العدد 3118 - الأحد 20 مارس 2011م الموافق 15 ربيع الثاني 1432هـ

العرب... ربيعٌ أم خريف؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بدأت سلة الأخبار صباح أمس بخبر استقالة وزيرة حقوق الإنسان في اليمن من منصبها في الحكومة والحزب الحاكم احتجاجاً على قمع المتظاهرين. وقبل الظهر أعلن الرئيس يوم حداد وطني لمن أسماهم «شهداء الديمقراطية»، الذين قنصتهم قواته بعد خروجهم من صلاة الجمعة.

في سورية التي دخلت على خط النار، جُرح مئة شخص إثر استخدام الرصاص ومسيلات الدموع. وفي سلطنة عمان خرج مئتا متظاهر في قطاع النفط للمطالبة بتحسين الأجور. أما في المغرب فقد خرج الآلاف للمطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية.

بحرينياً، استيقظ الناس على خبر إرسال بعثة طبية كويتية، تضم 54 طبيباً ومستشاراً وهيئة تمريضية، مزوّدةً بالمركبات والتجهيزات المطلوبة لإقامة مستشفى ميداني، على أمل أن يعوّض النقص الكبير في الخدمات الطبية بعد محاصرة مستشفى السلمانية المركزي. المبادرة الكويتية عنونت باسم «حملة إنسانية لشعب جريح»، وأعلن القائمون عليها عن استعدادهم لإرسال المزيد إذا دعت الحاجة. ولكن وصول تعرقل لعدم تمكنهم من عبور الحدود الكويتية، واختلفت الأنباء، مما حدى بمسئول رسمي للاعلان ان البعثة ستتأخر حتى اليوم الأثنين.

يأتي ذلك بينما مازالت المناشدات بكشف مصير عشرات المفقودين والمعتقلين، الذين من بينهم عدد من الأطباء، لعل أشهرهم علي العكري، الذي لعب دوراً بارزاً في عمليات إنقاذ الجرحى منذ يوم الخميس الدامي، وإعلانه الاحتجاج على موقف وزير الصحة السابق بمنع الإسعاف من الوصول لمنطقة الكارثة. وهو يمثل نموذج الشخصية البحرينية المعطاءة، تعرّفت عليه خلال الأسابيع الأخيرة، بين طوارئ السلمانية أوقات الدوام، والخيمة الطبية بدوار اللؤلؤة في الليل. شخص طيب متواضع، منفتح، تلقائي، فيه الخصال الطيّبة التي تميّز الشعب البحريني. كان من بين مرضاه أربعةُ (سيدتان ورجلٌ وشاب) عالجهم الخميس قبل الماضي، ممن قيل إنه يرفض علاجهم، وخرجوا يشكرونه، وافتقدوه الخميس الماضي.

مثل هذا النموذج الوطني المشرّف، الذي كان في أول بعثة بحرينية طبية لإغاثة أهلنا في غزة، دون أن يفكّر بالسؤال عن انتمائهم الطائفي، وعلاج مصابيهم. والتزم باحترام القسم الطبي وقام بوظيفته على أكمل وجه، تعرّض لحملة إعلامية آثمة ظالمة، قدّمته - وزملاءه - في صورة من انتهك قوانين الأرض وشرائع السماء! وهي من المفارقات العجيبة التي يتصدى فيها إعلامٌ حكومي لتشويه كوادره وكفاءاته، ويقدّم شعبه المتحضر المسالم في صورة شعب عدواني، ويشارك في إثارة الفتنة والشقاق وزيادة تشطير المجتمع.

