انتهت قمة مجلس التعاون لدول الخليج العربي أعمال الدورة 31 للقمة الخليجية، وتلاها إصدار بيانها الختامي الذي احتوى على قضايا المنطقة ذات العلاقة، حيث ركز على ملف إيران النووي والقضية الفلسطينية والشأن السوداني وما يحدث بالعراق وشدد على المضي قدماً في تحقيق التكامل الاقتصادي وصولا إلى الوحدة الكاملة ومشروع السكة الحديد وتأسيس مكتب لحقوق الإنسان تابع للأمانة العامة والتعاون العسكري في جميع مجالاته.
كل ما تم ذكره في البيان الختامي يعد أمنيات وآمال مواطنين دول المجلس نسأل الله أن يتم تحقيقها في اقرب وقت ممكن وإن تجاوزنا الدورة 31 إن الله مع الصابرين.
ورغم أهمية ما جاء في البيان الختامي، إلا أننا سنتطرق إلى مقترح تأسيس مكتب لحقوق الإنسان تابع للأمانة العامة لدول المجلس، حيث المؤمل من هذا المكتب أن يدعم ثقافة حقوق الإنسان لدى الساسة أولا ثم العاملين بالأجهزة التنفيذية كما أنه سيعزز ويطور مهاراتهم في تناول مختلف قضايا حقوق الإنسان وسيزودهم بجميع الوثائق الدولية والقانونية المعمول بها علي الصعيد المحلي والدولي، للوقوف على آخر المستجدات في هذا المضمار، وهذا يؤكد توجه دول المجلس الساعية لحماية حقوق الإنسان، كما أنه سيساعد على طرح القضايا والمفاهيم والأبعاد المختلفة لقضايا حقوق الإنسان والمفهوم القانوني من واقع الدستور والقانون لكل دولة، ومن ثم يتم تحديد سلبيات وإيجابيات هذا العمل.
كما يجب على هذا المكتب المزمع إنشاؤه أن لا يحل محل المنظمات الأهلية أو الناطق الرسمي باسمها أو الممثل الوحيد لقضايا المواطنين لدى المنظمات الدولية، فالمفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أثارت قضايا كثيرة لدى مخاطبتها يوم 21 أبريل/ نيسان 2010 بالمنتدى الأول بالدوحة، لمؤسسات حقوق الإنسان في دول مجلس التعاون الذي شارك فيه ممثلون من وزارات الخارجية والداخلية ومجالس الشورى في المنطقة ومن خلال الندوة أكدت التزام المنظمة الدولية واستعدادها للتعاون مع دول الخليج العربي لتعزيز جهود وحماية حقوق الإنسان وعرضت مساعدة على الدول التي تعتزم إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان كما أعلنت الاستعداد لمساعدة المؤسسات القائمة «كي تكون أكثر استقلالية وفاعلية»، ولكن قبل كل ذلك أليس من المفترض أن تكون هناك أرضية لدى دول المجلس تساعد المكتب على تحقيق أهدافه، إذ من المفترض أن تكون وحدة منظومة البلد والهيئات المحلية ذاتية الإدارة، بالتعاون مع الأمين العام لدول المجلس، وذلك لتطوير المكتب المزمع إنشاؤه لتعزيز تواصله المستمر مع العلاقات الدولية والهيئات المحلية ذاتية الإدارة، بحيث يندرج تأسيسه ونشاطه ضمن المقررات والتوصيات الأممية ذات الصلة (حقوق الإنسان) من أجل تعزيز التوجه الحقوقي لهذا المكتب، وخاصة لدعم حقوق الإنسان بدول الخليج العربي.
إن هذا التوجه يؤكد على مدى العلاقة التي تربط بين المكتب المزمع إنشاؤه ودرجة القبول لكل دولة حول سياسات حقوق الإنسان ذات البعد الداخلي والخارجي، وعلى نحو خاص مدى تناول الموضوعات التي تعالجها الأمانة العامة فيما بين الدول الأعضاء.
فعلى سبيل المثال لا الحصر في إحدى مراجعاتي مع احد مكاتب حقوق الإنسان التابع لوزارة الداخلية لإحدى دول المجلس، وذلك فقط بالسؤال عن احد القضايا الإنسانية لديها كان الجواب واضح وصريح، إذ قيل لي راجع وزارة الداخلية وهذا ليس ضمن اختصاصنا!
وهنا نتساءل هل هذا النوع من المكاتب التي تبحث عنها الأمانة العامة لدول المجلس والتي ستحمل لواء الدفاع عن حق الإنسان في بلدان تفتقر ثقافة حقوق الإنسان، حيث مازال هناك من يتغنى ويقول إن هذا مواطن وهذا غير مواطن أو هذا أصلي وهذا غير أصلي ناهيك عن المنظمات الحقوقية ذات الطابع المذهبي أو العرقي.
إن المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان يجب أن تنطلق من المكونات الرئيسية لحقوق الإنسان، التي من ضمنها إدارة فعالة للعدل، وبرلمان يتضمن لجنة لحقوق الإنسان، ومنظمات مجتمع مدني قوية ونشطة، ووسائل إعلام (قنوات فضائية) متأهبة وفاعلة غير مجيرة، فإحدى القنوات الفضائية الخليجية مازالت تحمل لواء قضايا حقوق الإنسان في كل دول العالم من أدناه إلى أقصاه ولكن لم نسمع عن قضية واحدة تمس بلد المنشأ! وبرنامج مدرسي يقدم برامج تعليم حقوق الإنسان على جميع المستويات، وبوجه عام مجتمع يشجع الهدف من الثقافة العالمية للحقوق الإنسانية.
لذلك نقول وببساطة إن حق الإنسان بدول المجلس يجب أن ينطلق بعيداً عن الشعارات أو المكاسب ذات الصبغة الدولية، وأن درجة التقدم والتخلف لحق الإنسان بدول المجلس لا تقاس بعدد الندوات أو المقررات أو الاجتماعات ولكن تقاس بما تم تحقيقه على أرض الواقع وبوضع هيكل ممتثل لمبادئ باريس في بلداننا، وبعدها ستكون المناقشة في هذا المجال أكثر تقدما.
إقرأ أيضا لـ "سلمان ناصر"العدد 3022 - الثلثاء 14 ديسمبر 2010م الموافق 08 محرم 1432هـ