العدد 3033 - السبت 25 ديسمبر 2010م الموافق 19 محرم 1432هـ

حذار من لعنة الأجيال القادمة (2-3)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لكي نستطيع تحديد معالم وآفاق مجالات الاستفادة التي يمكن أن تجنيها البحرين كدولة، حكومة وشعبا من وراء هذا المكسب القطري الضخم، لابد من تحديد ثلاثة محاور أساسية، الأول هو: نطاقات تلك الاستفادة وقطاعاتها، والثاني هو القوى والجهات التي بوسعها، متى ما طورت نفسها أن تكون مؤهلة لقطف ثمارها من أشجار ذلك المشروع، والثالث هو كيفية تهيئة المجالات والقوى كي تتكامل من أجل تحقيق المردود الاستثماري الأقصى من خلال انخراطها في أنشطة ذلك المشروع.

وعلى مستوى القطاعات يمكننا تحديد أهم المجالات والقطاعات في النقاط التالية:

1 - البناء والتشييد، فالأرقام التي أوردناها أعلاه، كلها تشير إلى ضخامة المشروعات المطلوب إنجازها، من ملاعب، وفنادق، وطرق... كي تستحق قطر استضافة البطولة. وتمتلك البحرين مهارات بشرية محلية، وكفاءات مهنية على المستويين الفردي، والمؤسساتي، قادرة على الدخول في منافسات وبمقاييس مهنية عالمية عالية. ولا ينبغي أن يكون صغر حجم المؤسسات البحرينية، أو تواضع إمكاناتها المالية، سببا في تخوف مثل تلك المؤسسات في منافسة مثيلاتها إقليميات كانت أم عالميات، مأخوذا بعين الاعتبار هنا الخبرة الغنية المتوافرة بحوزة البحرينية منها. ونخص بالذكر هنا مشروعا محددا هو الجسر الذي يربط بين البحرين وقطر، والذي كان من عوامل نجاح هذه الأخيرة وتفوقها على منافساتها من الدول الأخرى التي كانت المرشحة لاستضافة البطولة. والحديث عن هذا الجسر لا يقتصر على البناء، وإنما يضاف إلى ذلك مجال الإدارة، التي بحوزة البحرين، خبرة غنية استقتها من عمل أبنائها في إدارة الجسر الذي يربط بين البحرين والمنطقة الشرقية بالسعودية.

2 - الضيافة والفندقة، وربما تكون المنافسة شديدة في الفئة العليا من هذا القطاع، نظرا لدخول شركات عالمية ذات إمكانات متقدمة، مقارنة بتلك التي بين يدي المؤسسات البحرينية، لكن هذه الأخيرة بوسعها المنافسة، وربما بتفوق، في الفئات المتوسطة منها. ومرة أخرى، سنكتشف أن لدى البحرين، موارد بشرية محلية ماهرة، قادرة على المنافسة. وليس بالضرورة أن تكون المنافسة على الأراضي القطرية فحسب، إذ يمكن أن تضاف أيضا تلك التي ستقدم خدماتها من البحرين ذاتها.

3 - تقنية الاتصالات والمعلومات، وتقوم في البحرين شركات متخصصة، وقادرة على المنافسة أيضا، في هذا المجال، ولا ينبغي أن نحصر هذا القطاع على الخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات فقط، فهناك بناء المنصات الإلكترونية، والتزويد بالمحتوى الإلكتروني، وجميعها تمتلك الشركات البحرينية خبرة غنية فيها، تؤكدها الجوائز العالمية التي حازت عليها البحرين خلال السنوات الخمس الماضية، والتي كان آخرها فوز الحكومة الإلكترونية بجائزة القمة العالمية (WSA) للبيانات الإلكترونية في قمة أبوظبي في الأسبوع الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2010.

4 - إقامة المباريات، إذ يمكن الاتفاق على استضافة بعض المباريات في البحرين، وللاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) سابقة على هذا الصعيد، عندما تقاسمت الاستضافة طوكيو في اليابان، وسيؤول في كوريا الجنوبية، في بطولة الكأس في العام 2002. ربما تختلف الظروف، لكن هذا لا يمنع من احتمال، وهذا رهن بموافقة قطر في الدرجة الأولى، إقامة بعض المباريات فوق ملاعب بحرينية.

