العدد 3165 - السبت 07 مايو 2011م الموافق 04 جمادى الآخرة 1432هـ

تتحدث الفتيات في المدارس الباكستانية نيابة عن أنفسهن

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

لفتت انتباهي، مثلي مثل ملايين الناس، قصة غريغ مورتنسون الإنسانية ذات العاطفة المتدفقة والالتزام والشجاعة. كذلك أصبت مثل كثيرين آخرين بخيبة أمل حول كل شيء أقرأه يتعلّق بالخلاف القائم. الاتهامات الموجهة ضد غريغ خطيرة، والادعاءات بسوء الإدارة المالية لمنظمة التعليم التي ترتكز على المجتمع المحلي واسمها «معهد وسط آسيا» مزعجة. فإدارة تبرعات الناس من الفلوس إلى ملايين الدولارات مسئولية يجب عدم أخذها على غير محمل الجد. يتوجب التحقيق في هذه الاتهامات وغيرها والتعامل معها بصورة مناسبة. يتوجب علينا أن نسمع من غريغ، وأن نعطيه الفرصة للتعامل مع هذه الادعاءات.

زرت قبل سنتين ثلاث من مدارس معهد آسيا في الباكستان، وقد امتلأت بفتيات تملأهن الإثارة لحصولهن على فرصة ليصبحن طبيبات ومحاميات ومدرّسات، نتيجة للتعليم الذي يحصلن عليه. قابلت عضوات في الفريق المحلي لمعهد وسط آسيا هناك، وقد امتلأن بالفخر في العمل الذي يقمن به وبصداقتهن مع غريغ.

وبينما تستمر تفاصيل هذه القصة بالظهور وتصبح الحقائق أكثر وضوحاً، آمل ألا نفقد الرؤية الأوسع والأهداف التي ألهمتها مبادرة غريغ، بأن بناء المدارس وتعليم الفتيات أكثر فاعلية للسلام والتنمية على المدى البعيد من ضربات الطائرات بلا طيار، وبأن فهم الثقافات المختلفة تتطلب الصبر والقدرة على الإصغاء، وبأن باستطاعة كل منا عمل شيء، قد يكون أكثر قليلاً مما نفعله الآن، لجعل هذا العالم مكاناً أفضل.

بالنسبة لي، لم يكن «ثلاثة فناجين شاي»، وهو قصة تحوّل غريغ من متسلق جبال إلى صانع أعمال إنسانية، مجرد كتاب ملهِم، وإنما جسر نحن في أمسّ الحاجة إليه لفهم جزء من العالم عبر إنسانيتنا المشتركة بدلاً من مجرد مقتضيات جغرافية سياسية. وضعت قصص غريغ وجهاً إنسانياً على منطقة هامة، وكشفت نواحٍ من ثقافتي أقدّرها وأثمنّها: احترام كبار السن وحسن الضيافة والكرم تجاه الغرباء والرغبة في التعلّم، وهي أمور نادراً ما نراها في الأسلوب أحادي اللون الذي كثيراً ما تلوَّن به المنطقة من قبل الإعلام. آمل من كل قلبي ألا يتم إفشال المشاعر الدافئة التي يولّدها هذا الكتاب نتيجة الخلاف القائم.

بدأت رحلة غريغ، بغض النظر عما إذا تم ذلك في كورفي أو خين أو حتى في تمبكتو، نتيجة للتعاطف الذي أدّى إلى بناء أول مدرسة، ودفعه خلال سنوات من العمل الذي لا يكلّ والخطر، قبل أن تكون هناك كتب أكثر مبيعاً أو مكافآت مقابل محاضرات أو ترشيح لنيل جائزة نوبل.

هناك الآن آلاف الفتيات اللواتي يستفدن من التزام غريغ ومركز وسط آسيا بتعليم الفتيات اللواتي قابلت بعضهن في الباكستان. لم تصدق ساديا أنها ستعود إلى مقاعد الدراسة بعد زلزال العام 2005 المدمّر الذي قتل مئة من بنات مدرستها. وهي الآن تحاول أن تقرر ما إذا كانت ستصبح طبيبة أو معلمة. كذلك تشاركَت سفينة وإقرأ وفاطمة، وهن نساء صغيرات حصلن على بعثات من مركز وسط آسيا، في تأثرهن البالغ وسعادتهن لمتابعتهن الحصول على شهادات عليا، بعد أن شجعتهن أمهاتهن اللواتي لم يحصلن أبداً على فرصة كهذه. أما نسرين، التي اضطرت لترك مقاعد الدراسة بعد وفاة والدتها وهي صغيرة السن، فتعمل الآن على إنهاء شهادة المساعدة الطبية حتى تتمكن من تدريس نساء أخريات في قرى أبعد من قريتها.

ثم هناك فوزية، التي تعرّفت عليها الشهر الماضي في واشنطن العاصمة. قابلت فوزية غريغ في قريتها الكشميرية العام 2006 ودعته لشرب فنجان شاي في الخيمة حيث كانت أسرتها تقيم بعد الزلزال، كانت وقتها تنهي شهادتها في الحقوق وتدرّس. عرض عليها غريغ، وقد أعجب بإصرارها، بعثة للدراسة في الولايات المتحدة. احتاج الأمر لسنتين لإقناع أسرتها، ولكنها عندما فعلت ذلك، استغلّت كل فرصة لاحت أمامها، فتعلمت التزلج على الثلج وركوب الدراجة والخيل والتايكوندو واللغة الإنجليزية. وهي اليوم أول موظفة في مركز وسط آسيا في الباكستان، ومدافعة عالمية عن أهمية تعليم الفتيات.

تلك قصص حقيقية عن نساء حقيقيات لهن حياة حقيقية وآمال حقيقية. مهما كانت نتيجة الخلاف القائم حالياً، فإن أحلامهن وأحلام الآلاف غيرهن هي تلك التي يجب أن تستمر وتتم رعايتها. في خلاف ذلك فإن الصدمة سوف تكون عظيمة

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3165 - السبت 07 مايو 2011م الموافق 04 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً