نظّمت مساء الأربعاء الماضي في العاصمة القطرية، حلقة جديدة من «مناظرات الدوحة» التي تناقش محاور تتعلق بأهم القضايا التي تتعلق بحاضر ومستقبل الخليج والشرق الأوسط والعالم، وتمولها «مؤسسة قطر».
وتأتي الحلقة الحوارية الأخيرة من هذا البرنامج الجماهيري ضمن الموسم السابع للمناظرات التلفزيونية، الذي افتتح الشهر الماضي، واستطاع أن يستقطب جمهوراً نخبوياً كبيراً من جنسيات خليجية وعربية وأجنبية، بالإضافة إلى مواطني قطر. ويحضر هذه الجلسات جمهورٌ يتجاوز الثلاثمئة متفرج، غالبيتهم من طلاب المدارس الثانوية والمعاهد والجامعات، الذين يمثّلون الجيل الجديد. وتكون الأولوية للقطريين، ثم يجرى الاختيار للمتقدمين الآخرين حيث يجرى تسجيل طلبات الحضور إلكترونياً.
قبل التوجه في المساء إلى المدينة التعليمية التي تضم ست جامعات أميركية استطاعت قطر استقطابها في السنوات الأخيرة، أتيحت لـ «الوسط» فرصةٌ للقاء المتحاورين الأربعة ظهراً، بحضور صحافي أجنبي آخر، بفندق الـ «فور سيزونس»، حيث طرحت العديد من الأسئلة للتعرّف على توجهاتهم وأفكارهم.
عند الوصول إلى مقر التسجيل السادسة والنصف مساءً، كان واضحاً حجم الإقبال وتنوّع الجنسيات، حيث استمر التدفق حتى قبيل دقائق من بدء التسجيل عند السابعة والنصف، لحظة دخول المذيع الشهير تيم سيباستيان القاعة برفقة المتحاورين الأربعة، ليأخذوا مقاعدهم، وليبدأ المذيع بمقدمةٍ عن إشكالية الديمقراطية والثروة في الشرق الأوسط، فالاقتصاد يحرّك السياسة، ولكن المال والثراء لم يحمي الشعوب أبداً من سطوة الحكومات.
الرأي الأول الذي يمثّله كلٌّ من جان فرنسوا سيزنيك، (رجل أعمال وأستاذ زائر في جامعة جورج تاون بواشنطن)، والمحلل السياسي الهندي المقيم بالامارات، ن. جناردهان، ويمثل وجهة نظر تميل إلى المحافظة والتشكك في الديمقراطية كنهج سياسي صالح للمنطقة.
البطن قبل الانتخابات
ويرى جناردهان أن الإصلاحات الاقتصادية تسبق الانفتاح السياسي وإعطاء الحريات العامة، كما يحدث في عديدٍ من دول العالم، مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية. ويؤكد على أن «المال ضرورة لاستمرارية الحياة، فالمواطن العادي يسأل أولاً عما يشبع بطنه وبطون عياله، أما الانتخابات الحرة فهي ترف». وأضاف: «في أوروبا جاءت الرأسمالية أولاً ثم الديمقراطية، والمواطن العادي يبحث عن عمل ومال قبل أن يفكر في صندوق الاقتراع». وأكد: «ليس المسألة أن تأتي الديمقراطية الآن أو فيما بعد، وإنما أن تنبع من الأساس بحيث يتعوّد عليها الناس، وهذا يتطلب وجود ثقافة سياسية لديهم».
وأيدّه في هذا الطرح رجل الأعمال، فرنسوا سيزنيك، وإن كان من منظور آخر، بالقول أن أية انتخابات حرة لا توفّر ضمانةً للأمن والاستقرار، وخصوصاً في دول مجلس التعاون الخليجي. وأضاف: «لو فتح المجال في مجتمعات الخليج، سنشهد سيطرةً أكيدةً للإسلاميين خصوصاً الحركات السلفية المتشدّدة، كما حصل في الكويت والبحرين، وكما هو متوقعٌ لو أجريت انتخابات في السعودية. ولست متأكداً حينها من أنهم سيسمحون لكم أصلاً بالتحدّث بحرية وطرح آرائكم».
وأضاف سيزنيك: «أنا أعرف الخليج جيداً، ولست ضد الديمقراطية، ولكن الديمقراطية لا يمكن فرضها من الخارج وإنما تنبع من الداخل، وهي تحتاج إلى انفتاح المجتمع وعمل المرأة والرجل والاستقرار لخلق الثروة. ففي هذه المنطقة حكومات تقليدية وليست مثالية في مجال الإدارة أو حقوق الإنسان، ويعتمد اقتصادها على النفط والغاز. وخطر الديمقراطية في هذه الدول أنها لن تحقق حكم الشعب بالشعب من أجل الشعب، ولكنها ستأتي بالتيارات السلفية المتشددة للسلطة».
لا ازدهار في ظل الديكتاتوريات
في الجهة الأخرى من المناظرة، كان يجلس كلٌّ من الوزير الهندي الأسبق وعضو حزب المؤتمر، ماني شنكر أيار؛ والناشط السياسي والبلوغرز المصري، وائل عباس صاحب مدونة «مصر ديجيتال». وبدأ شنكر أيار بتفنيد الرأي المتوجّس من الديمقراطية بقوله «إن كل الدول التي تتمتع باقتصاديات مزدهرة، تنظّم انتخابات حرّة، وتتمكن فيها الشعوب من تغيير الحكومات التي تعجز عن تحقيق برامجها التي وعدت بها الناخبين». وأضاف: «لا يمكن أن يدوم الازدهار في ظل الدكتاتوريات، فالديمقراطية هي صمام الأمان التي تقدم الإجابات والحلول بينما الديكتاتوريات تقمعها، وبالإمكان التمتع بمزيد من الازدهار والحريات عند الالتزام بالديمقراطية». وردّ على سيزنيك قائلاً: «القول إن الانتخابات في أي بلد إسلامي ستأتي حتماً بالمتشددين قول خاطئ تماماً، فالناس هي التي تختار وبإمكانها أن تغيّر». مضيفاً: «إن من الخطأ الاختيار بين الديمقراطية والمال، ورغم ما يقال من أن الديمقراطية شكل سيء من الحكم، إلا أنها الأفضل في العالم مقارنةً بطرق الحكم الأخرى».
المدوّن المصري عباس الذي تعرّض لمضايقات وملاحقات من قبل أجهزة الأمن في بلاده، أشار إلى خطورة المال حين يُستخدم لتزييف إرادة الناخبين، وتشويه الديمقراطية. ومن خلال تجربته في التدوين يؤكد على ما يتعرّض له الناشطون السياسيون من قمعٍ وملاحقةٍ بسبب آرائهم، وانخفاض سقف الحريات الذي يمنع وصول هذه الآراء إلى الناس، سواءً في الصحف المعارضة أو التابعة للحكومة، والتي تمتنع عن نشر الأخبار المتعلقة بالفساد أو المظاهرات وقسوة رجال الشرطة في التعامل مع المتظاهرين وانتهاكات حقوق الإنسان. وقال: «المطلوب هو توافر شروط للعمل السياسي على أسس موضوعية، بعيداً عن خيار إما الحزب الحاكم أو الإخوان المسلمين، فلو استمرت الحكومة في إسكات القوى اليسارية والليبرالية والقومية والناصريين، فسيفوز الإسلاميون حتماً في الانتخابات». ومن هنا يدعو عباس إلى مجتمع مدني نشط وإعلام حر وتعددية سياسية وإصلاح نظام التعليم، بعيداً عن تسلط الحكومات في المنطقة.
الجمهور يصوّت للديمقراطية
وشهدت الحلقة الحوارية الساخنة الكثير من مداخلات وتعقيبات الجمهور، وهم أطياف شتى محلية وعربية وآسيوية وأجنبية، غالبيتهم من جيل الشباب. وجرى في ختامها التصويت على سؤال الحلقة: «هل تفضلون الثراء على الانتخابات الحرة؟»، حيث أظهرت النتيجة تأييد 63 في المئة من الحضور إلى جانب الديمقراطية والانتخابات الحرة النزيهة، مقابل فرضية الازدهار الاقتصادي.
يذكر أن الجلسة الأخيرة تزامنت مع الإعلان عن فوز البرنامج (مناظرات الدوحة) بجائزة التجمع الدولي للبثّ في العاصمة البريطانية لندن، لحصوله على جائزة عن فئةٍ متخصصةٍ في مجال التلفزيون
العدد 2991 - السبت 13 نوفمبر 2010م الموافق 07 ذي الحجة 1431هـ
العسكري
كل احلام البشر تحققة الا الدمقراطيه وخصوصا في الدول العربيه لن ولم يتحقق شي حتى الان وحصوصا الدول الخليجيه لن يسمح لهم لمجرد حلم بالدمقراطيه
وماخفي مسموع !!!!!