العدد 3041 - الأحد 02 يناير 2011م الموافق 27 محرم 1432هـ

الإرهاب الأسود يطل من جديد

محمد أشرف حربي comments [at] alwasatnews.com

سفير جمهورية مصر العربية لدى البحرين

في لحظات سعيدة، كان يتبادل فيها ابناء مصر التهاني بقدوم العام الميلادي الجديد، أطل الارهاب بوجهه الأسود القبيح الذي لا يعرف ملة ولا ديناً ولا أرضاً ولا وطناً، وكشر عن أنيابه، وكأنما استكثر على شعب مصر مسلمين وأقباط ان تجمعهم فرحة وترتسم على شفاههم ابتسامة ولو لمدة دقائق، استكثر الإرهاب الأسود على المصريين أن يمر عليهم عام دون وقوع مفاجآت أو هجمات إرهابية‏,‏ تدمر نسيج الشعب وسمعة الوطن‏,‏ بعدما تمكنت هيبة الدولة ومقاومة الشعب من محاصرة جماعات التطرف‏ وتصفية بؤر الإرهاب التي استغلت الدين غطاء مموها‏ له.‏

وقع في ليلة رأس السنة، عمل ارهابي شنيع، غريب علينا وعلى مجتمعنا، استهدف مصر بأقباطها ومسلميها، ووجه ضربته الاجرامية، التي صدمت مشاعرنا جميعا، وأوجعت قلوب المصريين، مسلميهم وأقباطهم، امتزجت فيها دماء شهدائهم وجرحاهم على ارض الاسكندرية.

وبعد ساعات قليلة من هذا العمل الارهابي الآثم، جاءت كلمة الرئيس محمد حسني مبارك، لتقديم خالص التعازي والمواساة الى أسر الضحايا والمصابين، اقباطا ومسلمين، ومؤكدا ان دماء ابنائنا لن تضيع هدرا، وسيتم تعقب المخططين لهذا العمل الارهابي ومرتكبيه، وملاحقة المتورطين في التعاون معهم، ممن يندسون بيننا، وستقطع يد الارهاب المتربص بنا.

كما اصدر الامام الأكبر شيخ الأزهر أحمد الطيب، بيانا اعرب فيه عن بالغ أسفه وألمه للحادث الإجرامي، ووجه صادق التعازى لأسر الضحايا، داعيا الله أن يمن على الجرحى بالشفاء العاجل، مؤكدا أنه من موقع العلم الشرعي والمسئولية الوطنية يؤكد أن هذا العمل الإجرامي عمل آثم محرم شرعا، لأن الإسلام أوجب على المسلمين حماية الكنائس كما يحمون المساجد.

لقد أكد الرئيس مبارك - في كلمته - أن قوى الإرهاب لن تنجح في مخططاتها، وستفشل في زعزعة استقرار مصر، او النيل من أمان شعبها ووحدة مسلميها واقباطها. وأعلنها صراحة مدوية أن امن مصر القومي هو مسئوليته الأولى ولن يفرط فيه ابدا، ولن يسمح لأحد أيا كان بالمساس به، او الاستخفاف بأرواح ومقدرات شعبنا.

هذا البيان المعلن بكل شفافية ووضوح للداخل والخارج‏,‏ يشير بتورط أصابع خارجية، غريبة على تركيبة مجتمعنا المصري، تريد ان تجعل من مصر ساحة لما نراه من شرور الارهاب بمنطقتنا وخارجها، وتختلق الأزمات وتثير الفتن‏,‏ لهدف كان مضمرا ومخبأً بالأمس‏,‏ واليوم صار معلنا وناشطا‏، ألا وهو ضرب مصر من الداخل. مصر بالتحديد‏,‏ الدولة الرئيسية في الساحة العربية‏,‏ ضربة تمزق أوصالها‏,‏ وتقسم شعبها وتفتت وحدتها السياسية والجغرافية والبشرية‏,‏ التي عاشت عليها وبها آلاف السنين‏,‏ كدولة واحدة موحدة‏,‏ منذ أن وحد الفرعون الملك «مينا» الوجهين‏:‏ القبلي والبحري‏,‏ حتي الآن‏,‏ مرورا بمراحل تاريخية متتابعة‏,‏ انتقلت خلالها من العبادات الفرعونية القديمة‏,‏ إلى المسيحية فالإسلام‏,‏ كما تنقلت فيما بين الحكم الروماني ودولة البطالمة وبين احتلال الفرنسيين والبريطانيين‏.‏

