بتاريخ 14 فبراير/ شباط 2011م تحرك الشباب البحريني الذين لم يجدوا أمامهم أي متنفس بخصوص الأوضاع التي كانت ومازالت سائدة داخل مملكة البحرين.
وقد اتخذ هؤلاء الشباب،وهم من مختلف المشارب والاعمار والأطياف من مركز دوار اللؤلؤة مقراً لهم لإيصال وجهة نظرهم إلى أصحاب الشأن في مملكة البحرين، وقد تواصلوا مع بعضهم البعض عبر شبكة الانترنت وخصوصاً موقعي التواصل الاجتماعي العالمي المعروفين عالميا «فيسبوك، وتويتر» وغيرها من الأجهزة وأجهزة الهاتف النقال والتي سهلت تلك العملية على معظم شعوب العالم وقللت من إمكانية أن تقوم الأجهزة الحكومية لوزارات الداخلية والمراقبة في معظم دول العالم على ملاحقة تلك المواقع مما أهل الشعوب العربية التي ثارت على أوضاعها أن تتواصل مع بعضها وتنجز ما ترغب في إنجازه مثل نقل الأحداث بالصورة والصورة الحية لكل حدث يحدث داخل مجتمعاتها.
وقد حدثت التجمهرات البحرينية استلهاماً لما حدث في أماكن أخرى، حيث طالبت الشعوب العربية بالإصلاح والتغيير، وبعضها وصلت مطالبها لتغيير النظام كما حصل في الجمهورية التونسية عندما قام الشاب «محمد البوعزيزي» بحرق نفسه بعد أن عجز عن أخذ حقه من تلك الشرطية التي منعته من أن يعتاش على عربة الخضار التي اشتراها لكي يعيل بها عائلته الفقيرة رغم أنه من الشباب عالي التعليم.
لقد أشعل البوعزيزي الشرارة الأولى لدى الشباب التونسي حتى ثار على أوضاعه وبالتالي استطاع ذلك الشباب التونسي الثائر على أوضاعه المزرية وغير المقبولة والشبيهة بما تعيشه العديد من دول العالم العربي أن يزيل عنه حاجز الخوف مما أهله أن يصل إلى مبتغاه في حدوث التغيير الذي عجل برحيل الرئيس التونسي المخلوع (زين العابدين بن علي) الذي فر بعد أن تسارعت الأحداث نحو التغيير الديمقراطي في تلك الدولة الواقعة شمال القارة الإفريقية. وكل هذا تم تحت ضغط الشباب التونسي الثائر الذي فقد خلال تلك الانتفاضة حوالي 77 شهيداً ، وبمساعدة هذا الشباب ومعه جميع أطياف المجتمع التونسي الذي رغب في التخلص من الماضي أو الإرث الثقيل للرئيس التونسي المخلوع. كذلك وتحت نفس الضغط الشعبي قامت الحكومة التونسية بإلغاء حالة الطوارئ وإلغاء قانون أمن الدولة والبوليس السري في تلك الجمهورية العربية حتى أصبح من الممكن بعد ستة أشهر من الآن فتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية، وأن يترشح الجميع حتى وإن كانت امرأة لذلك المنصب وهذا بخلاف الكثير من الدول العربية التي من الممكن أن يحدث فيها تغير في هرم السلطة، ويعود ذلك لمستوى ثقافة الشعب التونسي العالية، كذلك تم الاعتراف رسمياً بحزب النهضة الإسلامية الذي يتزعمه راشد الغنوشي العائد من منفاه الاختياري في عاصمة المملكة البريطانية لندن بعد أن أمضى حوالي 20 عاماً، بعد أن صرح أنه الآن يؤمن بالديمقراطية التعددية ويرغب في أن يرى تونس تتحول إلى جمهورية عربية ديمقراطية على غرار الديمقراطية الموجودة في الجمهورية التركية.
