جمهورية ساحل العاج تلك الجمهورية الواقعة في غرب قارة إفريقيا وهي كانت من ضمن المستعمرات الفرنسية السابقة، هذه الجمهورية التي تشتهر بأنها أكبر منتج ومصدر للكاكاو في العالم، هي اليوم تواجه مشكلة حقيقية فيمن يؤل إليه حكمها؟
يوم السبت 4 ديسمبر/ كانون الأول أدى اليمين كلٍ من المتنافسين على السلطة فيها كرئيس لتلك الدولة وهما الرئيس الحالي لوران جباجبو الذي تولى السلطة قبل نحو عشرة أعوام ومنافسه الشمالي الحسن وتارا، فما طبيعة هذه الدولة التي صار فيها رئيسان لا واحد؟
تحد ساحل العاج من الجنوب جمهورية غانا، ومن الشرق جمهورية بوركينافاسو، ومن الشمال جمهورية مالي، ومن الغرب كلٍّ من جمهورية سيراليون وجمهورية ليبريا ولها ساحل على المحيط الأطلسي الجنوبي، ولها ثلاثة أسماء على الأقل، فهي تسمى «كورت ديفوار» باللغة الفرنسية، وIVOREY COAST باللغة الإنجليزية و»ساحل العاج» باللغة العربية.
مساحة ساحل العاج تقدر بنحو 322 ألف كيلومتر مربع، ولغتها هي اللغة الفرنسية وبعض اللغات المحلية الدارجة مثل ديالو، نسنعوالو، وأنجي، وبواكي.
عدد سكانها نحو 14 مليون، وعملتها هي الفرنك الإفريقي، وعاصمتها هي أبيدجان، وشعبها هم خليط من المسلمين المتمركزين في القسم الشمالي والمسيحيين المتمركزين في القسم الجنوبي وهناك الكثير من اللادينين والوثنين غيرهم.
وتواجه ساحل العاج اليوم مشكلة حقيقية بين الرئيس المنتهية ولايته «لوران جباجبو» والمعارض «الحسن وتارا»، فقد كانت هناك حرب أهلية في السابق قادها المتمردون في الشمال بقيادة رئيس الوزراء الحالي «غيوم سورو» الذي وافق في العام 2007 على الدخول في مفاوضات أدت في حينها لوقف الأعمال القتالية وأصبح هو بموجبها رئيساً للوزراء وكذلك قبل ذلك حدث انقلاب في العام 2002 لكنه فشل بسبب وقوف بعض الضباط الموالين للرئيس الحالي ضده، وكان المفروض أن تكون هناك انتخابات في العام 2007 لكن الرئيس الحالي مدد لنفسه في السلطة بمساعدة وزير الدفاع «فيليب منجو»، وكانت هناك معارضة فرنسية أيام حكم الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، حيث كانت فرنسا والتي كانت تستعمر تلك الدولة الإفريقية ولها فيها قاعدة عسكرية كبيرة، لكن موقف الإدارة الأميركية بقيادة جورج بوش الابن كانت تدعم بقاء الرئيس لوران عباجبو في السلطة نكاية بفرنسا وليس حباً في الرئيس جباجبو، وكان ذلك لمعاقبة فرنسا على رفضها قيام «التحالف الأنجلو أميركي» بالحرب على العراق وإسقاط نظام صدام حسين في العام 2003 الذي كان يعد حليفاً لفرنسا.
