العدد 3006 - الأحد 28 نوفمبر 2010م الموافق 22 ذي الحجة 1431هـ

مجلس وطني تخيلي (Virtual)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

إبّان الاستعدادات للانتخابات النيابية، وخلال أيام التصويت للمرشحين للبرلمان، عرفت الشبكة العنكبوتية العالمية (الويب)، الكثير من أشكال الحضور السياسي للمرشحين على الإنترنت، وزخرت مواقع بعض الشبكات الاجتماعية، وخاصة الشهيرة منها، مثل «تويتر» و «فيس بوك» حضوراً ملموساً مجسماً لأولئك المرشحين من مختلف الاتجاهات والتيارات. وكان من الطبيعي أن نشهد تفاوتاً ملحوظاً بين مختلف الكتل السياسية وممثليها في مستوى استخدام تلك الشبكات، بما يتناسب ومستوى قدرة صاحب الموقع على الاستفادة من الخدمات التي تضعها بتصرفه تلك الشبكات.

تراجع، وهو أمر منطقي، ذلك الحضور والأنشطة المرافقة له، بعد ظهور النتائج، فلم يعد هناك، من وجهة نظر مالكي تلك المواقع، تلك المبررات التي تخلق الدوافع التي أنشئت من أجلها مواقعهم، لكنها، وبشكل موضوعي، خلفت وراءها ظاهرة صحية تقول بأن «الإنترنت، مهما بلغت مساوئها، لكن تبقى محصلتها النهائية إيجابية في نهاية المطاف، حتى في القطاعات السياسية».

واليوم وبعد أن ظهرت نتائج الانتخابات النيابية، وانقضت مرحلة التعيين «الشورية»، فلربما بات من الممكن أن يناشد المواطن «شورييه»، و «نوابه»، كي يلتفتوا نحوه ويعملوا على تسهيل قنوات وصول الطرف الواحد منهم إلى الآخر. فبقدر ما يحتاج المواطن إلى قناة اتصال وتواصل كفؤة تمكنه من الوصول إلى من يريدهم من النواب وأهل «الشورى»، ينبغي أن يكون بحوزة هذين الأخيرين بشكل مشترك، أو كل منهما على حدة، وسائل اتصالهم الكفؤة أيضاً التي تسهل لهم، بناء العلاقة المثمرة التي يريدونها مع المواطنين أو الجهات ذات العلاقة، بما يمكنهم من تجاوز عقبات المكان، وكسر حواجز الزمان من أجل تحقيق أعلى درجة راقية من الأداء المهني والسياسي، على حد سواء.

واليوم أيضاً، ليست هناك أداة، سوى الإنتنرت، التي أثبتت أن في استطاعتها أن تحقق كفاءة فائقة كقناة اتصال وتواصل قادرة على الإفلات من عقبات الزمان والمكان، وتوفير احتياجات الحوار البنّاء بين الأطراف المختلفة الباحثة عن أداة تساعدها على بناء العلاقة المطلوبة بين أركان المجتمع الأربعة: المواطن، والسلطات الثلاث الأخرى. ومن هنا تبرز الدعوة كي يبادر المجلس الوطني بحجرتيه، إلى بناء حجرته الثالثة، والتي لابد لها أن تكون تخيلية (Virtual)، كي تعمل الحجر الثلاث: المجلس بحجرتيه (النيابية، والشورى)، وغرفتهما التخيلية المشتركة، بشكل متكامل يحقق في نهاية المطاف الفائدة المرجوة من المؤسسة التشريعية.

والسبب الذي يدعو المواطن كي يناشد «الشورى» و «النواب» من أجل أخذ زمام مبادرة الإقدام على هذه الخطوة، هو النظرة المستقبلية التي باتت تسيطر اليوم على سلوك ذلك المواطن، الذي بات، ولأسباب كثيرة، يدرك أن الاستخدام الصحيح الجاد للإنترنت، هو الخطوة الأولى السليمة على طريق تحديد آفاق مستقبل البلاد. وطالما أن الشباب هم، في حقيقة الأمر، مستقبل البلاد، فليس هناك من طريق أفضل، ولا أقصر من الطريق التي لا يكف الشباب عن السير فيها أو التسكع عليها، والتي هي الجادات السريعة التي بنتها تقنيات الإنترنت وتتحكم بروتوكولاتها في تنظيم قوانين السير فوقها.

وأول خطوة على تلك الطريق هي أن تؤمن الأمانتان العامتان لمجلسي «الشورى» و «النواب»، بأن بناء مجتمع تخيلي للتواصل مع المواطنين، لا يقل أهمية، إن لم يكن أكثر فاعلية، من قنوات الاتصال القائمة حالياً. وعلى النسق ذاته، فإن القبول بهذه الحقيقة، يأتي في نطاق التفكير المستقبلي، غير المأسور بمتطلبات الحاضر، أو المقيد بمفاهيم الماضي. إن غياب هذه القناعة ليست مسألة شكلية، كونها ستحكم خطط المجلسين، وسلوك أعضائهما في المرحلتين الحالية والمقبلة.

يأمل المواطن، أن تلبي إدارتا المجلس الوطني أمنيته هذه، ويخشى أكثر ما يخشاه هذا المواطن الطموح، المتطلع نحو المستقبل، أن تلوى رقبته نحو الخلف، فيتلقى بعض التبريرات الواهية تتعلق بمسألتين أساسيتين: الأولى ذات صلة بالأمن، فقد ينبري من يقول باحتمال تعرض هذه الحجرة التخيلية لاعتداء المخربين، أو اختراق العابثين. وهذه مسألة مردود عليها أصلاً، ولا ينبغي أن تثار، ويكفي هنا الاستشهاد بالأمم الأكثر تقدماً، والأكثر عرضة لهجمات المخربين والعابثين، حيث لم نجد أيّاً منهما قد نجحتا في إرغام تلك الأمم المتقدمة على التراجع عن خطط الاستعانة بتقنيات الإنترنت لتوثيق العلاقات بين المواطن والسلطات الثلاث. وتشكل برامج تلك الأمم اليوم، مدارس حية وناطقة، لمن يريد أن يستفيد منها لتعزيز أداء البناء الديمقراطي في بلدانه، واستخدام تلك التقنيات في قطاعي الاتصالات والمعلومات لتطوير علاقات التعاون المثمر بين مؤسسات المجتمع المختلفة، سلطوية كانت أم مدنية، فردية كانت أم جماعية. المسألة الثانية ذات بعد تقني، حيث لا نستبعد أن ينبري من يخشى التقنية، ويتحاشى استخدامها، فيدعي أن الوقت لم يحن بعد، وأن المجتمع غير مهيأ، وأن العائد على رأس المال المسخر ضئيل ولا يستحق الإنفاق. وهذه الدعوة المتخلفة التي تخفي تحت عباءتها إرثاً متراكماً يجمع بين الجبن والتردد، وهما من أكثر الأمراض فتكاً بمشروعات التنمية في بلدان العالم الثالث. فحقائق التاريخ تثبت أن ليس هناك مجتمع «متخلف بالمطلق»، وأن أفضل دواء فعّال لمحاربة التخلف، هو استخدام العلوم والتقنيات المتولدة منها لمحاربة ذلك التخلف الذي نتحدث عنه. وبالمنطق البسيط، غير المعقد، ليس هناك وسيلة أفضل لكسر حاجز الخوف من استخدام التقنيات من الاستخدام ذاته، مصحوباً بالإصرار على ذلك الاستخدام، وعدم التراجع للوراء عنه.

ربما آن الأوان كي تستجيب الحجرتان لنداء المواطن وتقيمان حجرتهما التخيلية الثالثة، فيجمع المجلس بين التقليدية الراسخة والتخيلية الكفؤة.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3006 - الأحد 28 نوفمبر 2010م الموافق 22 ذي الحجة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 12:08 م

      آخـــــر تكوين ... جيّــــــــد

      في حالة تعذّر وصول ومناشدة المواطن لأي من(نوابه وشورييه)عن طريق الوضع الآمن والسهل المرن!،فقد تكون المشكلة هي تغيير تم إجراؤه على مزاجية النواب والشورى أو الرضوخ لضغوط ما،عندها - فقط – بإمكان المواطن استخدام آخر تكوين جيد (للمجلس الوطني التخيلي) للتراجع عن التغيير الذي تسبب في حدوث العراقيل والمشاكل أو ربما استكشاف أعطال وعيوب مجلسي النواب والشورى. كل الشكر للكاتب وللوسط ... نهوض

    • زائر 1 | 7:58 م

      النوط بو 20 لما ترميه في بركة راكده يعمل تموجات كثيرة

      الخزانات البشرية اللى ما تدري أش قاعده يصير ،،، وفترة 8 سنوات مضت كلها من عمرنا ،، طمست خلالها ملفات ،، وإن الخزانات البشرية اللى ما تدرى شيصير وصلت فاقدي الأهلية بعجزهم الرهيب الى المراكز التشريعية ،،، وهذه فعايل النوط بو 20 ولماذا نتكلم عن شبكات معلوماتية واحتياجات الناس لا تزال بدائية

اقرأ ايضاً