تناقلت الصحف المحلية الصادرة يوم أمس (السبت) 7 مايو/ أيار 2011م خبراً عن المقترح برغبة الذي تقدم به عدد من أعضاء مجلس النواب بخصوص زيادة «العلاوة الشهرية» لحملة الشهادات العليا (الماجستير إلى 100 دينار، والدكتوراه إلى 150 ديناراً).
ليست المرة الأولى التي نقرأ فيها هذا الخبر، فقد أوصت لجنة الشئون التشريعية والقانونية بمجلس النواب في يناير/ كانون الثاني 2010 (أي في الفصل التشريعي الثاني)، بالموافقة على الاقتراح برغبة المقدم من النائب عادل العسومي بشأن زيادة علاوات الحاصلين على شهادة الماجستير إلى 100 دينار، والحاصلين على شهادة الدكتوراه إلى 150 ووضع مكافآت مجزية للمبدعين في مختلف العلوم.
شخصياً لم أجد تعارضاً - على الأقل من حيث المبدأ - في رد ديوان الخدمة المدنية على مقترح النواب، فالعلاوة تأتي في سياق تحفيز الموظفين شاغلي الوظائف التعليمية للحصول على الدرجات التعليمية لتطوير مستوياتهم العلمية، وزيادة معارفهم لمواكبة النهضة المطّردة في مجالات التعليم المختلفة بالعالم، ما يعود بالنفع على مسيرة التعليم في المملكة، والرقي بمستويات خريجي المدارس الحكومية.
وللتأكيد على ذلك، فإن المادة رقم (34) من قانون الخدمة المدنية «تنص على جواز منح مكافآت تشجيعية للموظف الذي يقدم خدمات ممتازة أو أعمالاً أو بحوثاً أو اقتراحات تساعد على تحسين طرق العمل أو رفع كفاءة الأداء أو توفير في النفقات، وتحدد اللائحة التنفيذية الشروط والقواعد الخاصة بمنح هذه المكافآت».
ولكن اللافت للنظر هو توقيت هذا المقترح، فلو افترضنا أن المقترح المذكور قد تمت الموافقة عليه قبل تمرير الميزانية العامة للدولة للعامين 2011 و2012، والتي تأخرت مدة أربعة أشهر لحين إقرارها لكان جديراً بالتفاؤل من قبل الدارسين، وخاصة أنه سيساهم في تشجيع الكوادر الوطنية على التطوير الذاتي ورفع مستواهم الأكاديمي.
والسؤال المطروح الآن: ما تأثير قرار منح زيادة العلاوة الشهرية لحاملي الشهادات العليا على جودة التعليم في مملكة البحرين؟
لا شك أنها تمثل فرصة لإثبات قدرات البحرينيين على مستوى التنافسية العالمية، وتشجيع الابتكارات وإنتاج المعرفة، وتأهيل الكوادر البحرينية من الخريجين لتولي المناصب القيادية في إدارات ومؤسسات الدولة مستقبلاً، وتمكينهم من التعامل بجدارة مع أدوات العصر، على أساس التزام الدولة ببناء اقتصاد معرفي قوي.
هذا التوجه نحو تحفيز العاملين لبناء قدراتهم الذاتية ونيل أعلى الشهادات والمراتب العلمية، يتناقض مع نظرة الكثيرين منا للتعليم بوصفه مجالاً خدماتياً مثل قطاع الصحة أو الإسكان أو مصنع إنتاج وغير ذلك، بينما تستثمر الدول المتقدمة في التعليم باعتباره قدراً في بناء أوطانها وتحقيق أحلامها الكبيرة، ومن هنا جاء الاهتمام بالدراسات العليا ودورها في تشجيع العنصر البشري، والدفع باتجاه التنافس على نيل الشهادات العليا، حيث سيساهم خريجات وخريجو الدراسات العليا في تحويل المجتمع إلى مجتمع المعرفة بامتياز.
إن الدول المتحضرة تعد النسبة المئوية للسكان الحاصلين على المؤهلات العلمية العليا أحد معايير تقدمها، وهو ما يعكس أهمية بناء مجتمع المعرفة كطريق للنهضة والازدهار الحضاري.
فالاهتمام بالحوافز والمكافآت لأصحاب المؤهلات العليا هو خطوة أولى يجب أن تعقبها حزمة من الخطوات التي تصب في إعداد وبناء الكوادر الوطنية التي ستبني البحرين الأجمل
إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"العدد 3165 - السبت 07 مايو 2011م الموافق 04 جمادى الآخرة 1432هـ