اليوم الموقف الدولي تغير كثيراً، حيث لم يعد لنظام صدام حسين وجود في العراق، أما في أميركا فالحزب الديمقراطي هو الحاكم، أما فرنسا فيحكمها نيكولاي ساركوزي، أي لا يوجد خلاف أميركي فرنسي على ملف هذه الجمهورية الإفريقية، لذلك فإن الأمم المتحدة وبعثتها في جمهورية ساحل العاج قد أكدت فوز المعارض الحسن وتارا بالانتخابات الرئاسية، وقد بارك أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون لوتارا بالفوز بتلك الانتخابات، كذلك فعل الرئيس الفرنسي، والرئيس الأميركي، والاتحاد الأوروبي، والاتحاد الإفريقي الذي سارع إلى إرسال رئيس جمهورية جنوب إفريقيا السابق تابو أمبيكي ليقوم بالوساطة بين المعارضة والسلطة لكن يؤخذ على الوسيط الإفريقي أن المعارضة تراه قريب من الرئيس الحالي لجمهورية ساحل العاج ولذلك فهي ترفض التعامل معه، لذلك يعتقد على نطاق واسع أن لوزران جباجبو يغامر بمصير تلك الجمهورية الإفريقية إن هو أصر على أنه هو الرئيس، حيث قام بتعيين رئيس وزراء جديد وكذلك فعل الرئيس المنتخب الآخر حسن وتارا، أما ساحل العاج فهي من الناحية الفعلية منقسمة، حيث يسيطر أنصار الرئيس المنتهية ولايته على القسم الجنوبي بما فيها العاصمة وأنصار الرئيس الفائز يسيطرون على القسم الشمالي وهو يمثل نحو 60 في المئة من البلاد والشعب.
إن استمرار إصرار الرئيس الخاسر في الانتخابات بالتمسك بالسلطة بالتأكيد سيؤدي إلى نتائج كارثية على المستويين المحلي والدولي، حيث لا يستبعد مراقبون أن تقوم الشرعية الدولية المتمثلة في الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي بإصدار قرارات جديدة غير التي أصدرتها حتى الآن والمتمثلة في إعلان وتارا فائزاً في الانتخابات، رافضة بذلك قرار اللجنة الدستورية الحكومية التي غيرت نتيجة وتارا وفوزت الرئيس الحالي لوران جباجبو لفترة رئاسية أخرى بحجة أنه حصل تلاعب في الكثير من النتائج في المنطقة التي يسيطر عليها أتباع المعارض الحسن وتارا.
إن مجلس الأمن الدولي وهو يمثل الشرعية الدولية قد يقوم في حال استمرار الوضع، بتجميد الأرصدة لحكومة ساحل العاج، ولن يعترف بها حتى تصغي إلى قرار الشعب المتمثل في فوز المعارض الحسن وتارا، لذلك لا يستبعد تدخل الأمم المتحدة عسكرياً في هذا الصراع حيث يوجد لها حالياً قوات أممية تقدر بنحو عشرة آلاف جندي، علماً بأن هذه ليست المرة الأولى التي قد تتدخل فيها الأمم المتحدة في دولة إفريقية، حيث تدخلت الأمم المتحدة في السابق في جمهورية غانا عندما فاز في الانتخابات الرئاسية أحمد تيجان كباح، لكن الجيش في حينها رفض تلك النتيجة وبعد فترة من المماطلة والتسويف والشد والجذب بين الزمرة العسكرية التي استولت على السلطة في جمهورية غانا وبعد تضييق الخناق الدولي عليها وافقت على إرجاع الرئيس الفائز إلى سدة الحكم، لذلك نحن نعتقد أن نفس السيناريو ربما يتكرر في جمهورية ساحل العاج في القريب العاجل، خصوصاً أن هناك توافق دولي على منع التلاعب بالانتخابات في جميع الدول، ولاسيما منها دول العالم الثالث الصغيرة وغير المدعومة من قبل أية قوى كبرى مثل جمهورية بورما وغيرها وهذا يثبت أنه إذا كان هناك توافق دولي بين الدول الكبرى الخمس (الولايات المتحدة الأميركية، روسيا، الصين، فرنسا، بريطانيا) فسيحترم القرار الدولي في العالم.
كم نتمنى أن يتم تعميم تلك الوقفة الدولية على سائر الانتخابات في جميع بقاع العالم حتى تعم سيادة القانون، وتتجسد بذلك مقولة إن العالم اليوم أصبح قرية صغيرة متساوية في الحقوق والواجبات
إقرأ أيضا لـ "أحمد سلمان النصوح "العدد 3019 - السبت 11 ديسمبر 2010م الموافق 05 محرم 1432هـ
والله حاله
بستشهد منك صراحه ، احنا وين وانته وين .. مخلي العالم كله ورايح تكتب عن ساحل العاج ، لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم