شخصياً لم أكن أتوقع أن يحذو الرئيس السوري حذو سابقيه من أمثال القذافي وبن علي وحسني مبارك وعلي عبدالله صالح، والسبب أن الرئيس السوري يرى أمامه نماذج حية كان يفترض أن يستفيد منها ويتخذ مواقف إيجابية تجاه شعبة - أولاً - وتجاه نفسه - ثانياً - لكنه لم يفعل ذلك وإنما اتخذ منهم قدوة فمشى على دروبهم، ويبدو أنه سيصل إلى نفس النهايات!!
الشعب السوري الذي صبر على الحكم البعثي نحو خمسين عاماً كان يستحق من هذا الحكم معاملة أفضل مما رأيناه بكثير وفاءً له وتقديراً لهذا الصبر النادر المثال، لكنه لم يحصل الا على القتل والتدمير والاتهامات الباطلة!!
الدولة السورية قتلت المئات وجرحت المئات أيضاً، وإذا استمر الحال على ما هو عليه حالياً فستصل الأعداد إلى الآلاف على طريقة «العقيد» وعندها لن يكون في مقدور أحد أن يعرف كيف ستكون نهاية هذا النظام ولا وضع الدولة السورية!!
خطأ الحكومة السورية - كما قالت - إنها لم تستفد من تجارب سابقيها، فبدأت باتهام الإخوان المسلمين، تم تحولت إلى السلفيين، وأخيراً إلى طرف ثالث لم تحدد هويته. هذا الطرف – بزعم الحكومة – هو الذي قتل المتظاهرين اثناء تظاهراتهم، وهو – أيضاً – من قتل المشيعين اثناء توجههم لدفن موتاهم، وهذا الظرف هو الذي يقتل رجال الأمن السوري!!
لكن الحكومة السورية عجزت عن اقناع أحد بصحة ما ذهبت اليه، وأظنها ستبقى عاجزة عن ذلك... ومن الأفضل لها أن تحترم عقول شعبها وكذلك عقول الآخرين، فليس هناك من أحد سيصدق تلك الأكاذيب حتى وان أحضروا على شاشات تلفزيونهم من يعترف بذلك فالكل يعرف كيف يتم صنع تلك الاعترافات.
الإصلاح الحقيقي هو الطريق الأقرب لتهدئة الأوضاع، اما الحديث عن الإصلاح وفعل ما يناقض ذلك مباشرة فليس هو الطريق الأصلح بل إنه سيزيد النار اشتعالاً ولعل السوريين يدركون ذلك قبل قوات الأوان!!
الانتقادات الخارجية بدأت تشتد وتعلو نبرتها، فهناك انتقادات أميركية وأوروبية، ومن المؤكد أن هذه الانتقادات ستزداد شدة إذا لم تتوقف الدولة عن قتل الناس، وربما لا يتوقف الأمر عند حد الانتقاد وهذا ما لا نحبه لسوريا وشعبها.
من المهم أن تدرك الحكومة السورية ان بقاء حزبها الوحيد هو الحاكم لا يمكن ان يكون مقبولاً، كما أن بعض قوانينها المضحكة مثل قتل كل من ينتمي للاخوان المسلمين يجب أن يزول... من العيب ان يبقى آلاف السوريين خارج أوطانهم قسراً... ومن العيب ان يكون القضاء تبعاً للسلطة، ومن العيب – أيضاً – أن يبقى آلاف المساجين في سجونهم دون وجه حق... أعرف أن سوريا قامت بعمل جليل عندما احتضنت المقاومة الفلسطينية، وتعرضت من أجل ذلك لكثير من الصعوبات، ولكن هذا العمل على أهميته لا يبرر مطلقاً ما تقوم به هذه الأيام من قمع حريات المواطنين وقتلهم.
من حق كل شعب أن يطالب بحريته، ومن حقه أن يبذل الكثير من أجل تحقيقها، وليس من حق أحد أن يقتله من أجل ذلك
إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"العدد 3153 - الإثنين 25 أبريل 2011م الموافق 22 جمادى الأولى 1432هـ