تعج مملكة البحرين اليوم بالكثير من العمالة المنتمية لمختلف الجنسيات، ومن الوارد أن تكون داخل هذه العمالة مشاكل، خصوصا وأن معظمهم من جنسيات آسيوية أي غير مواطنة، وقد تكون لديها قضايا تتعدى محيطها لتصل الى أصحاب أو أرباب العمل البحرينيين أو أرباب العمل أصحاب الشركات العاملة في مملكة البحرين أو أصحاب العمل الأجانب من مالكي أو ممثلي الشركات والبنوك العابرة للقارات.
إن وضعاً كهذا (وجود مشاكل داخل العمالة) يوجب خلق أنظمة ضابطة لعمل هذه العمالة لضمان حقوقهم، مما يعني خلق نظام وقانون يلجأ إليه كل واحد من طرفي المعادلة، أي معادلة سوق العمل وهم «العمال، أصحاب الأعمال، والسوق»، أو حتى بين المواطنين أنفسهم أو المواطنين والمقيمين... الخ.
هذا الوضع دفع الدولة الى إصدار قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية الذي صدر بمرسوم بقانون في العام 1976، ويقضي بإصدار قانون العقوبات الذي أوجد صيغة قانونية وعقوبة لكل جرم يرتكب بحق الدولة من قبل المواطنين والمقيمين، وبحق المواطنين والمقيمين من قبل الدولة نفسها، وبحق الغير من المواطنين أو بحق المقيمين من سياح أو عاملين.
كذلك وتماشياً مع نفس الإطار وبهدف تلاقح الأفكار بين قانون العقوبات وجب إيجاد من يقوم بمهنة «المحاماة» التي هي في العادة يقوم بها أهل الاختصاص القانوني الذين يأخذون على عاتقهم مشقة تفسير القوانين لما فيه صالح الدولة والنظام العام وموكليهم، لذلك صدر قانون ينظم مهنة المحاماة رقم (26) لسنة 1980 نص على إصدار قانون المحاماة الذي احتوى على ما مجموعه (50) مادة أشرت إلى من له الحق في ممارسة تلك المهنة.
وقد نصت مواد قانون المحاماة المواد رقم (1، 2، 3، 4) من نفس القانون على اشتراطات ممارسة مهنة المحاماة وحقوق وواجبات المحامين، أما بالنسبة الى أتعاب المحامين وهي محور حديثنا في هذا المقال، فقد أوضح قانون المحاماة في المواد من (30 لغاية 38) ماهية أتعاب المحامي وكيفية تقديرها وكيفية المعارضة في تقديرها ومن هي الجهة التي لها الحق في تقديرها.
في العام 1999 تم تعديل بعض أحكام قانون المحاماة الصادر بمرسوم بقانون رقم (26) لسنة 1980، وقد نص التعديل في المواد رقم (1، 2) على الآتي: يستبدل بنص الفقرة رقم (2) من المادة رقم (4) من قانون المحاماة الصادر بالمرسوم بقانون رقم (26) لسنة 1980 النص التالي: «شغل الوظائف العامة في الدولة أو التوظف في إحدى الهيئات العامة أو المؤسسات العامة أو الشركات أو التوظف لدى البنوك أو الجمعيات والأفراد وذلك فيما عدا الحالات التي يصدر باستثنائها مرسوم بناء على توصية من مجلس الوزراء».
هذا التعديل تم إدخاله - حسب ما اعتقد وربما يشاطرني الكثير من الإخوة ذوي الاختصاص- بهدف الاستفادة من الخبرات المتراكمة لدى بعض ممتهني المحاماة والسابقين، والذين ترغب الحكومة في إسناد بعض الوظائف لهم بصفةٍ مؤقتة وهذا العمل على ما أعتقد لا يوجد غبار عليه لان المستفيد في البداية والنهاية من ذلك هو الوطن والمواطن، وإذا ما عدنا الى قانون المحاماة في جمهورية مصر العربية، واطلعنا على ما تضمنه بشأن أتعاب المحامي وتقديرها وامتيازها، نلاحظ على قانوني المحاماة (المصري والبحريني، واللذين لم نستطع الإسهاب في ذكر تفاصيلهما) أنهما متشابهان بشكل شبه كامل.
لكن يبقى الموضوع الأهم هو كيفية تقدير أتعاب المحامي، حيث يبالغ الكثير من المحامين في تقدير أتعابهم بحجة سداد تكاليف المكتب وتشغيله، وكذلك عدم وجود دخل آخر لهم واعتمادهم كلياً أو شبه كلي على ما يحصلون عليه من أتعاب المحاماة التي يصفونها بغير الكثيرة وغير دائمة التحصيل والعسيرة، خصوصاً في التعامل مع المواطنين العاديين، لكن هذا لا يصلح مبرراً للحصول على أتعاب مبالغ في تقديرها، لذلك نعول على جمعية المحامين بصفتها الجمعية المسئولة عن عمل وتنظيم هذه المهنة والدفاع عنها وهي التي تراقب حسن أدائهم وتراقب كل ما يرد إليها بخصوصهم وفقاً لمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 1989 بإصدار قانون الجمعيات والأندية الاجتماعية والثقافية والهيئات الخاصة.
أيضاً نحن نعول على وزارة العدل والشئون الإسلامية وفقاً للمرسوم الأميري رقم (89) لسنة 1999 بتشكيل الوزارة، وكذلك المرسوم الملكي رقم (59) لسنة 2010 بتشكيل الوزارة الصادر بتاريخ 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2010م، بعمل جداول توضح النسبة والتناسب بين قيمة الدعوى ورسومها وأتعاب المحامي في كل دعوى على حدة، وخصوصاً الدعاوى الجنائية. كذلك يتوجب عليهم عمل نظام يقوم بقبول تلقي الشكاوى التي ربما ترد إليهم بخصوص هذه المواضيع أي المبالغة في تقديرات المحامين لأتعابهم، وإذا كان هناك فعلاً نظام متبع داخل هاتين الجهتين (الوزارة والجمعية) وجب عليهما توضيحه بين الحين والآخر لجمهور المواطنين والمقيمين، أما عبر الصحف المحلية والتلفزيون المحلي والإعلان عنه بين الفترة والأخرى من خلال إيجاد هاتف ساخن لتلقي المكالمات فيما يتعلق بهذه المسألة التي مازال يعاني منها الكثير ممن تعاملوا مع المحامين في الكثير من الحالات
إقرأ أيضا لـ "أحمد سلمان النصوح "العدد 3124 - السبت 26 مارس 2011م الموافق 21 ربيع الثاني 1432هـ