الفقر والصراعات الداخلية والمخاطر الخارجية المحدقة والمخدرات والبيئة ومكافحة ما يسمى «الارهاب» أصبحت يافطات وعناوين جاهزة لمبررات وذرائع قوية في غالبية الدول العربية للتهرب من المسئوليات الوطنية والالتزامات الدولية بشأن حماية الاطفال والشباب، الذين تتراوح اعمارهم ما بين 10 و16 عاما، من مخاطر الاعمال الشاقة والمضنية التي يمارسونها في أسواق العمل العربية، والتي تسلب منهم، بالتأكيد، ريعان طفولتهم وشبابهم وتهدد سلامتهم الجسدية والنفسية وصحتهم ورفاهيتهم في الحياة، فتحت كل هذه اليافطات والعناوين الواهية، يظل أطفال الوطن العربي يعيشون في أوضاع اجتماعية واقتصادية مزرية، ويحرمون من متعة حياة الطفولة البريئة.
وبحسب إحصاءات منظمة العمل الدولية يوجد أكثر من 13 مليون طفل تتراوح أعمارهم ما بين 10 و16 عاما، يمارسون أعمالاً صعبة وشاقة تفوق طاقاتهم الجسدية والنفسية، مما يؤدي إلى تهديد سلامتهم وصحتهم وزيادة شقائهم وحرمانهم من التمتع بحياة الطفولة المفعمة بالمرح واللعب والفرح والنشاط الفكري.
وعلى الرغم من أن معظم الدول العربية قد روجت لقضية حقوق الانسان، وشاركت في التوقيع على العديد من الاتفاقيات والبروتوكولات الدولية المعنية بحقوق الطفل، وتعهدت أمام المنظمات الدولية التابعة للامم المتحدة بتحسين سجلاتها في مجالات حماية الاطفال من مزاولة الاعمال الصعبة والشاقة التي لا تتناسب مع أعمارهم وأوضاعهم الجسدية والنفسية، تماشيا مع ما أكدت عليه معاهدة الامم المتحدة بشأن الاطفال التي تقول إن: «الاطفال والشباب لهم الحق في الحياة وأن ينموا وفقا لوتيرتهم الذاتية وأن يعملوا بما يقدرون عليه»، إلا أن نسبة تشغيل الاطفال في غالبية المجتمعات العربية ظلت تحث الخطى المتسارعة جدا، وبأرقام قد تكون قياسية مذهلة، في بعض البلدان، نتيجة عدم تطبيق القوانين الكافية لحماية الاطفال من الفقر والعوز المادي، الذي قد يدفع بهم لمزاولة الاعمال الشاقة والخطيرة من أجل حماية أوضاعهم الاقتصادية وإعانة عائلاتهم التي تعاني من أعباء مادية كبيرة، ومواجهة ضغوط الحياة المتزايدة، وعدم القدرة على تطوير سياسات اجتماعية واقتصادية وطنية، قادرة على حماية الاطفال القاصرين وانتشالهم من براثن التعاسة والتشرد والفقر.
ووفقا لسلسلة من التقارير والاحصاءات، هناك أكثر من 140 مليون طفل في الوطن العربي، بينهم قرابة 15 مليون طفل ما بين 10 و17 عاما، يمارسون مختلف الاعمال الشاقة والمضنية بسبب ظروف الحياة الاقتصادية والمعيشية الصعبة.
في المملكة المغربية، تشير بعض الاحصاءات إلى وجود قرابة 650 الف طفل مغربي تتراوح أعمارهم ما بين 6 و14 عاما حرموا من طفولتهم المبكرة، وخرجوا يبحثون عن مصادر الرزق لاعالة اسرهم الفقيرة.
وفي مصر، بحسب منظمة «اليونسيف» التابعة للامم المتحدة، هناك أكثر من ثلاثة ملايين طفل تتراوح أعمارهم ما بين 10 و14 عاما، أجبرتهم أوضاع الفقر المدقع على البحث عن مصادر الرزق، حيث تذكر بعض المصادر أن حوالي 24 في المئة من أطفال مصر البالغ عددهم 28 مليون طفل يعيشون بأقل من دولار واحد يوميا، كما أن أكثر من ربع الاطفال المصريين حرموا من حق أو أكثر من حقوقهم، حيث يعاني قرابة 5 ملايين طفل من ظروف السكن الملائم والمياه والصرف الصحي، ويواجه قرابة 106 ملايين طفل مظاهر البؤس والحرمان من الطعام والخدمات الصحية، الامر الذي يهدد بتفاقم أوضاعهم المزرية وإحباطاتهم وبؤسهم وزيادة حرمانهم من حقوقهم كأطفال.
وفي لبنان يوجد نحو 44 ألف طفل تتراوح أعمارهم ما بين 10 و17 عاما، تعمل غالبيتهم في القطاع الزراعي ولاسيما في مجالات زراعة التبغ، التي تشتهر بها قرى ومناطق جنوب لبنان.
وفي اليمن تشير التقديرات الى وجود أكثر من 500 الف طفل ما بين 10 و15 عاما، يعملون في مهن لا تناسب اعمارهم في مجالات الحدادة والبناء والزراعة.
وفي العراق هناك أكثر من مليوني طفل يعملون في مختلف الاعمال الشاقة القسرية، بسبب الاوضاع المعيشية القاسية، في ظل استمرار تدهور الاوضاع الامنية، وانعدام فرص السلم الاهلي، وتنامي مستويات البطالة.
وفي دول مجلس التعاون، تشير بعض الإحصاءات، إلى وجود قرابة 5 الاف طفل في دولة الامارات العربية المتحدة، و84 ألف طفل في السعودية، و14 الف طفل في سلطنة عمان، و13 الف طفل في البحرين، يعملون في مختلف المهن ذات الصعوبة البالغة والقسرية، في مجتمعات توصف بانها تعيش في بحبوحة الرفاهية، من «خيرات النفط» والانفتاح وعوائد الاستثمارات العملاقة والسياحة والتجارة الحرة.
وعلى العكس من ذلك، تعمل الدول المتقدمة ذات الانظمة البرلمانية الدستورية، على وضع قوانين صارمة تنظم عمل الاطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و16 عاما، التي تفسح المجال للاطفال القاصرين، بمزاولة بعض الاعمال البسيطة والخفيفة، مثل توزيع الصحف والمجلات والمنشورات التجارية الاعلانية، وكبائعين في بعض المحلات التجارية الكبيرة، بأشكال لا تعيقهم من مزاولتهم للدراسة والمعرفة، والتمتع بأحلام وتطلعات حياة الطفولة، والتفكير بالمستقبل.
وبحسب منظمة «اليونسيف» تحظى كل من هولندا والدنمارك والسويد، بالمراتب الاولى بين 11 دولة غنية، التي تتوافر فيها ظروف الحياة المعيشية الافضل حول العالم.
إقرأ أيضا لـ "هاني الريس"العدد 3049 - الإثنين 10 يناير 2011م الموافق 05 صفر 1432هـ
حديث لورباك!!
أخي لماذا لا ترجع للعيش معنا في البحرين لتناضل و تغير من واقع الـ "13 الف طفل في البحرين (اللذين كما تدعي) يعملون في مختلف المهن ذات الصعوبة البالغة والقسرية" بدل عن التنعم بحليب و جعة الدنمارك.
قلته
ذات الانظمه البرلمانية والدستوريه الحقيقيه مو انقعه واشرب مايته