العدد 301 - الخميس 03 يوليو 2003م الموافق 03 جمادى الأولى 1424هـ

إذا خيم الهدوء فعلا كيف سيضغط بوش كي تندلع حرب أهلية فلسطينية

مشكلة عبرية:

آمنه القرى comments [at] alwasatnews.com

.

شغل الصحف العبرية، مع بدء العد العكسي لإعلان الفصائل الفلسطينية هدنة مع «إسرائيل»، وبعد أن بدا واضحا ان هناك شبه إجماع فلسطيني على ضرورة إعلان الهدنة وشروطها... وإذ باتت الهدنة محددة المعالم بخطوطها العامة على النحو الآتي: وقف العمليات التام في جميع المناطق لمدة ثلاثة أشهر. واشتراط ذلك بالوقف الفوري للعمليات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. واشتراط استمرار الهدنة بإطلاق سراح المعتقلين الفلسطينيين وانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة، سارعت «إسرائيل» إلى إعلان رفضها أية هدنة مع الفصائل الفلسطينية بهذا الشكل وقالت إنها ستتعامل مع السلطة الفلسطينية وفق قدرتها على وقف العمليات.

ومقابل التراخي الذي تبديه واشنطن تجاه «إسرائيل» شددت من جانبها، الإدارة الأميركية، ضغوطها على حركة المقاومة الإسلامية «حماس» ودعت مستشارة البيت الأبيض لشئون الأمن القومي كوندليزا رايس وهي في طريقها إلى الشرق الأوسط للقاء مسئولين فلسطينيين وإسرائيليين إلى فرض حظر شامل على حركة «حماس» وحضت العرب والأوروبيين على مساعدة عملية السلام من خلال قطع الاتصالات مع الجناح السياسي للحركة. ولم تكن تصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش، بعيدة عن أجواء التحريض على ما أسماه الفلسطينيون الدعوة إلى حرب أهلية فلسطينية، حين اعتبر انه من أجل التوصل إلى السلام من الضروري القضاء على حماس. ومن هنا توقع ألوف بن في «هآرتس»، انه في حال خيم الهدوء فعلا على الأراضي الفلسطينية و«الإسرائيلية» فمن الصعب أن تضغط الولايات المتحدة على الفلسطينيين كي تندلع بينهم حرب أهلية من جهة!.. لكن الخوف الإسرائيلي الأبرز من قيام «هدنة» هو إن حصلت فعلا فإن العالم بأسره لن يهتم بالمزاعم الإسرائيلية عن اشتداد قوة من أسماها المنظمات الإرهابية وسيكون الإسرائيليون مطالبين بتنفيذ الجزء المتعلق بهم من «خريطة الطريق»...

واعتبرت «هآرتس»، في افتتاحيتها ان زيارة مستشارة الرئيس الأميركي لشئون الأمن القومي كوندليزا رايس، للمنطقة تعبر عن نية الإدارة الأميركية الصادقة للعمل على حل النزاع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولكنها استدركت ان هذه الزيارة تدل «للأسف» على هشاشة قمة العقبة. غير ان الصحيفة الإسرائيلية أضافت ان الإدارة الأميركية على رغم أملها في حل النزاع تبدو غير واثقة من نية المنظمات «الإرهابية» في وقف عملياتها ضد الإسرائيليين. وأردفت الصحيفة العبرية، ان الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) يحاولان تخطي الكثير من العقبات التي تعرقل التوصل إلى تسوية بينهما ولكنها شددت على ان حاجزا صعبا يقف في وجهيهما ألا وهو طريق قرب مستوطنة كفر داروم، الذي يطالب الفلسطينيون بسلوكه على رغم ان الجيش الإسرائيلي يسلكه وهو قريب من عدد من المستوطنات الإسرائيلية. معتبرة ان هذا الطلب يتعارض مع مبدأ الفصل الذي يعتمده الجيش الإسرائيلي لضمان عدم تصادم وحصول اشتباكات بين المواطنين الإسرائيليين والفلسطينيين كما ان هذا الطلب - إن وافق عليه الجانب الإسرائيلي - فإن من شأنه السماح لعناصر فلسطينية بشن عمليات ضد المستوطنات الإسرائيلية. وتابعت الصحيفة الإسرائيلية بأن الخطيئة الكبرى التي ارتكبها الإسرائيليون هي إقامة مستوطنات في منطقة مكتظة بالسكان الفلسطينيين، واعتبرت ان إخلاء هذه المستوطنات الذي بدأ العام 1982 كان يجب أن يستمر على رغم العنف الفلسطيني الذي أدى إلى وقفه. وختمت ان المنطق يقول ان على الإسرائيليين إخلاء مستوطنات كفر داروم، كي يضمنوا استمرار المفاوضات الأمنية بين الجانبين وكي يتأكد الجانب الإسرائيلي من جدية الفلسطينيين في مطالبتهم باستعمال الطريق المذكور.

