في سابقة هي الأولى على النطاق العالمي، قرر القضاء الفرنسي فتح تحقيق في ثروات عدد من القادة الرؤساء الافارقة السابقين والحاليين، وقد نجحت الحملة التي قادتها منظمة الشفافية الفرنسية، في اقناع القضاء الفرنسي في رفض طلب النيابة العامة برفض التحقيق في ثروات عدد من القادة والرؤساء الأفارقة السابقين والحاليين، باعتبار ذلك يضر بالمصالح العليا الفرنسية. وقد أسهم في هذه الحملة الناشط ضد الفساد من جابون، جريجوري فيستا، والذي تعرض للسجن واللاحقة مما اضطره إلى طلب اللجوء إلى فرنسا، وقد عمل جريجوري مع منظمة الشفافية الفرنسية في تقصي الثروات المنهوبة من قبل هؤلاء الزعماء، حيث يمتلك هؤلاء عقارات وسيارات فاخرة، وأرصدة في البنوك وغيرها. وقد نال جريجوري فيستا جائزة النزاهة من قبل منظمة الشفافية الدولية في المؤتمر الدولي لمكافحة الفساد في بانكوك خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي ولقاء تضحياته ونضاله وإسهامه في هذا الاختراق.
كما أن مرشح منظمة الشفافية الفرنسية، قد انتخب في مؤتمر الشفافية هذا كأحد أعضاء مجلس الأمناء تقديرا لإسهامه في انجاز الفرع الفرنسي لمنظمة الشفافية الدولية.
أما الحدث المهم الثاني فهو قرار القضاء الفرنسي بتكليف النيابة العامة للتحقيق في رُشا ضخمة رافقت صفقة «الصواري 2» بين فرنسا والسعودية والتي تشمل تزويد فرنسا للمملكة العربية السعودية فرقاطات فرنسية من طراز لافاييت، بقيمة تبلغ 2.5 مليار يورو، ووصلت قيمة العمولات المرافقة لهذه الصفقة حتى العام 2000 إلى 18 % من قيمة العقد بحسب مسئول في إدارة الإنشاءات البحرية غير انه لم يتم تسديد قسم من هذه العمولات بعد أن أمر الرئيس جاك شيراك بوقفها بعد انتخابه رئيسا في العام 1995.
وقد جاء قرار سلطات القضاء الفرنسي هذا بعد ان طلب القاضي رونوفان رويمبيك، وهو الذي يحقق في قضية كراتشي المتعلقة بعقد اسلحة مع الباكستان تحوم حوله الشبهات، طلب في نهاية نوفمبر/ تشرين الثاني من النيابة العامة في باريس توسيع هذا التحقيق ليشمل عقد صواري 2002 الذي أبرمته حكومة رئيس الوزراء الفرنسي حينها ادوارد بالادور.
غير أن النيابة رفضت اسناد التحقيقات الجديدة للقاضي فان رويمبيك وقررت في 6 ديسمبر/ كانون الأول 2010 فتح تحقيق مستقل يتوقع ان يعهد به إلى قاض آخر.
وأوضح مقرر البعثة البرلمانية حول اعتداء كراتشي برنارد كازنوف في مايو/ أيار 2010 باحتمال وجود رابط بين الاعتداء ووقف تسديد عمولات رافقت صفقة بيع غواصات من طراز اغوستا إلى الباكستان وصفقة بيع فرقاطات إلى السعودية، وكانت مجموعة من العسكريين الفرنسيين المعنيين بصفقة الغواصات إلى باكستان قد تعرضوا لاعتداء إرهابي أودى بحياة عدد منهم وجرح آخرين، مما يعتقد بانه تم بتدبير ممن كانوا يتقاضون العمولات التي أوقفت عنهم.
ويعد قرار القضاء الفرنسي اختراقا فيما هو معهود حتى في بلدان يسود فيها حكم القانون مثل المملكة المتحدة. فخلافا لقرار القضاء الفرنسي، فقد قررت أعلى محكمة في المملكة المتحدة وهي المحكمة المنبثقة من مجلس اللوردات بعدم المضي في القضية المتعلقة بصفقة اليمامة 3 بين المملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة حيث تزود شركة برتيش يوربين ايروسبيس (British European Aerospace) تزويد المملكة العربية السعودية منظومات من أسلحة الطيران تتضمن طائرات يوروفايتر (Euro Fighter) وطائرات هوك للتدريب، وتجهيزات اضافية وذخائر، وخدمات صيانة، وكذلك منظومات صواريخ مضادة للطائرات، والبنية العسكرية المرافقة لكل ذلك.
وبرنامج اليمامة وهو برنامج معقد ويمتد على عشرات السنوات ويكلف عشرات البلايين من الجنيهات الإسترلينية. وتترافق كل صفقة من صفقاته بعمولات هائلة بحيث يتجاوز مجموعها المليارات.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 3036 - الثلثاء 28 ديسمبر 2010م الموافق 22 محرم 1432هـ