولو أن كل دولة طبقت المواطنة على جميع مواطنيها وبعدالة تامة لتحقق لها الأمن والاستقرار والتنمية بكل أنواعها

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 3174 - الإثنين 16 مايو 2011م الموافق 13 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً