استعاد العراقيون في خضم الفوضى والخراب الذي يعم بلادهم ذكرى بطل الاسطورة العباسية «علي بابا والأربعين حرامي» بعد أن كادوا ينسونها بمرور الزمن العصيب الذي مر عليهم خلال الـ 35 عاما الماضية وهي مدة حكم الرئيس العراقي السابق صدام حسين الذي اغدق في مراحل معينة الأموال على العراقيين الذين لم يتذكروا في حينها أن هناك ثمة حاجة إلى تشبيه أي شخص من أركان الحكم بـ «علي بابا» مادامت السرقات لا تأتي على جيوبهم مباشرة.

بيد أن الجنود الأميركان أيقظوا طيف «علي بابا» حينما بدأوا يسلبون بعض الأشخاص أموالهم الخاصة من نقود أو ذهب أو حاجات ثمينة أثناء اقتحام البيوت أو خلال عمليات التفتيش في نقاط السيطرة المنتشرة في عموم البلاد، وقد نقلت وسائل الاعلام المختلفة بما في ذلك الفضائيات التلفزيونية كيف استرد أحد المواطنين نقوده بعد أن اشتكى أحد الجنود الأميركان عند آمره، فأخرج هذا الجندي رزمة النقود وسلمها الى المواطن الذي بدوره عرضها على شاشة التلفزيون يحيطه عدد من الناس الذين أخذوا يهتفون «علي بابا» كناية عن الجندي الأميركي.

وأصبح اسم «علي بابا» مسموعا في شوارع وأزقة المدن العراقية، ولم تعد هنالك ثمة صعوبة في معرفة المقصود به، فحتى الأطفال الذين يلعبون في الأزقة الضيقة اصبحوا يدركون أن «علي بابا» يعني الجندي الأميركي، فبعضهم كان ينطق باسم «علي بابا» متى ما رأى جنديا أميركيا يمر من جنبه.

ولعل حرب الدعاية من الحروب الماضية التي اقترنت بتاريخ العسكرية في العالم، واستخدمت المقاومة الفيتنامية حرب الدعاية والتشويه بشكل ناجح ضد الفرنسيين والأميركان.

ويبدو أن الجانب «التشويهي» في حرب المقاومة يؤدي الى زعزعة نفوس الجنود الأجانب بشكل كبير، ويخلق فيما بينهم نوعا من الحساسية وخصوصا اذا ارتبط الأمر بتصرفات غير لائقة لبعض هؤلاء الجنود في حين يحاول البعض الآخر الذي يحتفظ بأخلاقية مستقيمة أن يستنكر هذا التصرف بأشكال مختلفة. أسطورة «علي بابا والأربعين حرامي» لم تكن ضمن مناهج التعليم في العراق، وانما كانت متوافرة في أسواق الكتب العراقية كمثيلتيها «ألف ليلة وليلة» و«رجوع الشيخ إلى صباه»، وغيرهما من حكايات وأساطير، ولكنها الآن استفاقت من ركام الزمن الماضي وبدأت تدخل البيوت والعقول بعد انقطاع طويل وخصوصا حينما أعاد ذكراها الجنود الأميركان