دشنت مملكة البحرين برنامجها الإصلاحي قبل عشر سنوات ليكون ضماناً للأمن والاستقرار فيها. وبالفعل فقد لمسنا ذلك خلال الأعوام الماضية عندما اتضح أن الإصلاحات التي قامت بها المملكة خلال تلك السنوات ضمنت لها استمرارية الاستقرار بعيداً عن الفوضى.
وفي ضوء هذه المعطيات والمكتسبات الكبيرة تمتعت البحرين بسجل ثمين في مسيرة الأمن والاستقرار وترسيخ حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير والمساواة بين المواطنين دون تمييز بسبب العرق أو اللغة أو الدين أو الجنس أو الرأي، مما ساهم أيضاً في إيجاد عدد كبير من منظمات المجتمع المدني والتي تمثل المجتمع المدني بكل أطيافه، حيث قارب عددها اليوم إلى خمسمئة وثلاث وثلاثين منظمة تضم عدداً من جمعيات حقوق الإنسان.
لقد شهدت مملكة البحرين قبل أسبوعين حوادث مؤسفة مما ترتب عليها سقوط عدد من الضحايا والجرحى بسبب الاشتباك بين متظاهرين وقوات حفظ الأمن، حيث أفادت وزارة الداخلية بأن هذه الأحداث ما كانت لتقع لو أن الاعتصامات والمسيرات التزمت بالسلمية وبالقانون. ولقد عالجت المملكة هذه الحوادث على الفور وبروح من المسئولية لتؤكد حرصها على حقوق المواطنين، حيث كلف حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى في الحال وإثر تلك الأحداث سعادة السيد جواد بن سالم العريض بصفته الشخصية بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق ولمعرفة الأسباب التي أدت إلى تلك الأحداث المؤسفة التي جرت.
ومن جانب آخر فقد أكد رئيس اللجنة المكلفة والتي باشرت أعمالها منذ 19 فبراير/ شباط 2011، بأنه قد استعان لأداء مهمته بأفضل الكوادر السياسية والقانونية المستقلة وستكشف اللجنة فور انتهاء عملها عن الحقائق بشفافية وموضوعية. وقال أيضاً إنه من ستثبت مسئوليته فيما حصل ستتخذ بشأنه الإجراءات القانونية. وقد أعربت وزارة الداخلية عن استعدادها للتعاون مع اللجنة الخاصة بالتحقيق في الأحداث المؤسفة التي وقعت. وقد قدم معالي وزير الداخلية في بيان تم بثه على التلفزيون أحر تعازيه للوطن والمواطنين ولأهالي المتوفين والمصابين. وأكد بأنه حريص على توجيه رجال الأمن بصورة دائمة إلى ضبط النفس لتفادي مثل هذه الحوادث المؤسفة.
ثم تلا ذلك مباشرة بتاريخ 19 فبراير 2011 صدور أمر جلالة الملك بعقد حوار وطني شامل مع الأطراف كافة بقيادة سمو ولي العهد، وعليه وجه سمو ولي العهد أمره إلى جميع قوات الأمن بالانسحاب الفوري من مناطق التجمع وإلى المتواجدين في هذه المناطق بالمغادرة لتفادي الاصطدام بين قوات الأمن والمتجمهرين وذلك تأكيداً على مبادرة سموه لضبط النفس والتهدئة والبدء في مرحلة جديدة من العمل الوطني، تشارك فيها جميع الأطراف بغية تجاوز الوضع الراهن والعمل يداً بيد للحفاظ على مصلحة الوطن ومكتسباته التي ساهم فيها جميع أبناء مملكة البحرين وللتأكيد على وحدة مملكة البحرين ولحمتها الوطنية. وفي هذا السياق فقد خرج 300 ألف مواطن تقريباً، استجابة لمبادرة الحوار الوطني، معلنين تأييدهم للمبادرة ودعوتهم للمعتصمين بالمشاركة في الحوار لما فيه مصلحة لجميع المواطنين.