ليست هذه جميع المجالات لكنها، كما نعتقد، الأكثر ملاءمة لظروف البحرين وإمكاناتها البشرية والمؤسساتية، والتي ننتقل منها إلى تحديد القوى والجهات التي بوسعها الاستفادة من المشروع القطري، والتي يمكن تصنيفها وفقا للفئات التالية:

1 - حكومية، والمقصود هنا بعض المؤسسات الحكومية البحرينية القادرة على توفير بعض الخدمات المميزة التي بإمكانها الارتقاء بأداء المؤسسات القطرية، ومن أبرز المؤسسات الحكومية البحرينية في هذا المجال، هي الحكومة الإلكترونية، التي جاء ترتيبها من حيث الأداء والكفاءة، وفقا لمعايير الأمم المتحدة، الأولى على مستوى الشرق الأوسط، والثالثة على الصعيد الآسيوي، والثالثة عشرة على النطاق الدولي. ولاشك أن هناك العديد من الإجراءات اللوجستية التي تسهل عمليات انتقال الأفراد، وتخليص إجراءاتهم الرسمية، التي يمكن ان تتم من خلال الاستفادة من تجربة الحكومة الإلكترونية البحرينية والموارد البشرية الخبيرة والكفؤة التي تعمل في إداراتها. وفي السياق ذاته، يمكن الإشارة إلى منصة المناقصات الإلكترونية البحرينية، التي ستسهل الكثير من إجراءت المنافسة، وستضمن أعلى درجات الشفافية، وكلتاهما من ركائز الحكم على كفاءة أداء أية حكومة تنفذ مشروعا بمستوى كأس العالم.

2- القطاع الخاص، والمقصود هنا القطاع ككتلة واحدة متماثلة وتعمل بتناسق حتى عندما تتنافس مؤسساته المتعددة. وتجدر الإشارة هنا إلى غرفة تجارة وصناعة البحرين التي بوسعها من خلال خبراتها التي اكتسبتها عبر ما يزيد على نصف قرن، من تحديد المجالات التي يمكن للشركات البحرينية، منفردة، أو من خلال تحالف مؤقت بين البعض منها، أن تبز الآخرين في تنفيذها. وفي الوقت ذاته بوسعها أيضا، وبتجرد موضوعي، ترشيح الأفضل منها للدخول في المنافسات التي سيولدها المشروع. وللقطاع البحريني خبرة لا ينبغي الاستهانة بها في السوق القطرية نظرا لممارسة البعض منها بعض أنشطتها ولما يزيد على عقود من الزمان في تلك السوق.

3 - المنظمات غير الحكومية، وقد يستغرب البعض من هذه الإشارة، ويعتبرها نوعا من الزج المفتعل لتلك المؤسسات في تلك السوق. لكن بوسعنا الإشارة هنا إلى «النموذج البحريني» الذي ترعاه منظمة «اليونيدو»، بالتعاون مع العديد من المؤسسات البحرينية مثل «بنك البحرين للتنمية»، والذي بوسعه التعاون مع المؤسسات القطرية المؤهلة من أجل ممارسة دورها، وبكفاءة، في إنجاح كاس العالم 2022. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا المشروع قد حظي في النصف الثاني من هذا العام باستحسان دولة مثل الصين، التي هي على أبواب تطبيق نموذج مشابه له، يستمد خبرته من النموذج البحريني بعد تطعيمه بنكهة شرق آسيوية.

عندما يستعرض المواطن تلك المجالات، ويشخص الفئات المرتبطة بها، لا يستطيع إلا أن يحاول البحث عن الأسباب التي تقف حائلا دون شروع البحرين، وفي هذه المراحل المبكرة من البدء في التحضيرات الضرورية التي تضمن لها إمكانية الفوز في بعض المنافسات التي تتمتع فيها البحرين بالمؤهلات البشرية والمؤسساتية التي تحتاجها مشروعات تلك المنافسات

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3033 - السبت 25 ديسمبر 2010م الموافق 19 محرم 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • مواطن مستضعف | 6:22 ص

      سأفترض الإجابة ب"نعم" و أتساءل أيضاً:

      هل أن مخلّفات "الفساد الحكومي" و"التجنيس" ... سيُقفز عليها و لن تُلعن مستقبلاً!!
      و أن عدم مواكبة البحرين لمشاريع المونديال القطري 2022 ... ستؤدّي إلى لعنة الأجيال القادمة؟!!

    • مواطن مستضعف | 12:12 ص

      لم أفهم يا أستاذي الفاضل؟

      هل تقصد بأن: (الأسباب التي تقف حائلا دون شروع البحرين...............)
      تسترعي لعنة الأجيال القادمة؟!!

    • زائر 1 | 10:20 م

      اللعنة حاصلة حاصلة

      لنا من التقصير الكثير بحيث أن الأجيال القادمة سوف لن تجد لنا عذرا فالتقصير كبير وشعور عدم المبالاة متفشي في المجتمع وأهم من كل هذا التفكك المجمتعي وعدم الوحدة بحيث اصبح كل منا يغني على ليلاه في الامور الوطنية المصيرية

اقرأ ايضاً