لم تكن الصدفة، وحدها هي التي أقنعت المساهمين في هذه الصحيفة بأن يختاروا «الوسط» اسماً لها. فقد كانت «الوسط» أحد الأبناء الشرعيين البررة لمشروع الإصلاح الذي قاده جلالة الملك في مطلع هذا القرن، والذي كان وسطياً في جوهره، وبعيداً عن أيِّ شكل من أشكال التطرف، اللهم إلا إذا اعتبرنا الرغبة في التطور والتغلب على العقبات التي يمكن أن تعوق تقدمنا نحو الأمام شكلاً من أشكال التطرف. من هنا فقد كانت التسمية تجسيداً حيّاً للمنهج الذي ارتأت الصحيفة أن تأخذ به، واستجابة منطقية للخطاب الذي سيحكم العلاقة بينها وبين قرائها، والقناة التي ستنظم الحوارات التي ستثيرها في صفوف من لهم علاقة بالشارع السياسي البحريني. وهكذا كان على مُسوِّقي الفكرة، التفتيش عن تلك المجموعة من فئات المجتمع التي تلتزم بـالوسطية «مذهباً فكريّاً» لسلوكها. وإذا كان النجاح في إقناع تلك الفئة بجدوى الوسطية استثمارياً، وعلى المدى البعيد، صعباً، فقد كان نقل ذلك إلى حيز التنفيذ، وإثبات صحته عملياً، أمراً أكثر صعوبة وأشد تعقيداً.
في خضم تلك الظروف، التي كانت تحاول أن تنتقل بالمجتمع البحريني إلى بيئة المشروع الإصلاحي الصحية، تم غرس فسيل «الوسط» في تربة «الوسطية» البحرينية الخصبة، وترعرعت في كنف الأقلام الوسطية النابذة للعنف بكل أشكاله كوسيلة للحوار بين مختلف أطياف المجتمع، سياسياً كان ذلك الحوار، أم اجتماعياً، بل وحتى عندما يتطور الأمر كي يصل بها إلى الحوار بين المذاهب. هذا يفسر رفض «الوسط» لكل الإغراءات، وبالقدر ذاته تمردها على جميع «الضغوط». جاءت «الوسط» إذاً منسجمة مع وسطية المشروع الإصلاحي، وتعبيراً حيّاً عن جدوى ما دعا إليه ذلك المشروع.
ويحق لنا نحن في «الوسط» أن نزعم أننا نجحنا في تشكيل حالة وسطية، بقيت صامدة ترفض الانحياز لأيِّ فكر يرفض، أو فئة تشذ عن، هذه الوسطية. وبقدر ما كان ذلك مثار إعجاب قراء «الوسط»، ومجتمعها الذي بنته بصبر، فقد كانت بالقدر ذاته سبباً مباشراً في إثارة حفيظة من شكلت تحدياً لهم دون أن تقصد ذلك، ما أدّى إلى بروز فئة وضعت نصب عينها وأد الوسطية كفكر، و«الوسط» الصحيفة كظاهرة.
رغم كل ذلك، صمدت «الوسط»، وأصرّت على أن تسير بكل حذر وسط حقول ألغام إغراءات المعجبين، وتهديد الحاسدين، وتمكنت من بناء كادر فني، يؤمن بالوسطية مهنة، ويتقيد بكل قوانينها عملاً.
وفق هذه الحرفية «الوسطية»، كانت «الوسط» تختار كوادرها المهنية، وعلى أساسها كان يجري اختيار موادها، وبموجبها كان يتم توزيع محتوياتها، دون أن يكون ذلك على حساب المبادئ العامة المنطلقة من الدفاع عن المصالح الوطنية العامة، والتمسك بالقيم الوظيفية الراقية.
حتى في خضم الأحداث الأخيرة، حاولت «الوسط»، قدر استطاعتها، أن تحافظ على ذلك السلوك الوسطي، ليس من أجل أيِّ شيء، سوى إيمانها العميق، بأنها، أي الوسطية، السبيل الوحيد لحل المشكلات التي تواجه المجتمع البحريني، تشهد على ذلك مواد «الوسط»، وطريقة معالجتها للأحداث.
لا يساورنا الشك في أن تلك الوسطية، لا يمكن أن ترضي الجميع، فهناك بطبيعة الحال من تتعارض مصالحه وتلك الوسطية، التي يجد فيها تحدياً مباشراً لفكره المتطرف، نحو اليسار، وربما نحو اليمين أيضاً. هذا لا يعني إطلاقاً أن «الوسط» حققت كل ذلك دون خطأ غير مقصود هنا، أو انحراف بسيط غير جوهري هناك. لكن كل تلك الانحرافات تؤكد المقولة المكررة «جَلَّ مَنْ لا يُخطئ»، أو بعبارة أخرى، ليس هناك من معصوم من الزلل. لكن ما كان يميز «الوسط» هنا، هو استعدادها للعودة إلى «وسطيتها»، دون أية مكابرة، ورفضها الدفاع عن الخطأ لتبرير ارتكابه، أو التتشبث به، بل كانت تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، عندما تبدي اعتذارها للقارئ، دونما أيِّ تلكؤ، عندما تجد نفسها أن انحرافها تجاوز ما هو مقبول في المنهج «الوسطي».
