العدد 3062 - الأحد 23 يناير 2011م الموافق 18 صفر 1432هـ

«الثورة المدنية» في تونس

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

مازال الحديث عن ثورة تونس قائماً سواء في وسائل الإعلام وحتى في التقارير الإخبارية والتحليلية من قبل المراقبين والمهتمين بالشأن العربي لأن ثورة تونس لا تتكلم عن تونس بل أبعادها كبيرة ومؤثرة على شعوب المنطقة العربية؛ لأنها أزاحت حكماً استبدادياً عبر «ثورة مدنية» وهذا المفهوم كان امراً مستبعداً لأن يحدث في الشرق الأوسط ولكنه حدث في شمال إفريقيا، أي غير النظريات وأصبح الأمر غير محصور في الغرب.

لقد اتسمت الثورات والانقلابات في منطقة الشرق الأوسط إما بقيادة دينية أو أخرى بلباس عسكري بينما ثورة تونس تواصلت بلغة وبوسائل يفهمها الغرب. لذا فهي ليس لها مثيل حتى الآن في المنطقة العربية وهي بلا شك بدأت في تشكيل مفهوم آخر للحركات في الشارع الذي تحرك واصفاً إياها بثورة «المقموعين» وهو الوصف الذي يفضله التونسيون عن « الياسمين» أو «فيسبوك» أو «تويتر» لأنها حتماً أنهت مرحلة 23 عاماً من القمع الذي كان يمارس ضد التونسيين باسم الديمقراطية.

تقارير إخبارية غربية كتبت عن تفاصيل أفعال زوجة زين العابدين بن علي، ليلى طرابلسي، في البرقيات التي كشفها موقع ويكيليكس، وقد وصفها البعض بأنها «الثورة الأولى لويكيليكس». وهو ما يشير إلى أن «بن علي» قد يكون أول ضحايا ويكيليكس.

صحيفة «هآرتس» العبرية سألت «لماذا حدث في تونس؟ الدولة التي نالت علامات تقدير عديدة جداً في الغرب، والتي يشبه اقتصادها أكثر من أي دولة عربية أخرى الاقتصاد الغربي المنفتح والمزدهر، مع سياحة نشطة، مهرجانات أفلام وجاز، دين دحر إلى الهوامش وقمع بالقوة، حقوق عديدة للمرأة ومعدل النساء في البرلمان أعلى منه في الكونغرس الأميركي، بالذات هي خرجت إلى الشوارع؛ السبب هو أن تونس خلقت لنفسها مظهر الشقي، ولكن الواقع فيها عسير. الحزب الحاكم كان يحظى المرة تلو الأخرى بالأغلبية في الانتخابات. الرئيس المخلوع كان يفوز في الانتخابات بمعدلات تأييد تتراوح بين 89 في المئة (في الانتخابات الأخيرة) و99 في المئة. ملجأ الانترنت ذاك المجال الحواري، أصبح بنفسه أداة بيد الحكم كي يعثر على منتقديه ومعاقبتهم»...

من دون شك فإن ما حدث في تونس قد حطم التقاليد بل وخلق واقعاً جديداً. لأول مرة في بلادنا العربية خضع فيها الحكم أمام الضغط الجماهيري وفر الحاكم من دون انقلاب. هذه مفاهيم جديدة قد تخلق نظرة مختلفة لشعوب المنطقة وكيفية تعاملها مع لغة الأمر الواقع، أو القمع، أو الاثنين معاً.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 3062 - الأحد 23 يناير 2011م الموافق 18 صفر 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 5:29 ص

      حطم التقاليد العربية ..

      أعتقد بالفعل انها المرة الأولى في العصر الحديث(بعد الإستعمار) يفرض الشعب إرادته في البلاد العربيةبهذا الشكل ، لكن الطريق مازالت طويلة .. انا أعتقد ان القوى الكبرى المراهنة على بن علي تخلت عنه باكراً و أمرته بالهروب السريع بعد أن يئست من الأوضاع ، و ذلك خوفاٌ من أن تخسر تونس او تنتقل التظاهرات للبلدان المجاورة ،لذلك هم الآن يريدون العودة من خلال بعض عملاؤهم لكن الشعب لهم بالمرصاد/ لؤي

    • زائر 3 | 2:09 ص

      ثورة .. ثورة حتى النصر!!

      قبل أكثر من عقد نظّر الكثيرون في مقولة: زمن الثورات قد ولى وانتهى!!" وكانوا يكذبون. فأينما يوجد الظلم ... تتهيء الناس للثورة عليه.. هذه معادلة قديمة منذ الأزل وستستمر.
      شكراً أخت ريم، مقالك رائع كروعتك.

    • زائر 1 | 11:43 م

      اسباب الثورة التونسية واسقاط النظام

      البطالة -الظلم-السرقات-الفساد المالي والاخلاقي-تعذيب الاحرار وزج الابرياء في السجون -سرقة الارضي والسواحل وموارد الدولة-التهميش -اهانة كرامة الانسان بشتى الطرق-الاستعانة بالغرب لتعميق الظلم والاستبداد-البذخ والترف في قصور العائلة الحاكمة والمتنفدين-قمع الحريات العامة وانتهاك حقوق الانسان-منع تكوين صحافة حرة واحزاب حرة واعلام حر ونزيه-جلب المرتزقة والمتعيشين على حساب الشعب ومن اجل تكثير عنصر المصفقين والموالين للحاكم-فهل من معتبر ياحكام

اقرأ ايضاً