وتساءل ألوف بن في «هآرتس،» عن سبب خشية «إسرائيل»، إلى هذا الحد من الهدنة مع المنظمات الفلسطينية؟ وشدد على ان الهدنة إن حصلت فعلا فإن العالم بأسره لن يهتم بالمزاعم الإسرائيلية عن اشتداد قوة المنظمات الإرهابية وسيكون الإسرائيليون مطالبين بتنفيذ الجزء المتعلق بهم من خريطة الطريق. وعزا بن، الخوف الإسرائيلي إلى تجربتهم في العام 1970 حين وافقت على الهدنة مع مصر، فقامت هذه الأخيرة بتعزيز قواتها بالقرب من قناة السويس لردع حركة سلاح الجو الإسرائيلي وللتحضير للعبور واسترجاع صحراء سيناء. ومن هنا توقع بن في حال خيم الهدوء فعلا على الأراضي الفلسطينية والإسرائيلية أن يكون من الصعب أن تضغط الولايات المتحدة على الفلسطينيين كي تندلع بينهم حرب أهلية من جهة وسيفقد الجيش الإسرائيلي حريته في التجول في المناطق الفلسطينية من جهة أخرى.

لكن زئيف شيف في «هآرتس»، تساءل في مقالة تحت عنوان «حديث عن المال» ما الذي يقوله الفلسطينيون للأميركيين ويرفضون أن يخبروا به الاسرائيليين؟ وأجاب بأنه موضوع مالي بحت يتعلق بمبالغ طائلة يطالب بها الفلسطينيون الإدارة الأميركية كي ينفذوا ما يعتبرون انه طريقتهم الخاصة في التعامل مع «الإرهاب». وزعم شيف، ان الفلسطينيين طلبوا من الولايات المتحدة مبلغ 300 ألف دولار لإعادة بناء مؤسساتهم الأمنية بما فيها كتائب شهداء الأقصى التابعة لفتح، التي اعتبرها شيف، منظمة إرهابية بينما يحاول الفلسطينيون إقناع الولايات المتحدة بالعكس. بالإضافة إلى ذلك زعم شيف، ان الفلسطينيين يؤكدون للأميركيين انهم بحاجة إلى المال كي يشتروا السلاح من المنظمات الفلسطينية تنفيذا للطلب الإسرائيلي بنزع أسلحة هذه المنظمات. وتساءل «من يمكنه أن يعد بأن الأموال الأميركية ستذهب فعلا لشراء الأسلحة من المنظمات الفلسطينية وليس إلى جيوب الفلسطينيين» الذين وصفهم بالمسئولين الفاسدين.

من جانبه أثار يوآب كيرن في «معاريف»، مخاوف ديموغرافية على الدولة العبرية عبر حديثه عن مسألة حق العودة للفلسطينيين. ورأى انه في الوقت الذي يتم فيه إقناع الأميركيين بوجوب أن تتضمن «خريطة الطريق» بندا ينص على التنازل عن حق العودة يتم تطبيق حق العودة عمليا... قال ان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات والزعيم الروحي لحماس أحمد ياسين أمضيا لحظات من الراحة عندما تلقيا موجز صحف الصباح في «إسرائيل» الذي بشر بحصول تراجع دراماتيكي في الهجرة إلى «إسرائيل» منذ اندلاع المواجهة مع الفلسطينيين. وأضاف انه لابد من الاعتراف بأن الهجرة هي العامل الوحيد لحقيقة وجود غالبية يهودية قوية في دولة «إسرائيل» حتى الآن. فمن جميع النواحي، ثمة تفوق ديموغرافي واضح للعرب. واعتبر انه في الوقت الذي يتم فيه إقناع الأميركيين بوجوب أن تتضمن «خريطة الطريق» بندا ينص على التنازل عن حق العودة، يتم تطبيق حق العودة عمليا. ورأى ان هذه المعطيات التي تُشير إلى كبح الهجرة (وقفها عمليا)، تُشكل ضربة ديموغرافية قوية لإسرائيل. واعتبر انه بات من الواضح أنه حتى نهاية العقد الحالي، وربما قبل ذلك، سيصبح هناك غالبية عربية بين البحر والنهر. وإذا لم يتم التوصل حتى ذلك الحين إلى تسوية سياسية، سيكون عدد الفلسطينيين الخاضعين للسيطرة الإسرائيلية أكبر من عدد اليهود. واعتبر انه يجب أن تثير هذه الحقيقة الاهتمام والقلق. وإذا كان رئيس الحكومة لا يريد أن يحيا أحفاده كأقلية وسط غالبية عربية، فيجب عليه أن يستيقظ الآن. عليه أن يعترف بأنه في ظل غياب جدار حقيقي للفصل وحدود واضحة، ستواصل جموع الفلسطينيين تطبيق حق العودة عمليا. والأهم من ذلك كله: يتعيّن عليه أن يستوعب، إذا كان لم يستوعب ذلك حتى الآن، أن مناطق الضفة والقطاع ليست ذخرا استراتيجيا، بل قنبلة ديموغرافية موقوتة.

