العدد 3039 - الجمعة 31 ديسمبر 2010م الموافق 25 محرم 1432هـ

طموحات العام 2011

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إذا كنا قد شخصنا الهموم التي عاشها المواطن، وعانى منها، خلال العام 2010، فمن الطبيعي أن تكون أولويات تطلعاته في العام 2011 أن يرى تلك الهموم وقد بدأت في التراجع نحو الخلف بفضل جهود ذوي العلاقة بها. ولذا فلن نتناول مدلولات ذلك التراجع، في سياق حديثنا عن طموحات ذلك المواطن التي يتمنى أن يراها تحققت في العام 2011، أخذاً بعين الاعتبار الذيول التي تركتها وراءها سلبيات 2010. يمكن لنا هنا إدراج قائمة طويلة من تلك التطلعات، لكننا عوضاً عن ذلك سنورد ما نرى أنها الأهم منها، والتي يمكن إيجازها في النقاط التالية:

1. تبلور معارضة وطنية في مجلس النواب، وعندما يطالب المواطن نوابه تشكيل هذه الكتلة النيابية الوطنية، فهو لا يعطي لنفسه، أو حتى لغيره الحق في تجريد النواب أو حتى كتلهم من تلك الصفة الوطنية، بقدر ما يطالبهم أن يغادروا خنادقهم الطائفية، كي يؤسسوا لتجمع وطني يضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل شيء وقبل أي شيء. قد تجادل الكتل النيابية حول هذه المسألة، وتحاول نفي هذه التهمة عنها، لكن صناديق الاقتراع ونتائج الانتخابات، وقبل هذه وتلك، شعارات الحملات الانتخابية المبطنة، أو التحشيدات غير العلنية، جميعها فاحت منها روائح الطائفية التي زكمت الأنوف. ولن يسمح المواطن لمعارضته أن تبرر ذلك السلوك الطائفي بأنه ردة فعل طبيعية ومطلوبة على طائفية بعض أطراف السلطة التنفيذية أو رموزها. المواطن البحريني، ودون الدخول في التفاصيل المضللة، يتطلع بأمل وصدق بأن يرى مثل هذه الكتلة القادرة على التصدي لخطط السلطة التنفيذية وبرامجها، ليس من أجل المناكفة وتأزيم الشارع، بل لطرح البديل الصالح، وضمان تنفيذه على الوجه الأكمل.

2. كف السلطة التنفيذية عن تذبذبها وحرصها على وضوح مواقفها القائمة على احترام القوانين والأنظمة، وفي المقدمة منها مواد دستور البلاد المعمول به. يتطلع المواطن إلى سلطة شفافة، تعمل بصدق من أجل نقل البلاد، بشكل تدريجي، بعيداً عن العنف، وبتحاشي أي شكل من أشكال التوتر المأزوم، إلى مجتمع المملكة الدستورية. هنا يتطلع المواطن نحو القضاء والسلطات التشريعية، يملؤه الطموح أن يراها وهي تعمل وفق آلية بعيدة عن العلاقات القبلية، أو تلك الطائفية، ورافضة كل أشكال الممارسة البعيدة عن روح استقلالية القضاء، أوالمنافية لمواد الدستور. هذا يعني فيما يعني أن المواطن حر حتى تثبت إدانته، ولا يمكن إدانته بعيداً عن ممارسته لحقه في الحصول في الاستعانة بكل وسائل الدفاع المشروعة التي تساعده على إثبات براءته، قبل أن يصبح ضحية حكم جائر، أو قرار باطل. هذا على المستوى الداخلي، أما على المستوى الخارجي، فينبغي أن تكون مصلحة البحرين هي بوصلة السلطة التنفيذية الوحيدة التي ترشدها في طريق نسج علاقاتها الإقليمية والدولية، دون تغليب أي من العلاقات على تلك المصلحة، مهما كان نفوذ تلك القوة الإقليمي، أو حضور الأخرى في المحافل الدولية.

3. وضع هموم المواطن اليومية في قمة سلم الأولويات لدى الطرفين: السلطة التنفيذية والمعارضة، ليس من منطلقات انتهازية تكتيكية، ولكن بفضل التزامات حقيقية صادقة. فلا ينبغي للأولى أن يكون مصدر ادعاءتها في توفير الحياة الكريمة للمواطن، من خلال تأمينها لمتطلبات السكن والخدمات الصحية والتعليمية هو رغبتها في امتصاص نقمة المواطن، وتنفيس احتقاناته خشية انفجارها وتحولها إلى مواجهات عنيفة ترهق السلطة التنفيذية، وتشل حركتها على الصعيد الداخلي، وتحرج مواقفها، وتأزم علاقاتها على المستوى الخارجي. وبالقدر نفسه، لا ينبغي أن يتحول نضال المعارضة من أجل إقناع أو إرغام السلطة على توفير ذلك، إلى برنامج حقيقي تناضل من أجله تلك المعارضة، وليس مجرد ورقة انتخابية تضمن المزيد من الأصوات، التي توصل مرشحيها إلى مقاعد البرلمان، أو لتعزيز نفوذها في الشارع السياسي.

4. تحول جذري في مواقف تجار البلاد ووجهائها من القضايا المصيرية التي تواجها البلاد، على المستويات كافة، سياسية كانت أم اقتصادية، بل وحتى الاجتماعية منها. يطمح المواطن أن يشهد خروج تجار بلاده من جحور الخوف والتردد، إلى فضاء الإقدام والمبادرة. لقد آن الأوان كي يرفض تجار البحرين الاستمرار في القبول بفتات ما ترميه لهم السلطة التنفيذية، والرضى بفضلات موائدها، سياسية كانت تلك العطاءات المقترة أم اقتصادية، ويبدأوا بدلاً من ذلك في انتزاع حقوقهم الشرعية التي تليق بمقامهم الاقتصادي ومكانتهم الاجتماعية. يود المواطن أن يمحو التاجر البحرين صورته الراسخة في أذهان الجميع التي يبدو فيها واقفاً ينتظر أن تلقي له السلطة التنفيذية بهذه المناقصة هنا، أو تلك المشاركة في مناسبة معينة هناك، وأن يرسم لنفسه مكانها صورة أخرى مكانها يكون فيها صاحب موقف مستقل شجاع، ورأي سديد جريء. ليست هذه دعوة عاطفية لتأجيج صراع عنيف، بقدر ما هي نداء عاقل يخاطب الذهن قبل الفؤاد، ويضع أهل المصالح في مواقع المدافعين عنها، وينتزع من داخلهم روح الاستكانة وذهنية الخضوع.

5. دور جديد لمنظمات المجتمع المدني، يتمرد على جبروت السلطة التنفيذية وتغرطسها من جهة، ويرفض أبوية المعارضة وضيق أفقها من جهة ثانية. يطمح المواطن أن يرى مؤسسات المجتمع المدني، وقد وقفت على قدميها بحرية واستقلال، تخاطب الجميع، من منطلق الندِّية والمساواة، القائمة على مستوى عالٍ من الحرفية، ودرجة متقدمة من الاستقلالية المسئولة. هذه الموازنة، بين التقيد بأصول المهنية ومتطلباتها، والمشاركة في المسيرة السياسية والتفاعل مع برامجها، بحاجة إلى رموز كفوءة تقود تلك المنظمات وتضع خططها وتنفذ برامجها، دون خوف من السلطة أو وجل من جبروتها من جانب، ودون محاباة المعارضة أو الاستحياء من كف يد تدخلاتها غير المشروعة واللامبررة من جانب آخر.

هذه، اليوم، جردة سريعة بتطلعات المواطن، وقبلها أمس كانت همومه. ولا يخفى على المواطن الحاذق أن طريق الرغبة في استئصال الهموم، والعمل على تحقيق التطلعات، طويلة ووعرة، لكنه لا يملك إلا أن يسلكها. فهل تستطيع السلطة التنفيذية أن تنزع أسباب الوعورة، وهل تعمل المعارضة من أجل تقصير فترة عبورها، هذا هو السؤال؟

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3039 - الجمعة 31 ديسمبر 2010م الموافق 25 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 1:08 ص

      بحريني ساكن في خير سوريا لايبيع وطنه بمال الدنيا وقارون

      فقط فرصة متكافئة للجميع في العمل والسكن فقط لااكثر اما بخصوص تجارنا فلاتقسوا عليهم فهم ليسوا تجار الكويت

اقرأ ايضاً