العدد 3034 - الأحد 26 ديسمبر 2010م الموافق 20 محرم 1432هـ

نحو عمل بحريني - قطري مشترك (3 - 3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعد معالجة النقطتين الأولى والثانية، نصل إلى الثالثة والأخيرة، والتي هي كيفية تهيئة المجالات والقوى كي تتكامل من أجل تحقيق المردود الاستثماري الأقصى من خلال انخراطها في أنشطة ذلك المشروع القطري الضخم. تقوم هذه التهيئة على ركائز أساسية هي:

1 - سياسية، فالمطلوب منا جميعاً ان نلقي وراء ظهورنا كل خلفيات الماضي المثقلة ببعض الخلافات الإقليمية الناتجة عن الصراع على ترسيم الحدود، او بفضل ضغوط إقليمية، وان نسعى الى مد اليد البيضاء بصورة ناصعة راغبة، وبصدق، في تعزيز العلاقات القائمة وتوسيع نطاقها على جميع المستويات، وفي القطاعين العام والخاص، ليس من منطلقات تكتيكية تحكمها نظرة آنية ضيقة، وإنما من رؤية استراتيجية بعيدة المدى تضع نصب عينيها مصالح البلدين، وتعمل على تحقيقها بشمل منطقي. ولربما آن الأوان كي نرى نشاطاً تسيره آليات مجتمع مدني متطور، وقطاع خاص نشط، ويضع أمام المسئولين في البلدين خطة متكاملة تفصح فيها عن المردود الإيجابي، السياسي والاقتصادي، بالنسبة للبلدين، فيما لو تم الاتفاق عليها بين الطرفين.

2 - حضارية متطورة، فعلى البحرين حكومة وشعبا الكف عن النظر إلى قطر اليوم على انها قطر الخمسينيات من القرن الماضي، عندما كانت البحرين تسبقها في الكثير من مقومات المجتمعات المتحضرة. فثروة الغاز التي تدفقت خلال السنوات العشر الماضية، وسوف تتدفق على قطر في الأربعين سنة القادمة، جعلتها، وسوف تواصل إبقائها في مواقع متقدمة... وهذا فخر للمنطقة الخليجية العربية. يكفي النظر إلى بعض الإنجازات القطرية في الإعلام والتعليم، كي ندرك، دون إسقاط بعض الملاحظات على كلفتها وموازنات تنفيذها، أنها وضعت قطر اليوم في ذلك الموقع المتقدم الذي نتحدث عنه، الذي ينبغي أن يؤخذ في الحسبان عند الاقتراب من قطر من أجل التعاون معها اقتصاديا او سياسيا.

3 - قنوعة وعادلة ومنصفة: قنوعة، بتحديد الحصة الطبيعية التي تستحقها البحرين، دون إجحاف بحق هذا لبلد أو ذاك، والمبادرات يجب ان تكون قادمة بذهنية تعمل على أسس عادلة في تقسيم العائد بين الشركات القطرية والبحرينية بناء على المدخلات التي يقدمها كل طرف، ومنصفة في تقسيم حصة العائد للطرف البحريني من تلك المشروعات على اوسع نسبة من شركات القطاعين الخاص والعام البحرينية، فلا يستحوذ عليها فرد أو مؤسسة، بناء على أساس الوضع الاجتماعي، أو المكانة السياسية.

4 - سوقية، بمعنى دراسة اتجاهات السوق القطرية ومتطلباتها الجديدة التي ولدها الفوز القطري باستضافة مباريات كأس العالم (مونديال 2022)، فمن غير المنطقي ذهاب البحرين إلى قطر باحثة عن فرص استثمارية، فارغة اليدين من رؤية استراتيجية متكاملة تحدد تلك الاتجاهات والمتطلبات، وترسم في ضوئها، وبشكل علمي ممنهج، الدور الذي يمكن أن تمارسه البحرين، سواء من حيث توفير السيولة النقدية ورأس المال الاستثماري، أو الخبرة التي بحوزة الموارد البشرية البحرينية، أو بتقديم البرامج الإضافية التي يمكن تنفيذها على هامش الفعاليات الرياضية، ترفيهية كانت أم ثقافية. فمن الأخطاء القاتلة التي يمكن أن تحرم البحرين من الفوز بما تستحقه من كعكة تلك البطولة، هي أن تذهب البحرين مستجدية بعض الفتات، بدلا من أن تكون عارضة لبعض المشروعات الضرورية، والتي تنفرد البحرين بالقدرة على تنفيذها، دون سواها، وفقا لمقاييس عالمية.