وتزامناً مع السماح للمعتصمين بدوار مجلس التعاون (دوار اللؤلؤة) بمواصلة اعتصامهم لفترة زمنية بما يكفل لهم حقهم في التعبير عن الرأي صدر الأمر الملكي بتاريخ 22 فبراير 2011 بوقف النظر في الدعاوى القضائية بحق عدد من المتهمين في قضايا سابقة وإطلاق سراحهم، داعياً الجميع إلى الاستجابة لنداء الحوار الوطني بما يرعى حقوق المواطنين في إبداء مطالبهم ومشاركة تطلعاتهم. وبتاريخ 26 فبراير تم إجراء تعديل وزاري لأربع وزارات في الحكومة تلبية لتلك المطالب أيضاً.
إن الإجراءات السريعة التي اتخذتها مملكة البحرين لمعالجة وتطويق الأحداث المؤسفة هي دلالة واضحة على أنها دولة قانون ومؤسسات دستورية. فحرية التعبير عن الرأي حق كفله الميثاق والدستور ونظمه القانون الذي على الجميع الالتزام به. أما بالنسبة للإصلاح، فإن المملكة مستمرة على نهجها ولن يتوقف أو يتراجع بل سيستمر لتحقيق الآمال المرجوة منه. وقد فتحت المملكة جميع الأبواب للحرية والمسئولية للمواطنين والمقيمين.
لقد كفلت المملكة الحريات الشخصية والدينية وحرية التعبير والنشر وحرية تكوين الجمعيات الأهلية والنقابات، والمساواة بين المواطنين أمام القانون في الحقوق والواجبات كدعامات أساسية لاستقرار المجتمع البحريني، وتعاونت المملكة مع منظمات المجتمع المدني المحلية والدولية لأجل تعزيز حقوق الإنسان والحريات الأساسية فسمحت لها بزيارة السجون وحضور المحاكمات وتدشين تقاريرها من مملكة البحرين رغم عدم اتفاق المملكة معها في الكثير مما تتطرق إليه.
وأما التعاون مع المفوضية السامية ومجلس حقوق الإنسان وآلياته فهو مستمر على جميع الأصعدة وبشفافية تامة لأن هدف مملكة البحرين هو تعزيز وحماية حقوق الإنسان. وإن مملكة البحرين تعتبر المفوضية السامية والأجهزة الأخرى بما في ذلك آليات مجلس حقوق الإنسان شريكاً هاماً في مسألة تعزيز وحماية حقوق الإنسان، ولهذا فقد تعاونت معهم وستستمر في ذلك. ومن منطلق حرص واهتمام مملكة البحرين بقضايا حقوق الإنسان قامت المملكة بتقديم تبرع طوعي للمفوضية السامية في بداية هذا العام إيماناً منها بتعزيز دورها على مستوى العالم كله، كما شاركنا في العديد من الأنشطة والفعاليات الإقليمية التي تهم قضايا حقوق الإنسان ومن أبرزها اجتماع بانكوك والاجتماع الذي نظمه مكتب المفوضية بالدوحة.
إن مملكة البحرين تحرص على تعزيز قدرات مجلس حقوق الإنسان ليقوم بدوره على أكمل وجه من أجل تعزيز وحماية حقوق الإنسان. ونحن نتطلع لاستكمال مراجعة عمل المجلس لأجل وضع أسس يتمكن المجلس من خلالها أن يكون شريكاً للدول في جهودها الرامية لتعزيز تلك الحقوق.
وانطلاقاً من الجهود الكبيرة والصادقة التي بذلتها مملكة البحرين والتي أثبتت نجاحها في التهدئة فإننا نأمل من أعضاء المجلس دعم ومساندة مبادرة الحوار الوطني بمملكة البحرين ومساندة قرار تشكيل لجنة التحقيق لمعرفة أسباب الأحداث المؤسفة التي مرت بها مملكة البحرين.
إن دعم ومساندة أعضاء المجلس لمبادرات مملكة البحرين سيكون بمثابة رسم الطريق لشعوب أخرى كي تصل إلى بر الأمان مستفيدة بذلك من تجربة البحرين الصادقة
إقرأ أيضا لـ "فاطمة البلوشي"العدد 3099 - الثلثاء 01 مارس 2011م الموافق 26 ربيع الاول 1432هـ
وكل بحريني غيور
كل بحريني غيرو يدعم الحوار المطالب المشروعه
الله يحفظ البحرين وعيال البحرين والحكومه الرشيدة