هذه الوضعية التي يعيشها النواب، والتي تضعهم مهما بذلوا من جهد في خانة ردة الفعل الجزئية المحدودة الأفق، تضع على كاهل الكتل السياسية في البرلمان، والأفراد في مجلس الشورى مهمة وطنية، تنبثق من مقولة تفترض رغبة الطرفين، الكتل، والأفراد في تحويل المجلس الوطني، ومن خلال دورهم المميز المستقل عن السلطة التنفيذية جوهراً وليس شكلاً، إلى مؤسسة تشريعية متطورة تمارس دورها في تحمل مسئولية التشريع ليس على المستوى السياسي، فحسب، وإنما أيضاً لقطاعات الاقتصاد، بما يشمل التنمية، والاجتماع بما يضمن علاقات سليمة بين مختلف الفئات الاجتماعية.
أول خطوة على هذا الطريق هو العمل من أجل انتزاع أكبر هامش من الاستقلالية الاقتصادية عن الدولة ومؤسساتها المرتبطة معها. وإن كان يصعب، في ظل الظروف القائمة استقلالية أي منهما من حيث مرتبات النواب والشوريين وموازنة النفقات الأخرى التابعة للمؤسستين، فبإمكان كليهما، بشكل مشترك أو على نحو مستقل، تخصيص نسبة من مخصصاتهم (النواب والشوريين) التي يتقاضونها شهرياً، من أجل تأسيس شركة، وعلى أسس تجارية، تتولى عمل الدراسات، والقيام بالمسوحات الضرورية التي تمكن من يريد من النواب أو الشوريين، وضع خطة معينة، أو إجراء مسح معين. وكي نبتعد عن التجريد، ونتحدث بلغة الأرقام، يمكن، في حال الاتفاق، أن يخصص كل عضو في المؤسستين، ما مقداره 500 دينار شهرياً لتمويل هذه المؤسسة التجارية. رأسمال تلك الشركة، وبحسبة بسيطة سيربو على مليون ونصف دينار خلال السنوات الأربع.
مهمة هذه الشركة، التي نقترح أن يسارع المجلسان إلى تأسيسها، من أجل سد الثغرات التي أشرنا إليها في الحلقة الأولى، هو مدّ الأعضاء في المجلسين بما يحتاجونه من دراسات تنموية يردون فيها على خطط الدولة وبرامجها، لكن ليس من منطلق «المعارضة من أجل المعارضة»، أو المعارضة من أجل تحقيق بعض المكاسب السياسية في صفوف المنتخبين، وإنما الانتقاد من أجل التقدم نحو الأفضل، وعن طريق طرح البديل العلمي القائم على دراسات ميدانية، تعمل على تقليص الثغرات وعناصر الإخفاق، وتعزيز الإيجابيات وتقوية عوامل النجاح. ومن الطبيعي، وطالما أن الواقف وراء هذه الشركة، هو مؤسسة تشريعية، فلابد أن يرافق كل دراسة الخلفيات التشريعية والقانونية التي تحتاجها.
لا ينبغي أن تقف حدود أنشطة هذه الشركة عند ردة الفعل، وإنما نأمل أن تتجاوزها، كي تصل إلى مستوى الفعل، بل والمبادرة، كي تضع النواب والشوريين في المقدمة وتسبق السلطة التنفيذية في التخطيط، بدلاً، وكما هو عليه الحال اليوم، الاكتفاء بمنزلة السير في دبر السلطة التنفيذية واللهث وراء خططها.
كذلك لا يفترض أن تقتصر نشاطات هذه الشركة على الخدمات التي تقدمها للمجلسين فحسب، وإنما بوسعها، وخاصة عندما تثبت هذه الشركة كفاءاتها وقدرتها على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية، أن تعرض خدماتها، وبشكل تجاري في الأسواق الأخرى. مثل هذه الشركة، التي نتوقع أن تكون فريدة من نوعها، بوسعها أن تستثمر هذا التفرد كي يعطيها الأسبقية على غيرها، قد تبدو الفكرة طوباوية، لكنها، إن أراد لها النواب أن تنجح، بوسعها أن تشكل مبادرة تساعد المجلس على التحول من ردود الفعل المبتورة التي قد تمد أصحابها بشحنات من الارتياح النفسي، وربما تزودهم ببعض الحضور في صفوف منتخبيهم، لكنها لا تقود إلى التأسيس لقاعدة علمية تساعد البحرين على التطور والنمو.
