سألني أكثر من قارئ: لماذا لم تكتب متضامنا مع «الوسط» وقبلها «أخبار الخليج» عند بدء محاكمة الأولى واستمرار هذه المحاكمة يوم أمس؟ ألا يعتبر هذا في رأيك اعتداء على حرية الرأي وحرية الصحافة يستحق الوقوف ضده والتصدي له؟

وفي كل مرة وجه لي هذا السؤال أرد بأني عبرت عن رأيي بصراحة ووضوح في الندوة التي تحدثت فيها مع المحامي عبدالشهيد خلف في «جمعية الوفاق»، والذي نشرت «الوسط» حوالي 30 في المئة مما قلته فقط بينما لم تنشر الصحف شيئا لأسباب معروفة.

في تلك الندوة قلت إن ما أقدم عليه وزير الاعلام - من تهديدات للصحافة والصحافيين، وما تعرضت له «الوسط» و«أخبار الخليج» من دعاوى مفتعلة أمام النيابة والمحاكم هذه الأيام - يأتي في إطار سلسلة التراجعات المضادة للاصلاحات الديمقراطية، والتي بدأت بنظرية الانشغال والاشتغال، وتواصلت من خلال المؤتمرات الصحافية التي رتبتها جمعية الصحافيين ترويجا لهذه الأفكار والخطوات التراجعية.

وبعدها امتدت تلك التراجعات إلى الشأن العمالي من خلال رفض قانون النقابات العمالية، ثم قيام اتحاد عمال البحرين، ثم قانون النقابات المهنية المجهول المصير، ثم النقابات العمالية الحكومية والتي لاتزال فصول المقاومة والمقاومة المضادة نشاهدها كل يوم على رغم تأكيد جلالة الملك حق عمال وموظفي الحكومة في تشكيل نقاباتهم المستقلة أسوة بزملائهم في القطاع الخاص.

وقائمة التراجعات أو المقاومة المضادة طويلة وشملت مجالات وقطاعات مختلفة منها الاتحاد النسائي، ومنها بعد ذلك الصحافة والاعلام وحرية الرأي والتعبير بصفة عامة والتي تشمل كل شعب البحرين وليس الصحافيين وحدهم. وهنا قلت: إن الحكومة ربما استخدمت قانون 46 المرفوض من مؤسسات المجتمع المدني قاطبة، والذي ثبتت عدم دستوريته، ومعه قانون العقوبات في تهديداتها للصحافة ومحاولة الحد من حريتها، فقد كان على الصحيفتين أن تطعنا أولا في دستورية قانون 47 ومن ثم ترفضان دفع كفالة الألفي دينار في كل حالة، ولو حدث ذلك فلن يكون البديل التوقيف الاحتياطي الذي لو تحقق فسيوجه طعنة عميقة للمشروع الاصلاحي لن تتحملها الحكومة، وسيلاقي احتجاجات واسعة من داخل وخارج البحرين.

لكن الجماعة دفعوا الكفالة وقدموا الأعذار المختلفة لذلك، وهم لا يدرون أن عملهم هذا قد ساهم في اجهاض حرية الصحافة