ودعنا بالأمس عرس الكرة الآسيوية في الدوحة في بطولة انتهت بأحزانها وحسراتها العربية الكبيرة وأفراحها اليابانية التي أكدت زعامة «محاربي الساموراي» للقارة الصفراء باللقب الرابع والذي جاء بجدارة ومستحقاً بعد المباراة الماراثونية النهائية.
ولعل ما يهمنا كعرب آسيا من هذه البطولة أنها كانت عنواناً لأخذ الدروس والعبر وجلد الذات وفتح الملفات المختلفة في أوضاعنا الكروية التي كشفها المعترك الآسيوي وكان على إثرها السقوط الكبير من الدورين الأول والثاني في أكبر سقوط عربي منذ سنوات طويلة، إذ إن الأخطاء كانت كثيرة في جوانب التخطيط والإدارة والإمكانات والعشوائية وضياع مفاهيم الاحتراف و»غرور» اللاعبين وغياب الثقافة والعقلية وجميع تلك الظروف اجتمعت في مختلف منتخبات عرب آسيا فسقطت.
إن من أهم الملفات التي فتح غلافها وصفحتها الأولى هو الاحتراف وهويته الضائعة بين التطبيق الذي يؤدي إلى النتائج المنشودة وراء تطبيق هذا النظام وبين الضياع والدلال والاستغلال لهذا النظام سواء من المسئولين والإداريين والأندية واللاعبين وتحولت المسألة إلى عقود مكتوبة غير مقروءة ومطبقة عدا الرواتب الشهرية التي تدفع نهاية كل شهر فيما اللاعب يعيش حياة بعيدة جداً عن عالم الاحتراف.
ولعل ما استوقفني مفهوم لأحد الخبراء بأن العلم الرياضي الحديث يؤكد على أن الرياضي يجب أن يتحلى بالمفاهيم المختلفة طيلة الـ 24 ساعة وليس مجرد وقت التدريب أو المباراة ومن ثم يتحول إلى إنسان آخر بعيد عن كل ما ليس له علاقة بالكرة فيغرق في السهر وشرب الشيشة وسوء التغذية، في حين أن مفهوم «رياضي 24 ساعة» يقضي بأن يعيش الرياضي في دائرة مغلفة بنظام عام رياضي وصحي وتغذيةً منذ استيقاظه في الصباح الباكر لحين نومه المبكر ليلاً وهو أمر مهم يحتاجه اللاعب المحترف لدينا بل حتى اللاعب الهاوي.
ووسط تعدد المشكلات والاحتياجات لكل دولة ومنتخب نرى أننا في البحرين نعيش وضعاً صعباً يفتقد إلى الكثير من الأمور التي تحتاج إلى وقفة جادة من الحكومة ومروراً بالقائمين على شئون الرياضة ومن ثم كرة القدم التي كشفت لنا البطولة والتجارب الناجحة أنها ليست معتمدة على الاجتهادات والبركة بقدر ما تسير على الإمكانات والتخطيط والدعم والكفاءات الإدارية والتفاعل بين القطاعات الرياضية والخاصة لرسم المنظومة الرياضية العامة والكروية خاصة في ظل أهداف واضحة ولنا في التجربة اليابانية الدليل الواضح والقاطع والأقرب لنا بتحولها من دولة بلا هوية كروية إلى زعيمة الكرة الآسيوية في غضون 20 عاماً فقط حصدت فيها أربع بطولات آسيوية وصاحبة مقعد دائم في كأس العالم منذ 2002 ودخلت عالم الاحتراف وباتت تتمتع بأقوى دوري آسيوي فيما كرتنا تترنح وتتدهور منذ أكثر من ستين سنة دون أي لقب كروي ولو صغير.
إن الأهم من تشخيص المشكلات والأخطاء والتمنيات هو الرغبة في العمل نحو الحل والتصحيح ونأمل ألاّ يكون ما حدث في كأس آسيا المنتهية أمس على طريقة «أمطار الخليج» العابرة وتنتهي ضجتها مع نهاية الحدث مثلما اعتدنا عليه منذ سنوات طويلة ثم تعود الأمور إلى حالها، بل يجب أن تحدث «فزعة» لتغيير واقعنا الكروي من الجذور... فهل يحدث ذلك؟
إقرأ أيضا لـ "عبدالرسول حسين"العدد 3068 - السبت 29 يناير 2011م الموافق 24 صفر 1432هـ