هذه الشركة، في حال تأسيسها، سيكون نشاطها ذي طابع أفقي، بمعنى أن يغطي مملكة البحرين من كافة الزوايا، ومختلف القطاعات، لكنها من الطبيعي والمنطقي أيضاً، أن تجد من يرغب في التعاون معها في تغطية قطاعات محددة، وبشكل عمودي. فمقابل قيام الشركة، على سبيل المثال لا الحصر، بتغطية القطاع الصناعي أفقياً، ستجد من يتقدم منها طالباً التعاون، في إجراء دراسة أخرى تغطي صناعة محددة، مثل صناعة الاتصالات والمعلومات على سبيل المثال، وبشكل عمودي يغوص في تفاصيل تلك الصناعة، ويحدد على نحو دقيق مقومات نجاحها. وهكذا سيجد المجلسان، وبشكل تدريجي، وقد أصبح بحوزتهما كنز من الدراسات والمعلومات التي تضعهما في المقدمة، وتمكنهما من تجاوز خطط السلطة التنفيذية والتفوق على برامجها.
ليس المطلوب هنا، بل من الخطأ القاتل تسييس هذه الشركة، أو إدارتها بعيداً عن قوانين السوق، إذ إن أحد صمامات أمان نجاحها هي إدارتها على أسس تجارية محضة، لكن على خلفية سياسية، ومن أجل تحقيق أهداف سياسية. هذا المزج المبدع بين الأهداف السياسية، وأساليب الإدارة التجارية هو الذي سيضمن للنواب بزّهم لمشروعات السلطة من جهة، ويؤمن للشركة التفوق على منافسيها في الأسواق من جهة ثانية.
يستتبع القرار، مجموعة أخرى من الإجراءات الإدارية، المنطلقة أيضاً من خلفيات سياسية، تتولى وضع الإطار العام للشركة، وتحدد مجالات الأنشطة التي ينبغي لها أن تمارسها، والأسواق التي ستقوم بمخاطبتها، وقائمة أخرى من المتطلبات التي تقلص من عناصر فشل الشركة على المستوى التجاري، وتؤمن مقومات نجاحها على المستويين التجاري والسياسي.
ليس هذا أكثر من اقتراح، يطمح، فيما يطمح، إلى مد النواب والشوريين، بما يحتاجونه من عناصر قوة تمكنهم من توسيع هوامش استقلاليتهم، ولا نقول تحقيق كامل تلك الاستقلالية، التي لا تسمح الظروف القائمة، والقوانين التي تحكم العلاقة بين النواب والشوريين من جهة والسلطة التنفيذية من جهة ثانية بتأمينها.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 3029 - الثلثاء 21 ديسمبر 2010م الموافق 15 محرم 1432هـ
good idea
go a head
الأرباح لمن؟ نجحنا
في حالة مد خدمات الشركة المقترحة الأرباح حق من؟ النواب و أعضاء الشورى؟ نجحنا
و حتى لو الشركة نجحت راح تخلي النواب يدخلون في دوامة المحسوبية عشان تطلع الأرباح
بعد ما يتغير المجلس الناس الي دفعت فلوس راح تقول لي أسهم في الشركة...نجحنا
و بالنسبة للمعلومات من يضمن سريتها و عدم تسريبها للأطراف الي راح تضرر من هالمعلومات , النواب و الشورى مو في مركب واحد.
أقتراح كل كتلة تشكل لها مكتب في متخصصين أحسن
...نجحنا
"تتمة"
أما فيما يخصّ الشركة المقترحة من قبلكم, فهي و إن تمّت ( ونتمى ذلك) فلن تكون ذات جدوى إذا لم
ترغب الحكومة بجدواها.
عوفيت يا أستاذي الكريم
مجلس النواب كان عاجزا في الثمان السنوات الماضية ماذا سيقدم في ال 4 المقبلة ،، والدليل على ذلك وأد بعض الملفات الهامة ،، وانتفاخ جيوب بعض النواب