واليوم، ونحن على أبواب الخروج من عنق الزجاجة، لا يسع «الوسط»، إلا أن تعد قراءها باستمرار تمسكها بتلك الوسطية، وعدم استعدادها للتفريط بها، مهما كان الثمن باهظاً والتضحيات جسيمة. فالرسالة التي نريد أن تصر «الوسط» على أن ترسلها لقرائها الكرام، أنها صحيفة الوسط، سواء كان هذا الوسط تكتلاً اجتماعياً أم سياسياً بل وحتى فكرياً، وليس هناك ما يريح «الوسط» الصحيفة، ويثلج صدرها، إلا بروز «الوسط» كظاهرة، واستمرارها كمذهب، وتطورها ككتلة اجتماعية
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3132 - الإثنين 04 أبريل 2011م الموافق 01 جمادى الأولى 1432هـ
نتمنى ذلك ياحبيبي
شكرا لك
الى الشريف ابن الشريف
شكرالك أيه الدكتورالعزيزالوطني لقدناضلت كثيرامن اجل وطنناالغالي ولكن لا ولن يعرف وطنيتك الاالوطني الحر الاصيل ،وانا كنت من المتابعين لكتاباتك المعتدلةومارايت الا الكلمات التي تسعى للم الشمل والوحدةالوطنيةالصريحة،واتمنى يادكتورناالموقر الا يقدم قلمك الحرالجري استقالته،فنحن في امس الحاجةلكلماتك التي تبلسم الجراح وترأب الصدع ،وانا على يقين انك سوف تطل علينا بمقالاتك في اقرب وقت............
كنتم كلكم وعلى رأسكم الدكتور منصور ملاذا للوسطيين
لم يكن متوقعا أن تتهم الوسط في شيء من الأمور التي حدثت لأن خطها كان وسطا وكانت تنقل كلا وجهتي النظر حتى في الأحداث الأخير تضع الوسط الحدث وتضع تفسير وزارة الداخلية عليه ولا تتبني أيا من الرأيين. فقط تنقل الخبر حسب الروايتين.
وهذه هي الوسطية ولا اعتقد في أن مثل هذا الطرح يمثل إزعاجا لأحد. وقبل يومين من أستقالة الدكتور منصور كان ينصح الوفاق بالعودة إلى البرلمان. لذلك كان خطكم كلكم أبناء الوسط
وسطي بمعنى الكلمة أعانكم الله على جهودكم
معلمي الأول
شعور لا يمكن أن أصفه من الحزن انتابني وأنا أقرأ المقال، حزنا على مغادرة د منصور الجمري للوسط، اتمنى التوفيق لك يا من انطلق ابداعي من أروقتها، ......... تلميذتك: فرح
ابحث عنك
اخذت اتصفح في كل الأعلدة علني اراك استاذي الفاضل منصور الجمري لكن غابت صورتك من الجريدة ولكن كلامك لم يغب ونتمني ان تبقى جريدة الوسط كما عودتنا نبراسا مضيئا دائما
ليتك عجلت بالمقال قبل 14 فبراير
سيدي الكريم انا اؤمن بالوسطية و انبذ الطائفية و الحمد لله ديننا يحثنا على الاعتدال بكل شيء حتى الحب
اي كانت اصنافه
اتمنى ان تقبل الوسط ردودنا طالما نحن لا نسيء الادب و نعرف لغة الحوار و نعرف ان الجدال بالتي هي احسن
اتمنى مع رئاستك الجديده نرى الوسط الوسطية و تحاسب الاقلام التي تاخذ التطرف و تبدأ بالعودة الى الوسطية بطرح كل الافكار
سنراقب الوسط الان و سنضعها تحت المجهر وارجو ان لا يخيب ظني فيها ,,,
الدكتور منصور
تحية إكبار للدكتور منصور الجمري الذي بقى جمرة متقدة بالكلمة الحرة النزيهه في وقت انحسر جل الاْقلام عنها فأما الزبد فيذهب جفا وأما ما ينفع الناس فيبقى ويبقى ويبقى
نسأل المولى تعالى لكم السداد
و أن لا تصادروا تعليقاتنا.
الأيام القادمه كفيله
الأيام القادمه كفيله بتبيان ماقلتم و الكلمه الحره والكلمه الحقيقة هي الوسطيه وهي المنشوده والتي ينتظرها القارئ دائما لتحقيق العدل له فانتم أحد أدوات العداله في المجتمع
خسارة الوسط الاتعوض
خسرة الصحافة البحرينية الرجل الغيور د.منصور الجمري
الرجل الذي حمل هم الوطن والمواطن ..وهو صاحب خبرة طويلة لاوضاع البحرين السياسية والاقتصادية وغيرها وكما له معرفة دقيقة بشؤون المنطة العربية والدولية ,,لك مني كل الحب والاحترام يا ابن الجمري العظيم
نأمل ذلك....
نتمنى ان تكون الوسط كما عودت قراءها على الوسطية.
ونسال الله العلي القدير ان يجازي كل العاملين خير الجزاء ولا سيما الدكتور منصور الجمير فله كل الشكر والاحترام
ام حسين
نتمنى ان تبقى الوسط كما عهدناها صوت الحق والصدق في زمن ندر فيه الحق والصدق وهذا سبب تعلقنا بها
دمتم موفقين
كلماتك طمئنتنا بأن الوسط ستبقى وسط
صباح الخير
مقال جميل وكلمات تنم عن روح وطنية شريفة ونزيهه..حقا خير الأمور الوسط ،، وهذا ما دفعنا للتعلق بهذ الصحيفة.. وبكتابها الأشراف.. وأنا كشخص فالوسطية هي منهجي
رغم اني دمعت عيني عندما لم أرى العمود اليومي لصاحب القلم الحر والوسطي (دكتور منصور الجمري) الا ان كلماتك طمئنتنا بأن الوسط ستبقى وسط
ان شاءالله
نتمنى ذلك من صميم القلب