وفي مصر كانت الحكاية شبيهة بما حدث في تونس، حيث اعتقلت السلطات المصرية في مدينة الاسكندرية المدون المصري خالد سعيد وعذبته تعذيباً شديداً على يد اثنين من الضباط، حتى فارق الحياة منتصف 2010، مما أشعل الجماهير - بعد انتصار ثورة تونس - وقاد هذه الجماهير الشاب المصري في منطقة القاهرة (العاصمة المصرية) وهو مدير فرع شركة غوغل في الشرق الأوسط الشاب الثائر المتواضع وائل غنيم، حتى هبت الجماهير المصرية بالملايين في القاهرة والإسكندرية وجميع المدن المصرية من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.
نعود للوضع في البحرين، بعد الذي حصل من أحداث، وخصوصاً مجزرة دوار اللؤلؤة والتي راح ضحيتها حتى الآن 7 شهداء، وأكثر من 300 جريح، على مجموعة كبيرة كانت ومازالت تعاني من التهميش والحرمان، هذه الأحداث والتضحيات دفعت السلطة إلى إحداث تغيير محدود في بعض وزارات التأزيم، ونقل بعض الوزراء من وزارة إلى أخرى، لكن ذلك لم يكفِ الجماهير التي استمرت في مطالبها بالمزيد من الحقوق.
بالمقابل خرجت مظاهرة تأييد للحكومة في مسجد الفاتح وهي مظاهرة حاول منظموها أن يعادلوا ذلك التجمع الذي يمثل جميع أطياف المعارضة المتواجدة في دوار اللؤلؤة.
لكن هذه الإرهاصات تجعل المراقب المحلي والدولي قبل أن يخرج بنتيجة ما عليه أن يتذكر أن نسيج المجتمع البحريني قد يختلف عن تونس ومصر، ولكن هذا يعني أن الشعب البحريني له مطالب وحقوق كان على الدولة توفيرها له.
فمنذ قديم الزمان تعيش في البحرين مختلف الأطياف والمذاهب والأديان، لكن تبقى هناك فئتان كبيرتان تتقاسمان الأكثرية الساحقة من شعب البحرين وهما الطائفتان الشيعية والسنية، وإن على هاتين الطائفتين وقياداتهما، بالإضافة الى أصحاب القرار في الدولة والجمعيات السياسية من الطائفتين الكريمتين واجب منع الانزلاق إلى الاحتراب بين الطوائف وذلك عبر إزالة الاحتقان والشحن الطائفي، عبر كافة الوسائل، عبر خلق البيئة المواتية للعيش الكريم بين مختلف الطوائف داخل البحرين بدون تغليب مصلحة طرف على مصلحة طرف آخر مثل ما هو حاصل حالياً وهو السبب في إشعال وتأجيج الوضع داخل البلد.
بل يتوجب التوصل إلى توافق جماعي داخل البحرين يجعل من المواطنين متساوين في الحقوق والواجبات، وفقاً لنصوص الدستور الحالي والذي نص على أن «العدل أساس الحكم، والتعاون والتراحم صلة وثقى بين المواطنين والحرية والمساواة والأمن والطمأنينة والعالم والتضامن الاجتماعي وتكافؤ الفرص بين المواطنين دعامات للمجتمع تكفلها الدولة».
نتمنى على الدولة أن تساوي بين جميع المواطنين وفقاً لنصوص القانون والدستور بدون النظر إلى دين المواطن أو مذهبه، فهذا يحمي البلد من الهزات الكبيرة في المستقبل، وقد يقول قائل إن الدولة عملت على ذلك وهي بالفعل تعمل حالياً على إزالة تلك المنغصات، فنقول بكل صراحة لو كان الحال والوضع كما يصفه البعض من الناس الذين يرون بعين واحدة لما حصل تراكم للمشاكل مثل التمييز والاصطفاف المقيت عبر السنين، لما حصل كل الذي حصل
إقرأ أيضا لـ "أحمد سلمان النصوح "العدد 3112 - الإثنين 14 مارس 2011م الموافق 09 ربيع الثاني 1432هـ