وأنا أكتب هذه السطور، (التاسعة وأربعين دقيقة مساءً) يذيع تلفزيون «الكوت» خبر إقالة علي عبدالله صالح حكومته، ويجري اتصالاً مع الطبيبة فريدة الدلال عن زوجها العكري، حيث تتحدّث عن واقعة اعتقاله، وتطالب بإطلاقه فوراً لأنه لم يقم بغير واجبه وخدمة شعبه، وكافأه تلفزيون البحرين بالقذف وتشويه السمعة والتحريض عليه، بعد أن أصبح علاج المصابين تسييساً، والاستجابة لنداء الضمير جناية، وإنقاذ أرواح البشر جريمة.

صباح أمس، اعتصمت مجموعة من النواب السابقين والمستقيلين، أمام مبنى الأمم المتحدة للمطالبة بوقف الانتهاكات الجارية، وبموقف دولي عاجل يتجاوز الاستنكارات والتعبير عن القلق. وبعث المعتصمون من دورات انتخابية مختلفة، برسائل للأمين العام للأمم المتحدة؛ ورئيس الجمعية العمومية للأمم المتحدة للدورة الحالية؛ والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، مؤكدين فيها الحق بالمطالبة بحقوقه الأساسية بكافة الطرق السلمية.

في الساعة الخامسة مساءً، عقدت الجمعيات السياسية المعارضة مؤتمراً صحافياً، بعد أربعة أيام فقط من مؤتمرها السابق. حرصت على الحضور هذه المرة لمتابعة المستجدات، فلاشك للمعارضة رأي مهم في الموضوع، بدليل زيادة حضور المراسلين الأجانب، من قنوات وصحف أميركية وأوروبية كبرى.

المؤتمر افتتح بتعليق صورة لأمين عام جمعية «وعد» إبراهيم شريف، المعتقل منذ أيام مع شخصيات أخرى، واتهموا بأنهم رؤوس الفتنة، والتخابر مع دول أجنبية، وزعزعة الأمن والاستقرار. وكل منها تكفي للحكم بالإعدام أو السجن المؤبد! وعلّق على ذلك النائب السابق عبدالنبي سلمان بأنها تهمٌ اعتاد عليها الشعب البحريني منذ خمسين عاماً، وأيام هيئة الاتحاد الوطني.

المؤتمر بدا بتلاوة بيان الجمعيات عن خطورة الأوضاع السياسية، واختفاء عشرات المواطنين في ظروف غامضة، والتعرض للعمال والموظفين وهم في طريقهم لأعمالهم، وتعرض مقار بعض الجمعيات للتحطيم والحرق. وانتقد البيان الدخول في هذا النفق المظلم، الذي وضع البلد في منطقة تجاذب إقليمي، والإصرار على النهج الخاطئ باتهام المعارضة برفض الحوار.

المؤتمر استمر ساعتين، تحدّث فيهما ممثلو الجمعيات السياسية، بما يحتاج إلى مقال آخر لعرضها، وخلال هذه الفترة قطع الشيخ علي سلمان كلامه مرتين. المرة الأولى ليعلن عن منع القافلة الطبية الكويتية عند منطقة الخفجي وإعادتها للكويت، وقال: «هذا ما وصلنا الآن»، دون أن يتحمل مسئولية صحة الخبر، ولكن تبيّن صحته بعد فترة وجيزة. أما المرة الثانية، فليعلن عن وصول قائمة بأسماء أربعة ضحايا جدد، بينهم سيدة في الثلاثينيات من عمرها، أكثرهم قضوا بالرصاص. وعلّق بأسى وغضب ظاهر: «أيّ عاقلٍ في العالم يمكن أن يطالب معارضةً بالذهاب إلى حوار تحت تهديد التصفية والسلاح»؟

حسن العالي (التجمع القومي)، أشار إلى تحمل الجمعيات السياسية في مواقفها ومسيراتها قبل وبعد 14 فبراير/ شباط بمنتهى المسئولية والسلمية، التي رفعت مطالب مشروعة ذات طابع عالمي إنساني، لم تستحق كل هذا العنف والتوتير الطائفي عالي النبرة، الذي هدف إلى افتعال خلاف لجر الحركة السياسية إلى الساحة الطائفية، وإشاعة الإعلام الرسمي الكراهية والحقد وتمزيق أواصر المجتمع الواحد

