العدد 3103 - السبت 05 مارس 2011م الموافق 30 ربيع الاول 1432هـ

البحرين ومخاض «التغيير»

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

يمكن للمتتبع في تطورات الأزمة السياسية التي تعصف بال

بحرين في هذا الوقت أن يدرك بوضوح بأن الجهود العبقرية التي يتم إعدادها وطبخها في مكان ما لتحويل الأزمة من صراع سياسي أطرافه هم السلطة والمعارضين أو «المعتصمين»، إلى صراع داخلي بين الطائفتين قد آتت أكلها ونجحت بامتياز مع فائق الأسف.

ولعل أكثر ما يؤلم في هذا الموضوع هو أن حيلة ضرب الناس ببعضهم البعض هي حيلة قديمة جداً ومكشوفة جداً ولا ابتكار فيها ولا مفاجأة، لكنها لاتزال فعالة جداً وذات آثار مدمرة للغاية ليس على المدى القصير المرحلي، وإنما على المدى البعيد أيضاً، فتأثيرها يحفر عميقاً في الصدور ويبقى نشاطها كامناً لكنه قابل للاشتعال مع أي تحفيز يصدر من نفس المطبخ استجابة لأزمة سياسية ما.

من المؤلم بالفعل أن تطأفن الأزمة السياسية تحت شعار الوحدة الوطنية، وأن يصبح حب الوطن علكة تلوكها جميع الأطراف ويستخدمها البعض ذريعة لتأسيس حركات ومبادرات وجماعات تضعهم على خريطة المشهد السياسي الجديد المتأزم والذي لاتزال ملامحه ضبابية.

والأمانة تتطلب أن يتم تثبيت عدد من الحقائق التي ساهمت في صناعة المشهد السياسي البحريني المضطرب حالياً، ولعل تجميع القطع المتناثرة من الصورة هو أمر ضروري لفك شفرتها ومحاولة استشراف مستقبل ما سيجري.

يجب في البدء تثبيت أن الشرارة التي انطلقت في الرابع عشر من فبراير/ شباط 2011 لم تكن خارجة من رحم الجمعيات السياسية المعارضة، بل ان من الواضح أن هذه الجمعيات لم تكن لا مستعدة ولا متوقعة لما آلت إليه الأمور. وقد ساهم دخول قوات الأمن إلى دوار اللؤلؤة وهجومها على المعتصمين هناك في تحوير المشهد السياسي المحلي جذرياً، إذ أكسب هذه الحركة التي بدأت عفوية تعاطفاً وتضامناً كبيرين من قبل أطراف متعددة، كان على رأسها بطبيعة الحال الجمعيات المعارضة.

يجب أيضاً تثبيت نقطة مهمة أخرى، وهي أن شرارة الاحتجاجات في البحرين كما يعلم الكثيرون في الداخل لم تبدأ من فراغ، ولم تكن سابقة من نوعها. فقد شهدت البحرين أحداثاً متنوعة من الاحتجاجات بطرق مختلفة على مدى السنوات السبع الماضية، وإن كانت تلك الاحتجاجات السابقة قد اصطبغت بصبغة معينة، فقد شكل الهجوم على المعتصمين فجر يوم الخميس 17 فبراير نقطة تحول رئيسية أكسبت هذه الاحتجاجات شعبية كبيرة ليس من باب التضامن العاطفي فقط، وإنما أيضاً من باب الشعور بالتهديد والخطر الذي يواجه جميع الأطراف وحتى الموالية منها، هذا الشعور ولد حاجة ملحة لدى هذه الأطراف بما فيهم المواطنون العاديون غير المسيسين إلى ضرورة التكتل خوفاً من خطر داهم يلوح في الأفق، خطر قد يؤدي إلى فقد الأرواح.

البعض رأى هذا الخطر طائفياً وخارجياً، والبعض رآه رسمياً ومحلياً، ولمجابهته لم يجد الطرفان بداً من توحيد الصفوف وتكتلها. والتكتل بطبيعة الحال يخلق أرضاً خصبة يمكن من خلالها بسهولة زرع بذور الشقاق الطائفي أو الفئوي، ومن هنا بدأ التحول الخطير جداً في مجريات الأحداث.

نقطة أخرى يأتي تثبيتها على درجة كبيرة من الأهمية، وهي أن مبادرة سمو ولي العهد للحوار وبعض خطوات التهدئة خلقت منعطفاً جديداً في المشهد السياسي المحلي، فبعد أن كانت الخيارات متشنجة، أصبح الحوار خياراً متوسطاً ومطروحاً على الطاولة.

مبادرة الحوار أيضاً كانت فاتحة لبروز قوى سياسية في المعادلة لم تظهر منذ بداية الأزمة، لكنها برزت في وسطها كطرف آخر لم يكن محركاً للصراع لكنه يؤيد الحوار ويريد أن يكون طرفاً فيه.

والحق الذي يجب تثبيته هنا أيضاً هو أن أي طرف من أطراف المعادلة السياسية في البحرين اليوم لديه كامل الحق في أن يكون مشاركاً في الحوار وطرفاً فيه بوصفه جزءاً من النسيج الوطني، ولكن بشرط أن يكون صادقاً في أهدافه الداعمة لوحدة الصف الوطني والخروج من الأزمة بإنصاف وعدالة لجميع الأطراف. والأهم أن تكون منطلقاته في الدخول ضمن هذا الحوار بعيدة عن السعي لنيل جزء من الكعكة التي يخشى أن يتقاسمها المتحاورون دونه.

ما يجري في البحرين اليوم هو مخاض حقيقي، يشعر كل بحريني أصيل بآلامه وتشنجاته، ويعلم أن مولوداً اسمه «التغيير» سيأتي طالت الأزمة أو قصرت، نأمل صادقين بأن يكون هذا المولود سليماً وصحيح البدن، وأن يتجاوز المحاولات الطائفية لتشويهه

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 3103 - السبت 05 مارس 2011م الموافق 30 ربيع الاول 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 12:07 ص

      إلى الآن لم نرى جدية السلطة في التغيير

      لم يلاحظ شعب البحرين خطوات ذات أهمية للتغيير
      لذلك لم يعد الناس يثقون بالكلام ثم يتبع هذا الكلام التسويف
      الحكومة تعرف كيف تستعيد ثقة الناس إذا كانت جادة فالخيار بيدها فالتلكؤ والتباطؤ لا يخدم احد

    • زائر 3 | 11:54 م

      عسير المخاض يبنتي

      خايفيينيبنتي الجماعه يتاخرون باخذ القرار بلولاده القيصريه المريحه وتموت ديرتنا اثنا الولاده الله يستر دعواتنا للباري ان يبارك يد القابله لانها الظاهر اول حاله اتمر عليها ولاده عسره وتؤائم بعد

    • زائر 2 | 11:31 م

      الحوار

      تجمع الفاتح (سعى لنيل جزء من الكعكة التى يخشى ان يتقاسمها المتحاورون دونه)..مقتبس من المقال ..

    • زائر 1 | 9:19 م

      وهناك نقطة

      هناك نقطه يجب ان لاتنسى صحوة المارد في جامع الفاتح لانه لوحض ان الجمعيات المعارضه السة او السبع ترا انها فقط الموجوده في البحرين
      البحرين لكل البحرينين

اقرأ ايضاً