تواجه البحرين اليوم، كدولة وكمجتمع حرباً تشنها ضدها، دونما أي حق، المنظمات الدولية العالمية، مثل لجان الكونغرس الأميركي، ومنظمات حقوق الإنسان. في الجوهر هذا يعني انتقال الصراع من قاعدته الداخلية، إلى منصته الخارجية، وبقدر ما في وسع أطراف الصراع التحكم في مساره على الصعيد الداخلي، بقدر ما يفقد، كلاهما، وفي أحيان كثيرة إمكانية التحكم في مساراته، عندما ينتقل إلى الساحة الخارجية، حيث تتغير قوانين اللعبة، بعد أن يتغير معها مسرح الصراع، الذي يلجه لاعبون أكثر مهارة، وبجداول عمل تختلف، في كثير من الأحيان، عن بنود جدول أعمال أطراف الصراعات الداخلية.
الدولة، تشكو اليوم، من هجمة، تعتبرها غير مبررة، تشنُّها ضدها تلك المنظمات، وربما أسهل رد فعل، وأكثرها سذاجة، يمكن أن يصدر عن الدولة، هو توزيع الاتهامات على قوى أجنبية، وحصر الأسباب في تدخل جهات أخرى، بعضها إقليمية، وربما يصنف في خانة الأصدقاء، والآخر أجنبية، لها مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في تأجيج الصراع على المستوى الداخلي، وفتح المعارك على الصعيد الخارجي.
لكن مثل هذا المنحى، لا يمكن أن يقود إلى حل أو نصر، ولعل الخطوة الأولى المجدية، والأكثر إلحاحاً اليوم، هي إعادة تنظيم البيت من الداخل، فمهما بذلنا من جهود، على رغم أهميتها وضرورتها، تبقى تأثيراتها محدودة ما لم تكن مصحوبة، وبشكل جاد، بإجراءات إصلاحية جريئة تجرد تلك الأجهزة من أية أسلحة يمكن أن تشهرها في وجه البحرين.
والمقصود بذلك أن تعود الدولة لمراجعة سياساتها التي أقدمت عليها في الآونة الأخيرة، وتحرص، كل الحرص، وبشكل، ربما يصل إلى المبالغة، على التقيد بالدستور والقوانين والأنظمة المنبثقة عنه، والمعمول بها في ربوع المملكة. هذا ينطبق على كل إجراءات الدولة، وفي المقدمة منها المحاكمات التي يمثل أمامها من وجهت إليهم التهم، والذين من حقهم، كما ينص على ذلك دستور مملكة البحرين، أن ينالوا كل حقوقهم التي توفرها لهم تلك القوانين.
إن إقدام الدولة على هذه الخطوة الجريئة، لن يعزز من مرتكزات بناء المجتمع المدني الديمقراطي المعاصر فحسب، ولن يرسخ من القيم التي نادى بها المشروع الإصلاحي الذي قاده، ولايزال يتمسك به جلالة الملك فقط، بل سيضاعف من ثقة المواطن بشفافية دولته، وسيحقق اللحمة البناءة التي تزرع المواطنة الصحيحة في نفس ذلك المواطن. ويضمن أن يرفرف علم العدالة في سماء البحرين الباحثة دوماً عن ذلك المجتمع العادل الذي يعطي كل مواطن الحق في أن يكون بريئاً حتى تثبت إدانته.
بمثل هذه السياسة، التي من الطبيعي أن ترافقها خطة لاستعادة البحرين وجهها الجميل الذي اعتراه شيء من التشويه، يمكن للدولة أن تسحب البساط من تحت أقدام القوى الأجنبية التي لم تكفْ عن معاداة البحرين، وسخرت أجهزة إعلامها لخدمة هذا الهدف الذي لا يقبل به أي مواطن بحريني شريف
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3174 - الإثنين 16 مايو 2011م الموافق 13 جمادى الآخرة 1432هـ