لكنها ظلت مصر الواحدة الموحدة أرضا وبشرا وتاريخا‏,‏ وإن تعددت فيها الديانات والثقافات‏,‏ في ظل عبقرية الزمان والمكان التي احتوت الجميع وأعادت صياغة الكل في بوتقة واحد‏ة، وخير دليل على ذلك خروج مسيرات من المصريين مسلمين وأقباط تندد بهذا العدوان الإرهابي الآثم.

وحتى تصدر نتائج التحقيق كاملة‏ وتعلن جميع تفاصيلها للشعب‏ والعالم أجمع، وتقتص يد العدالة من الجناة، فإننا نهرع إلى الاحتماء بالوحدة‏,‏ وحدة الأرض والوطن والتاريخ والثقافة والتعايش المشترك، ونضم صوتنا إلى صوت رئيسنا في ان نقف صفا واحدا في مواجهة قوى الارهاب، ومحاسبة ومعاقبة كل من يثبت ارتكابه او تعاونه في هذا الجرم الآثم,‏ ليلقى الجزاء العادل وفقا للدستور والقانون‏,‏ واحتراما للقيم والمبادئ التي عهدها المصريون‏.‏

وختاما نقول إن مصر لم تعرف في تاريخها التفرقة بين مسلم وقبطي‏،‏ وإن كل المصريون تحت راية واحدة‏,‏ يمثلون شعبا مترابطا على مدى التاريخ‏، وان نسيج مصر الأبيض‏,‏ هو أنقى من أن تلوثه يد الارهاب الاسود.

واليوم ونحن نقدم التعازي والمواساة لأسر ضحايا الشهداء‏,‏ نؤكد لهم أن الدم الذي سال هو دم مصري طاهر‏,‏ ولا فرق بين كونه مسلما أو مسيحيا‏,‏ ولن يسمح المصريون للعابثين وعناصر التطرف ومروجي الإثارة بإثارة الفتنة بين أبناء الوطن الواحد‏.‏

ربنا اجعل هذا البلد آمنا... وانصرنا عل كل من أراد به شرا أو سوءاً.

إقرأ أيضا لـ "محمد أشرف حربي"

العدد 3041 - الأحد 02 يناير 2011م الموافق 27 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 2:55 ص

      الإرهاب الأسود و المخابرات يدا بيد

      الإرهاب الأسود و المخابرات يدا بيد

    • زائر 2 | 11:13 م

      التفرقة جاءت بسبب الفهم الخاطيء للإسلام

      الإسلام دين التسامح ودين المحبة حوله بعض الجهلة الملتبس عليهم الفهم الخطأ للدين إلى بوع بوع وإرهاب لكل الناس
      متى ما فهمنا الدين وقرأناه القراءة الحقّة الصحيحة فإننا لن نجد في ديننا ما يبيح لنا قتل من يختلف معنا كأننا وكلاء الله في خلقه
      ولو شاء الله أن يجبر الناس على دين معين لما خلقهم من الأساس وإلا ما الداعي أن يخلقهم ثم يأمر خلقه بقتلهم ما هذا الفهم السقيم
      من أعطى هؤلا الجهلة الحق بالقتل والإبادة
      من أين دخلت مثل هذه الأفكار في الدين
      لا حول ولا قوة إلا بالله

    • زائر 1 | 10:34 م

      متى راح

      عشان الحين اطل

اقرأ ايضاً