لولا الثروات لما ولدت الثورات. هذه ليست حكمة أو كلمة أطلقها سياسي قديم أو زعيم وطني غيور، بل هي من وحي ما يحدث الآن في عموم الوطن العربي من خليجه إلى محيطه.
هذا الوطن الذي كم وكم كتبت بحوث ودراسات معمَّقة أو حتى هامشية عن موقعه الاستراتيجي وثروته وسط العالم المتحضر مع أنه -أي الوطن العربي- جدُّ متخلف من وجهة النظر البحثية سواء كانت غربية أم عربية.
ولكن بقي ما يميز هذا الوطن هو ضخامة حجم ثرواته النفطية والمعدنية والزراعية بل وحتى المائية. فما بال واو الثروة تلك الثروة العربية الملفتة للنظر وقد انقلبت بين ليلة وضحاها إلى واو الثورة؟
لو تأملنا الأمر جيداً لما حدث في هذا الوطن خلال أقل من شهرين من تحول الناس في الشارع وليس في أروقة التجمعات السياسية أو في دهاليز وأقبية الحركات السرية، إلى قوى ثورية عارمة وصارمة ضد أنظمتها المستحوذة على الثروة في قبضة يدها؛ لوجدنا أنَّ القضية ليست لها علاقة بالصراعات السياسية البحتة أو بتناقض الأفكار أيدلوجياً وتصادمها فكرياً.
وما كشفته التلفزة التونسية مؤخراً من سرقة ورق النقد من البنك المركزي التونسي على يد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي وأسرته إبَّان فترة حكمه لهذا البلد العربي يصيب كبد الحقيقة فيما نذهب إليه. فهو يوضح بشكل جلي أسَّ الصراع ويغوص في أسباب الثورة الحالية.
هي الثروة إذن التي تحلُّ بلعنتها على من يعشقها دون بقية شعبه لدرجة الجنون والهيام بها فيستولي عليها بكاملها ليصنع من قامته، مهما كانت وضيعة، مجداً مقدساً. ومن هامته، مهما كانت مطأطئة، عنواناً ورمزاً للدولة المدنية التي تضم الشعب كأساس لها وليس الحاكم وأسرته مهما كان عددهم. وبذلك فالنخب الحاكمة عندنا في الوطن العربي الذي اتخم بها وبعددها لدرجة البطالة المقنعة؛ لم تصبح كرمز للدولة إلا بسبب الاستيلاء على الثروة والاستحواذ عليها.
كلُّ هذا تمَّ بلا مبرِّر قانوني ولا مسوِّغ، ممَّا ولَّد بين صفوف الشعب الأفكار السياسية لإعادة الحديث عن الثروة المستحوذ عليها وبالتالي هذا بدوره شكَّل البطن الطبيعيَّ الحاضن لولادة الثورة.
في بلداننا العربية هناك من استحوذ على كل البر والبحر وربَّما السماء التي تحيط بالدولة، وذلك تكراراً لنظرية العصور الوسطى الإقطاعية في أوروبا التي كانت بادعاء الحق الإلهي والمقدس لهؤلاء الحكام في ثروة بلادهم دون سواهم من أفرادها. وما يحدث عندنا في البلاد لا يخرج عن هذا الإطار بتاتاً.
إقرأ أيضا لـ "محمد حميد السلمان"العدد 3104 - الأحد 06 مارس 2011م الموافق 01 ربيع الثاني 1432هـ
هذا هو عين الصواب
يقال كثرة الرجال ثورة هائلة وكثرة المال ثروة تنعش اقتصاد البلد فإين نحن العرب من كل هذا ؟ هل نملك الأثين ؟ وهل نستطيع أن نجمع بينهم ؟ الأجابة نعم الشعوب قادرة على القيادة للثورات والدليل نجاحها في تونس ومصر وأيضا قادرة على قيادة الثروة . فيجب على الحكومات أن تفسح المجال لهم كفاية أستهتار بقدراتهم دعوهم أن يخوضوا التجربة بنفسهم وذلك من أجل الأجيال القادمة.