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3118 - الأحد 20 مارس 2011م الموافق 15 ربيع الثاني 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 34 | 2:54 م

      نريد تحليل وحلول لا سرد وقائع

      نريد تحليل وحلول لا سرد وقائع .... لأن التقنية أصبحت أكثر جاهزية لنقل الاخبار فتضييع المقال على سرد الأحداث لا يفيد في شيء

    • زائر 33 | 1:42 م

      بسم الله الرحمن الرحيم

      شعرة معاوية قطعت، و لا أعتقد بوجود تكنولوجيا حاليا" لإرجاعها و تصليحها. إنكشفت كل الأوراق و إنكشف الناس، كل الناس على الحقيقة الكارثية. قال تعالى:"و من يعمل مثقال ذرة خيرا" يرى و من يعمل مثقال ذرة شرا" يرى".

    • زائر 32 | 12:08 م

      الوسط

      شكرا لكم
      شكرا لكم
      شكرا لكم

    • زائر 27 | 10:19 ص

      خريف وليس ربيع

      شعب مصر وتونس فازوا بها. حركة سريعة ولكن من جاء بعدهم اصبح حركته اصعب. انه خريف وليس ربيع طويل.

    • زائر 21 | 5:32 ص

      مقالات أم أخبار

      انا من المتابعين باستمرار لمقالات الاستاذ قاسم حسين .. ولاحظت في الفترة الاخيرة منذ اندلاع الازمة في البحرين ان السواد الاعظم من مقالاته تحولت إلى مايشبه السرد الخبري لسير الاحداث داخل وخارج المملكة وهو الامر الذي يجعل المتلقي في حيرة من امره .. فهل ما يقرأه هو مقال يعبر عن رأي الكاتب الشخصي فيما يجري من احداث (وهو الأمر المفترض في مفهوم المقالة الصحفية).. أم هو استعراض لاخبار يفترض ان يكون المتلقي تابعها سواء في الفضائيات او الصحف .. مجرد تساؤل نطرحه على الكاتب الكريم

    • زائر 18 | 4:20 ص

      دعاء

      يا رب ارجع المفقودين و شافي الجرحى و تقبل الشهداء و صبر ذويهم و انتقم من الظالمين

    • زائر 17 | 4:13 ص

      ما حدث ويحدث في البحرين مفخرة ...وأي مفخرة

      لو لم يكن إلا الشهداء مشهدا ً على الإباء والكرامة لكان يكفي.لو لم يكن إلا خروج النساء الزينبيات من خدورهن بشكل غير مسبوق لكان يكفي.لو لم يكن إلا وقفة الكوادر الطبية بالشكل المشرف وبما يملي عليهم إنسانيتهم لتلبية نداء الواجب والضمير لكان يكفي.لو لم يكن إلا توصيل صوتنا الهادر إلى العالم لكان يكفي. لو لم يكن إلا فضح هذا النظام الذي ضاق بالبشر والحجر لكان يكفي.إن شعباً بنسائه ورجاله وشبابه وأطفاله وصدره العاري يواجه بالجيش والشغب وقوات الأمن والحرس الوطني وجحافل درع الجزيرة لهو عصي على الموت والفناء

    • زائر 12 | 2:44 ص

      بتوفيق

      الى الامام سوف نفتخر بهذا القلم الى الأبد.

    • زائر 5 | 1:22 ص

      للعلم

      الدكتور علي العكري دخل غزة بعد القصف مع زميله الدكتور نبيل تمام بعد ان وقعا على تعهد ان دخولهما على مسئوليتهما الشخصية دون غطاء من اي منظمة مدنية دولية وانهيا مهمتهما الانسانية و هم في قلب الخطر ,

اقرأ ايضاً