قال رسول الله (ص): ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى. «حديث»
كان المسلمون في صدر الإسلام، لا يتوانون عن دفع الأذى عن بعضهم بعضا بعدما وجدوا في الإسلام العزة والشرف، ما كان مفقودا تماما في عصر الجاهلية، إذ كان الإنسان الضعيف أو الأقل منعة مكسور النفس مقيد الشرف، يبعث بحياته وكيانه أصحاب القوة والمال، من خلال مجموعات أو فرق، تغير على بعضها بعضا فتأسر ممن تهزم وتأخذهم غنائم حرب فتبيعهم ما تباع الأغنام في الأسواق، أو تستأثر ببعضهم كعبيد وخدم أو جوار لمتعة الأنس والطرب.
كان الشرف معتقلا، في ذلك الوقت والعادل ظالما، والصالح فاسدا، والحسن قبيحا والمبارك مشؤوما، والعبد يحتاج إلى العصا والأحمد مفتنا وحسودا.
الإسلام قضى على كل تلك العادات الذميمة وأبادها، إلا أنها في هذه الأيام بدأت تعود إلينا شيئا فشيئا، وبدأ سوس تلك العادات السيئة ينخر في جسد شجرة الإسلام العظيم، حتى بدأت بعض أعضاء هذه الشجرة تتساقط لتتلقفها علوج الأرض التي بدأت تنتشر مثل العناكب السامة على أرض الإسلام لتوظيفها لخدمتها، أو تأخذها الرياح الفاسدة التي هبت علينا من الغرب الصهيوني الهوى إلى مكان سحيق لتختبر مكوناتها وتفحص نظام عملها ثم تجري التعديلات عليها ثم تعيدها لتعمل بالنظام المرسوم لها من قبلهم إذ تستزرعها على جذع شجرة الإسلام مرة ثانية لتتغذى من أصولها إلا ان ثمرتها تكون مختلفة تماما عن الأصل.
حينما يتبصر المرء فيما يجري من حوله يتملكه الاستغراب والعجب مما يرى أو يسمع، وخصوصا، حينما يرى فرسان من يعلنون، بملء الفم، الحرب على الإسلام ويعتبرونه عدوهم الأول يرحب بهم في دول المسلمين، والممنوع مسموحا لهم به، تراهم يجوبون طول الأرض وعرضها في خيلاء واستعلاء، والحرام من أجل عيونهم أصبح حلالا ميسرا، ومطالبهم تكتسب صيغة الأوامر، ومخالفتهم تضحى إرهابا تستوجب العقاب، والمخطئ منهم لا يجوز محاكمته أو معاقبته، والمُعارض لهم يجب إسكاته أو ترحيله عن وطنه، وبات رفض الاحتلال حراما ولا يجوز مقاومته، تقربه وتأكد عليه بعض أئمة المسلمين على رغم مخالفته الصريحة للدين.
فإلى هكذا حال إليه أمور المسلمين ولا أخالها إلا إحدى دورات الزمن التي نبأنا بها رسولنا الكريم بأنه لكل زمان سامري يغوي الأمة فتنقاد له إلى أن يبعث الله من أوليائه الصالحين منقذا يرفع الغشاوة التي عن أعين ولاة المسلمين والناس أجمعين ويعيدهم إلى جادة الطريق.
ها هو السامري الأميركي يقودنا في هذا الزمان للدخول في نفق الظلام الذي يتحكم في دهاليزه شارون وكرزاي وبول بريمر، الذي حتما سيقودنا إلى تصادم فيما بيننا من جراء عتمة النفق، وبما اننا حين نسمع ولا نرى من الغشاوة التي على عيوننا، يتولون توجيهنا عن طريق السمع والطاعة لهم، وحينها ليس بمستبعد في تلك الظروف أن يدوس بعض منا على الآخر كما يحدث في الجزائر وجنوب السودان. أو أن تبتر أجزاء منا وتذهب قرباتٍ إلى الآخرين كما هو حاصل في فلسطين وأفغانستان والعراق.
فعسى الله أن يبعث نفرا من أوليائه الصالحين لينسف العجل الأميركي ويصرف الخوف من قلوب العباد ويعيد الأمة إلى عبادة الله وحده وينزع الظلام والفرقة وأن يجمعنا ويؤلف بين قلوب ولاة المسلمين وان يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا
إقرأ أيضا لـ "علي محمد جبر المسلم"العدد 299 - الثلثاء 01 يوليو 2003م الموافق 01 جمادى الأولى 1424هـ