5 - إجرائية، فليس هناك ما يحول دون شروع مؤسسات حكومة البحرين الاستثمارية، مثل شركة ممتلكات وما شابهها، سوية مع رأس مال القطاع الخاص، في الدخول في مشروعات مستقبلية مشتركة، سواء تلك التي سوف يتم تنفيذها في البحرين لخدمة فعاليات كأس العالم، أو ربما داخل قطر نفسها للغرض ذاته، على أن تتزامن تواريخ إنجازها، مع اقتراب افتتاح فعاليات كأس العالم 2022، ما يدر على الدولتين عائداً استثمارياً يبرر مثل ذلك التعاون. الأمر ذاته ينطبق على القطاع الخاص منفرداً أيضا. فعندما يجد الرأسمال الاستثماري البحريني الذي بحوزة مؤسسة منفردة، نفسه غير قادر على منافسة الرساميل الأخرى، فليس هناك أفضل من تشكيل تكتلات استثمارية من شركات متعددة، تكون أفضل حظا في الفوز ضد منافسيها من رساميل الدول المجاورة، او حتى العالمية.

6 - تعاونية، والمقصود بها تشكيل تحالف مالي/ تجاري بحريني - قطري، يتولى الدخول المشترك، وبتغطية قطرية، في المناقصات ذات العلاقة بالفعالية. قد تبدو مثل هذه الدعوة خيالية، لكنها ستكون أكثر قربا من الواقع، عندما نأخذ في الحسبان، التشابك العائلي بين البلدين. وهنا لا يمكننا أن نغفل الدور المميز والرائد الذي يمكن ان تمارسه غرفتا التجارة والصناعة في البلدين، حيث بوسعهما أن يكسرا سوية حواجز الحدود السياسية، ويفتحا المجال أمام أي عمل مشترك قطري - بحريني، ويعطيانه بعض التميز بعد الشركات القطرية المحضة. وليس هناك أي ضير هنا من الاستفادة من الروابط الأسرية القائمة بين فروع العوائل في البلدين.

ما لم تستعد البحرين، وعلى نحو علمي مدروس، ومن منطلقات استراتيجية راسخة، فليس من حقنا توجيه اللوم للقطريين، او لعن حظنا العثر، الذي أفقدنا، كما قد نتوهم، العديد من الفرص المتاحة أمامنا لتحقيق الكثير من المكاسب المشروعة وذات المصلحة المتبادلة للبلدين. كل ما يتمناه المواطن هنا أن تسارع الدولة والقطاع الخاص، وينظما خطواتهما في إيقاع متناسق ومتكامل كي يحققا الفائدة القصوى من الفرص التي ستتيحها أمامهما بطولة كأس العالم 2022.

وما لم تنجح البحرين في تحقيق ذلك، فلا ينبغي ان نتوقع من الأجيال القادمة سوى اللعنات التي ستحل على جيلنا الذي يكون قد استحقها. فضياع مثل هذه الفرصة الذهبية التي قد لا تتكرر خلال قرن، يعني أننا نسرق من فم الأجيال القادمة لقمة العيش التي يستحقونها، ونصادر منهم، بغير عدل أو مبرر، حصتهم المشروعة في دخل بين أيدينا وعلى مرمى حجر منا. وسخط تلك الأجيال لن يكون سلميا، كما ان لعنتهم لا يمكن إلا أن تكون قاسية، وربما مدمرة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3034 - الأحد 26 ديسمبر 2010م الموافق 20 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • مواطن مستضعف | 3:37 ص

      تتمة ..

      مثال: مناقصة جسر سترة ... حصلت عليها شركة (..............) البحرينية, ثم تحولت المناقصة بقدرة قادر إلى شركة أجنبية ... فبم تفسّر ذلك؟
      و الأمثلة كثيرة لا يسع المقام لذكرها!!
      هذه هي سياسة الحكومة البحرينية مع بالغ الأسى, و لو أردنا الخوض بالدوافع و المسببات ..... فلن تسمح لنا "وسطنا الغرّاء" بالنشر, لذا أقول:
      في فمي ماء .. فهل ينطق من في فيه ماء؟
      مع خالص الود

    • مواطن مستضعف | 3:36 ص

      في فمي ماء .. فهل ينطق من في فيه ماء؟

      آمل بأن يتسّع صدرك يا أستاذي العزيز لما سأحاول إيجازه قدر الممكن:
      هل تعلم يا عزيزي بأن كبرى شركات المقاولات البحرينية, قد تعرضوا إلى تضييق و حرب من قبل الحكومة, ما أوصلها –أي الشركات- للتضعضع مالياً, و من ثمّ الإنسحاب من سوق العمل البحريني, و اللجوء لسوق العمل الخليجي!!

    • حسين عيسى | 11:53 م

      البحرين وقطر

      البحرين وقطر شعب واحد وان شاء الله يكون جسر قطر بحرين هو زيادة الى الترابط الاخوي لكي يتسنى لنا الذهاب الى كأس العالم 2022 في قطر باسرع وقت ممكن ؟؟؟

اقرأ ايضاً