اعترف بعض أعضاء المجلس الانتقالي في العراق بوجود معارضة ليست قليلة له ولتركيبته السياسية ولطريقة التمثيل فيه، مؤكدا أن المرحلة الحالية هي مرحلة مؤقتة، ودور القوى والشخصيات التي اختيرت في هذا المجلس سيتركز على توطيد الأمن وإعادة الخدمات وتنظيم الحياة اليومية وبناء مؤسسات الدولة من جديد. واعتبرت بعض القوى والحركات والتجمعات السياسية التي لم تشارك في المجلس أن هناك محاولات لاستبعاد شريحة واسعة من ممثلي الشعب العراقي من مسئولية المساهمة في هذا المجلس.
وأشارت مصادر عليمة إلى أن الشريف علي بن الحسين راعي «الملكية الدستورية» يشعر بعدم ارتياح جراء استبعاده من عضوية المجلس نتيجة لتداعيات المشكلة التي نشبت بينه وبين أحد قادة حزب سياسي «كردي» في مؤتمر لندن الأخير للمعارضة العراقية بشأن بند «الاستفتاء الشعبي» بين خياري الملكية والجمهورية إذ أهمل التقرير النهائي للمؤتمر الاشارة الى هذه القضية.
وتوقعت المصادر بأن يعود الشريف علي الى لندن لمواصلة عمله السياسي من خارج المجلس الانتقالي، الى حين توافر الشروط والظروف المناسبة لعودته مرة أخرى الى بغداد.
ويبدو أن القوى التي شكلت المجلس الانتقالي قد حددت سلفا قوى المعارضة العراقية المقبلة للتشكيلة الحالية، اذ أشار بعض أعضاء المجلس الى أن الظروف العراقية الجديدة تتطلب أيضا أن تكون هناك معارضة لكي تمضي اللعبة الديمقراطية طبقا لأصولها المعروفة.
في الوقت ذاته توعدت منظمة جديدة تطلق على نفسها «جيش تحرير العراق» تشن المزيد من الهجمات المسلحة ضد القوات الأميركية في العراق مؤكدة أنها ستصعّد من هذه الهجمات في كل مكان في العراق وستلحق خسائر كبيرة في صفوف القوات الأميركية.
وطالبت المنظمة في بيان لها الدول الحليفة لواشنطن بألا ترسل قواتها لدعم واسناد القوات الأميركية لضبط الأمن، لأن هذه المنظمة ستعذب بقوة تلك القوات أيضا.
وكانت منظمات سرية مسلحة أخرى قد أعلنت عن نفسها من قبل وهددت هي أيضا بضرب القوات الأميركية أينما وجدت في العراق ومن بين هذه المنظمات، منظمة «سرايا المقاتلين» و«سرايا الفدائيين» و«حركة الجهاد العراقية» وغيرها.
وأمام هذا التصاعد في ظهور المزيد من المنظمات السرية المساعدة قامت القوات الاميركية أخيرا في تكثيف هجومها على التجمعات المشتبه فيها واقتحمت الكثير من البيوت والمرافق بحثا عن أنصار النظام السابق وما تدعى «بميليشيات حزب البعث وفدائيي صدام»، وكان آخرها الهجوم الذي شنته قوات الفرقة الأميركية الرابعة على طول الطريق السريع شمال وحول مدن بيجي والحويزة وسامراء، اذ قامت بضرب بعض البيوت وتفجير مواقع محددة واقتحام مناطق أخرى.
وفي خلال حركة انتشار القوات الأميركية كانت بعض الجماعات المسلحة العراقية تقاوم هذا الهجوم هنا وهناك مستخدمة طريقة «اضرب واهرب» ومازالت القوات الأميركية تواصل عمليات البحث عن المقاومين الذين يشنون هذه الهجمات. وأطلقت القوات الأميركية عدة أسماء على عملياتها المسلحة، فمرة سمتها بـ «شبه الجزيرة» وأخرى بـ «عقرب الصحراء» وأخيرا «ثعبان الصحراء» وهكذا دواليك. ويبدو أن العمليات العسكرية الأميركية المتصاعدة تواجه مصاعب ليست بقليلة، وخصوصا في المناطق القريبة والوسطى من العراق. بيد أن غالبية المحللين السياسيين العراقيين يتوقعون أن تطول هذه العمليات، وربما تحسم في نهاية الأمر بعد إلقاء القبض على الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، لأن الأميركان يدعون بأن هذه المقاومة يقوم بها أعضاء الرئيس ولكنها مقاومة غير منظمة
العدد 315 - الخميس 17 يوليو 2003م الموافق 17 جمادى الأولى 1424هـ