وانتقد آري شافيت في «هآرتس»، بشدة وقوف مجلس المستوطنات في يهودا والسامرة ضد الحكومة في إخلاء المواقع الاستيطانية غير القانونية. ان اليمين واليسار مسئولان عما آل إليه الوضع داخل «إسرائيل» وظاهرة تحدي القوانين. فالحزبان فرضا إرادتهما على الجمهور الإسرائيلي من دون مراعاة للمواقف الفعلية لهذا الجمهور، ما كرّس أسلوبا في ما أسماه «الاغتصاب السياسي»، تواصل طوال الأعوام العشرين الأخيرة وطبع الحياة العامة في «إسرائيل»، التي رأى انها أصبحت أكثر قتالية. فقد اعتمدت أكثر قراراتها أهمية وحسما وهما قرار الاستيطان وقرار أوسلو. وأضاف انه لدى حصولهما على الفرصة المناسبة، فقد اختار الطرفان الإسرائيليان أي اليمين واليسار أن يغضا الطرف عن وجهة نظر أعدائهما، وقد ارتكبا بهذه الطريقة «اغتصابا» سياسيا. غير ان شافيت، الذي قال ان اليمين واليسار لم يترددا في فرض أنفسهما على الأجندة الإسرائيلية الشعبية، اعتبر ان خطيئة اليمين «الأصلية» كانت عندما أنشأ أكثر من 100 مستوطنة في مطلع الثمانينات، وفرضها على الفلسطينيين والإسرائيليين معا. وبذلك، حُرم الإسرائيليون من حق تصميم الحدود ومن إنشاء دولتهم السيادية كما يريدون. وأشار شافيت، إلى ان الإسرائيليين «الصالحين» الذين سلّحوا الثورة الفلسطينية، (بعد أوسلو) لم يتصوروا يوما أن يرتدّوا عليهم ولكنهم فهموا ان الميليشيات الفلسطينية المسلحة في الضفة الغربية وغزة ستحدد مصير الأراضي الفلسطينية. وقد فهموا ان إحضار الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات إلى رام الله سيعزز من قوة اليمين ويضع حدا لنقاش داخلي في «إسرائيل» عن مستقبل البلاد. ولفت الكاتب الإسرائيلي، إلى ان «الاغتصابات» السياسية في السنوات العشرين الماضية قد أصبحت النمط الذي يميز الحياة العامة في «إسرائيل». كما أضاف ان إسرائيل قد تراجعت إلى مرحلة، إذ يتخذ كل فريق إيديولوجي خطوات غير شرعية بحق الفريق الثاني. فاليمين يفرض الحواجز غير الشرعية على اليسار، ويفرض اليسار اتفاقات قسرية على اليمين. ولاحظ شافيت، انه من الواضح وضوح الشمس ان النيران في صيف 2003، تطلق على 70 أو 80 في المئة من المدنيين الإسرائيليين، كما ان «إسرائيل» تتجه إلى وجهة كانت ترفض الذهاب إليها فيما مضى. فالصراع اليوم على هضبات اليهودة والسامرة، هو بين المصالح الإسرائيلية الوطنية وبين أقلية تناهض «النظام». لافتا إلى ان الرأي العام قد بدأ يعتبر «إسرائيل» بلدا يتميّز بضعف الإرادة، وبهشاشة النظام فيه

العدد 301 - الخميس 03 يوليو 2003م الموافق 03 جمادى الأولى 1424هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً