بالأمس القريب تناقلت وكالات الأنباء العالمية خبر الزلزال المدمر الذي ضرب السواحل الشرقية الشمالية للإمبراطورية اليابانية وما صاحبه من تسونامي مياه البحر العاتية التي كانت على ارتفاع أكثر من (24) أربعة عشر متراً ما جرف معه العديد من المنازل والبلدات وقتل أكثر من 16 ألف ياباني وشرد أكثر من مليونين.
زلزال وتسونامي اليابان لم يكتف بهذه الخسائر بل طال التسونامي المفاعل النووي المسمى «فوكوشيما» الذي دمر فيه لغاية الاسبوع الماضي أربعة مفاعلات نووية.
لقد بلغت خسائر اليابان جراء هذه الكارثة التي أصابتها نحو 210 مليار دولار، والتي هبت معظم دول العالم لمساعدة تلك الإمبراطورية المنكوبة.
العديد من الخبراء والباحثين اكدوا ان ما حصل لليابان لو جرى في مكان آخر لكانت النتيجة والخسائر أكبر وأفظع، لكن اليابان التي تعودت على الاستعداد لكوارث الزلازل كانت أكثر صبراً على الكارثة من سواها.
تقع إمبراطورية اليابان شرق الكرة الأرضية وهي أول من تخرج عليها الشمس لذلك اتخذت لنفسها علماً هو عبارة عن قطعة مستطيلة بيضاء بها دائرة حمراء ترمز للشمس وهي كذلك تسمى في المورثات الشعبية العالمية بلاد الشمس أو الساموراي.
يحكم هذه الإمبراطورية حالياً الإمبراطور «هيروهيتو الابن»، وهي تبلغ من حيث المساحة نحو 310 ألف كيلومتر مربع، وعدد سكانها نحو 130 مليون، معظمهم من كبيري السن. وهي تتكون من أربع جزر كبيرة يربطها ببعضها البعض عدة جسور وأنفاق عالية التقنية، وبرغم ما مر على هذه الدولة من كوارث، آخرها كانت الحرب العالمية الثانية، حيث قامت القوات الأميركية بقصفها بقنبلتين نوويتين في منطقة هيروشيما وناكازاكي وعلى إثرها قتل أكثر من 200 ألف وشوه أكثر من 5 ملايين ياباني، وبرغم كل تلك المحن الكبيرة خرجت هذه الإمبراطورية من تحت الرماد كمارد اقتصادي عملاق بحيث تعد حالياً ثاني أكبر اقتصاد عالمي بعد الولايات المتحدة الأميركية، ويقدر ناتجها القومي (GDP) نحو 7000 تريليون دولار.
المعروف عن اليابان أنها متطورة في جميع المجالات الحياتية وهي بالطبع دولة ديمقراطية على النمط البرلماني الغربي، بحيث أن الحزب الفائز في الانتخابات العامة يشكل الحكومة وهذا النمط من الديمقراطية موجود ومتبع في كل الدول الديمقراطية الغربية.
فيما يتعلق بالزلزال أو التسونامي الأخير الذي ضرب اليابان فيعتقد على نطاق واسع بأن الكارثة النووية التي تعيشها اليابان الآن تعد أسوأ من حادثة مفاعل «شيرنوبل» التي حدثت قبل نحو ربع قرن في الاتحاد السوفياتي السابق (في منطقة جمهورية أوكرانيا حالياً)، بحيث أن الكارثة الحالية في اليابان هي تعرض مئات الأطنان من الوقود المستنفد وعالي الإشعاع وانبعاث الجسيمات المشعة إلى الغلاف الجوي وفقاً لتقديرات بعض علماء الذرة الحاليين، لذلك صرح عالم الفيزياء النووية «بان بيبا» أن هناك احتمالات بنسبة 50 في المئة بأن الحكومة اليابانية الحالية ربما تخسر المفاعلات الستة وأحواض التخزين بعد هذه الكارثة، وقال وهو من الخبراء المتخصصين في تصميم المفاعلات النووية «أنا مندهش لتدهور الوضع بسرعة في تلك المحطة (أي محطة فوكوشيما) وإن المحطة النووية اليابانية قد أصيبت بأضرار مهمة جداً وهو يقدر بأنه يوجد داخل تلك المحطة نحو 1700 طن من الوقود النووي المستهلك، مخزن في برك التخزين بجانب ستة مفاعلات نووية، وأن مجمعات التخزين قد جمعت في فترة تراوحت بين 30 و35 سنة وطوال هذه المدة استطاعت أن تخزن الكثير من الوقود المستنفد في المفاعلين رقم 3 و4 ومعظمها غير محمية بالمياه المبردة ويمكن أن تصهرها النار».
وبيّن العالم النووي أنه إذا انبعث الوقود المستهلك وانتشر فقد تتلوث مناطق ضخمة من الإمبراطورية اليابانية بمادة السيزيوم المشع رقم (137) لمدة ربما تفوق 50 سنة ويعرف عن مادة «السيزيوم رقم 137» بأنها تبقى مشعة لأكثر من 100 عام قادمة وأنها واحدة من مسببات مرض السرطان والكثير من الأمراض والمشاكل الصحية في العالم، وأشار الى أن سبب عدم صلاحية منطقة شيرنوبل في جمهورية أوكرانيا للسكن أو الزراعة أو تربية الماشية حتى بعد مرور أكثر من ربع قرن (حدثت الكارثة في العام 1986م)، وقارن بين الكارثتين بالقول كان في محطة شيرنوبل نحو 180 طناً من الوقود النووي المستهلك بخلاف محطة فوكوشيما اليابانية التي يقدر مخزونها النووي من الوقود المستهلك نحو 1700 طن، لذلك لا غرابة أنه ربما لا تصلح تلك المنطقة للسكن حتى على بعد 75 إلى 100 كيلومتر من الموقع المتضرر بسبب تواصل الإشعاع النووي المنبعث من منطقة الكارثة اليابانية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه حالياً هو بعد دمار المحطة النووية (فوكوشيما) في اليابان وهي التي لديها الكثير من تلك المحطات النووية التي تحتاجها في سبيل تقليل التكاليف والاستمرار في عجلة التطور الصناعي الكبير: ما هي قانونية بناء محطات بالقرب من المناطق السكنية حتى في الدول الديمقراطية من العالم ومنها الإمبراطورية اليابانية؟، ولاسيما أننا نشاهد الآن الكثير من الدول الصناعية الكبيرة مثل جمهورية ألمانيا الاتحادية وبريطانيا العظمى وكوريا الجنوبية والصين الشعبية وجمهورية تركيا وغيرها من الدول الكبيرة بدأت تراجع خططها وحساباتها تحسباً لمثل تلك الكوارث الكبيرة على بلدانها برغم أنها دول متطورة جداً في جميع المجالات.
لنتخيل أن هذه الكارثة النووية حصلت في دولة افريقية أو آسيوية أخرى من الدول الفقيرة وقليلة الحيلة، فإن تلك الكارثة ربما كانت ستقضي على شعب تلك الدولة بأكمله.
نترك الآن كارثة اليابان لنعود إلى زلزال وتسونامي الدول العربية، والذي بدأ بتاريخ 14 ديسمبر/ كانون الأول 2010 في الجمهورية التونسية، حيث كلفت الاحتجاجات الشعب التونسي نحو 77 شهيداً و200 جريح، لكنها بالمقابل أدت إلى خلع رئيس تلك الجمهورية زين العابدين بن علي من الحكم بعد أن قام الشاب التونسي محمد البوعزيزي بحرق نفسه في منطقة ولاية سيدي بوزيد، وبعد حادثة انتحار بوعزيزي شبت الانتفاضات العارمة في باقي أرجاء تونس حتى هرب ذلك الرئيس الحديدي بعد حكم بوليسي قمعي دام 23 سنة.
بعدها اجتاحت الانتفاضات الشعبية جمهورية مصر العربية بتاريخ 25 يناير/ كانون الثاني 2011 واستطاعت تلك الانتفاضة من إسقاط نظام الرئيس المصري السابق حسني مبارك بعد أكثر من 30 عاماً قضاها في الحكم وهو الذي كان نائباً للرئيس المصري السابق أنور السادات وخلفه بعد اغتياله خلال استعراض عسكري في العام 1981، بعدها زحفت تلك الانتفاضات الى مناطق عربية أخرى من بينها ليبيا التي اشتد القتال فيها وقمع الشعب حتى أصدرت الأمم المتحدة ومجلس الأمن قرار رقم 1973 القاضي بحماية الشعب الليبي من بطش نظامه وحالياً تقوم جيوش 32 دولة بفرض حصار جوي وبحري وربما حصار أرضي على ليبيا.
وبالاضافة الى ليبيا هناك اليمن، حيث الوضع متشنج جداً في ظل حالة من المد والجزر بين المعارضة وحكم الرئيس علي عبدالله صالح الذي يحكم اليمن منذ العام 1978م، بحيث يحتشد الملايين في ساحة التغيير في وسط العاصمة اليمنية (صنعاء) من المعارضين للحكومة يقابلهم عشرات الآلاف من المؤيدين للحكم يحتشدون في ساحة «السبعين» في صنعاء.
وأخيراً في سورية، دخلت على الخط المظاهرات التي حصلت في مدينة درعا.
لذلك يعتقد على نطاق واسع بأن الدول العربية لم تستفد من موجة التحولات الديمقراطية التي حصلت في بلدان أوروبا الشرقية في عقد التسعينيات عندما تساقطت الدول الاشتراكية والشيوعية في أوروبا الواحدة تلو الأخرى وحتى انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهى معه حلف وارسو.
اليوم يعتقد بأن الولايات المتحدة الأميركية ومنظريها قد غيروا من مفاهيمهم للدول ولمصالحهم المرتبطة معها وعندهم لم تعد المصالح مرتبطة بالمحافظة على أنظمة استبدادية مقابل المحافظة على المصالح الأميركية، بل المفكرون الأميركان ومعهم المنظرون الاستراتيجيون يعتقدون أنه من الأفضل للولايات المتحدة الأميركية على المدى البعيد أن تربط مصالحها مع دول ديمقراطية وهذا ما حصل مع النظام المصري والتونسي السابقين وهما كانا نظامين حليفين جداً للولايات المتحدة الأميركية لكنها تخلت عنهما في سبيل السير لتحقيق مفهومها الجديد للعالم، لذلك نحن نعتقد بأنه حان الوقت على جميع دول المنطقة أن تفكر في عمل إصلاحات داخلية حقيقية تحميها من الهزات والحاجة إلى حماية دولية ربما تأتي أو ربما لا تأتي وبالتالي تتعقد أوضاع هكذا دول مع شعوبها.
كذلك لو أن الدول العربية احترمت دساتيرها ولم تقم بتحريفها وتغيرها بين الفترة والأخرى بدون موافقة شعوبها لما حصلت هذه الثورات ولأصبحت هذه الدول في منأى من هذه المشاكل التي عكرت وأخرت خطط التنمية وأرهقت الجميع من دول وشعوب المنطقة العربية
إقرأ أيضا لـ "أحمد سلمان النصوح "العدد 3130 - الجمعة 01 أبريل 2011م الموافق 27 ربيع الثاني 1432هـ
لا
ان التقرب من اللة فى هذة الاوقات امر هام جدا
فهيا يا ابناء واخواتى فى الاسلام
هيا الى الصلاة والايمان اكثر باللة
انظروا الان الى ما يحدث فى العالم كلة
هذا دليل واضح و انذار موجة للكل
توبووووووووووووا الى اللة
الللللللللللللللللللللللة