يخضع كل مجتمع سياسي أيّاً كان نوعه إلى نظام دستوري معين تتوضح فيه الحقوق والواجبات، ويقع النص الدستوري في قمة الهرم القانوني لكل دولة باعتباره الشريعة التي تنظم علاقة السلطات ببعضها وعلاقتها بالأفراد، فإذا تعارضت أي قاعدة قانونية أدنى من الدستور معه تَعيّن الالتفات عن تلك القاعدة وإعمال حكم الدستور.
ولما كان لكل متهم في جناية الحق في أن يكون له محام يدافع عنه بموافقته كما يجري بذلك نص المادة (20/هـ) من دستور البحرين وهي من الصراحة كالشمس الضاحية التي لا تحتاج إلى دليل، ولا يختلف اثنان في دلالة وجوب موافقة المتهم على المحامي الذي يدافع عنه سواء باختيار المتهم ذلك المحامي أو بقبوله وموافقته عليه إذا كان ذلك المحامي معيّناً من قبل المحكمة ناظرة الجناية التي يحاكم بموجبها المتهم.
ويظاهر هذا النظر ما أورده المستشار سالم الكواري وكيل وزارة العدل في مقاله الذي نشرته بعض الصحف المحلية بتاريخ 10 يناير / كانون الأول 2011 من أن مفهوم نص المادة الدستورية المذكورة هو وجوب تحقق موافقة المتهم على المحامي الذي ينتدب للدفاع عنه في جناية، حيث ورد في صدر المقال المومأ إليه: «أكد المشرع موافقة المتهم على من يتصدى للدفاع عنه فجاء النص: يدافع عنه بموافقته...»، وحسناً فعل المستشار حين عرض لمضبطة المجلس التأسيسي بجلسة 17 ديسمبر / كانون الأول 1973 بصدد مناقشة المجلس لهذه المادة الدستورية وعرض اقتراحات بعض النواب بشأن صياغة النص الدستوري والتي كانت تتجه في مجملها إلى عدم جعل موافقة المتهم مناطاً لصحة أن يمثله محام منتدب، تخوفاً من النواب أصحاب الاقتراح المذكور، من أن يصير الأمر، إذا أنيط بموافقة المتهم، سبباً لعرقلة سير العدالة؛ لأنهم فهموا من مسودة النص الدستوري الوجوب، أي وجوب موافقة المتهم على المحامي الذي ينتدب للدفاع عنه كشرط لصحة تمثيله، لكن المشرع لم يعبأ بهذه الاعتراضات ورجح جانب تحقيق الضمانة الدستورية للمتهم إذ صدر النص الدستوري بخلاف هذا التوجه مستوجباً موافقة المتهم كشرط لصحة تمثيل المحامي المنتدب من قبل المحكمة عنه، دون التفات إلى إمكان أن يؤدي ذلك لتأخير الفصل في الدعوى الجنائية، ترجيحاً من المشرع الدستوري لحق الدفاع وتحقيقاً لهذا الحق كضمانة، على أي أمر آخر.
وهذا الذي ذكرناه لا يتعارض مع حكم محكمة النقض الذي استدل به المستشار في مقاله وانتهى استناداً إليه للقول بحق المحكمة، أو جهة الإدارة بانتداب محام عن المتهم في جناية دون تعويل على موافقة ذلك المتهم؛ ذلك أن الحكم المصري موضوع الاستدلال لا يمكن تطبيقه على الواقعة محل البحث في البحرين، لسببين:
الأول: إن الواقعة محل البحث مختلفة عن ما يعالجه ذلك الحكم؛ إذ إن المتهم وبحسب سياق الحكم لم يعترض على أن تندب المحكمة له محامياً بدليل إشارة الحكم إلى أن ذلك المحامي قدم مرافعته الدفاعية فعلاً بينما الحال للواقعة موضوع البحث ثابت فيها اعتراض المتهمين على أن يمثلهم المحامون الذين انتدبتهم المحكمة، كما هو مدون بمحضر جلسة 2010.12.23.
أما السبب الثاني: فإن حكم المحكمة المصرية موضوع الاستدلال جاء متسقاً مع نصوص الدستور والقانون المصري حيث لم يشترط المشرع هناك موافقة المتهم في جناية على المحامي الذي ينتدب للدفاع عنه بخلاف الحال في الدستور البحريني الذي يتطلب تلك الموافقة وهذا ما أكده المستشار الكواري في أواخر مقاله.
إن القول بخلاف ما تقدم تترتب عليه نتائج خطيرة تفضي إلى التطويح بضمانة افترض المشرع التأسيسي حين وضع الدستور أنها لا تتحقق إلا بموافقة من شرعت لمصلحته، ونعني بذلك موافقة المتهم على المحامي الذي تنتدبه له المحكمة أو جهة الإدارة بحسب الأحوال؛ ذلك الوجوب الدستوري قد تضمنته المادة (11/1) من الميثاق العالمي لحقوق الإنسان وكذلك المادة (14/3) من الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية النص على حق المتهم في أن يدافع عنه مدافع يختاره، وليست تلك سوى مؤيدات لما ينبغي أن يفهم من النص الدستوري القاطع الدلالة.
والنتيجة الخطيرة الأخرى هي هدر النص الدستوري، رعاية لإجراء قضائي، هو سرعة الفصل في دعوى بخلاف ما رسمه الدستور، وهذا ما دعانا لتصدير كلامنا بقاعدة إعمال النص الدستوري أولى من إهماله.
إقرأ أيضا لـ "عبدالله الشملاوي"العدد 3049 - الإثنين 10 يناير 2011م الموافق 05 صفر 1432هـ
كلامك سليم أيها المحامي الفذ ولكن
قلنا سابقا ونقول إن أول من يحمل معاول الهدم للقوانين من يسنها هكذا هي الحالة ليس عندنا نحن فقط ولكن في الأعم الأغلب الأمور كذلك
إن من يسنّ القوانين يسنها أو يوفق عليها لمصلحة معينة ولكن عندما تقتضي الضرورة وقصدي بضرورة المشرع أن يحيد عن ما شرع فليس عليه بأس وله كل الحق في ذلك. غريب عجيب هذا الزمن
وسلام الله على الحق
ساعة عدل خير من عبادة 70عام
أن مفهوم العبادة بتحري العدالة مفهوم قصده يركز على أهمية العدل في المجتمع
الفريقين ابتلاهم الله ببعض ليرى فبعضهم بلائه حسن وبعضهم بلائه سيئ
لا شك أن من يتحرى العدالة في كل شيئ سيصيبها أو بعضها ولكن من كفر بالعدالة وبنى في عقله قانوناً غيرها فلن تزيده سرعته الا بعدا عن الهدف
بين الفريقين محكمة الضمير يعلمون بعدم صحة الاجرأت المتخدة ولكن هناك من يزين الخطأ في عيونهم
سلام الله عليك يا ابا عبدالله حيث يقول ابكي على هؤلاء القوم يدخلون النار بسببي
هذا
في بلد القانون الحقيقي الي يطبق على الكبير قبل الصغير مو يس على لصغير ذاات الانظمه البرلمانيه الدستوريه الحقيقيه