مع اعتقاد الجميع بأن ما يحصل من جدل بشأن إقامة بطولة كأس الخليج العشرين في اليمن، لا يحتاج إلى إيفاد وفد أمني يستطلع الحالة الأمنية المتردية بمكان إقامة البطولة، إلا أن الجميع أصبح متلهفا لما ستقوله هذه اللجنة بشكل نهائي من تحديد إمكانية اللعب من عدمه في اليمن، على رغم الاعتقاد السائد في أوساط الشعب الخليجي بأنه قد فات الأوان لتحديد ذلك، مع اقتراب البطولة وتبقي أقل من أسبوعين على موعد انطلاقتها، ودخول جميع المنتخبات في مرحلة شد الأحزمة للسفر، ولاسيما أن الوفد الأمني يأتي بعد أن فشلت الوفود الخليجية الفنية والإدارية التي زارت اليمن لأكثر من مرة في التأكيد على جميع النواحي اللوجستية والبنية التحتية والإدارية المطلوبة.

زيارة الوفد الأمني أمست خطوة غير مسبوقة في تاريخ دورات كأس الخليج العربي، وغدت الآن خطوة تاريخية لأن من شأنها تحديد إقامة البطولة أو تأجيلها أو إلغائها، فلأول مرة يقوم وفد أمني بتفقد أمن البلد المستضيف في بطولة هي أكبر ما يقال عنها – سابقا طبعا – بأنها أفضل البطولات أمنا واستقرارا في العالم.

حقيقة، كان يتطلب من جميع الوفود الخليجية السابقة التي زارت اليمن الابتعاد عن المجاملات منذ مدة طويلة، إذا ما عرفنا أن القوات الكبيرة التي تقول اليمن إنها ستوفرها للحفاظ على أمن البطولة سيكون عملها بدرجة كبيرة منصبا على حماية الوفود الرسمية والمنشآت الرياضية والسكنية للمنتخبات، فكيف يا ترى ستتوقع اللجنة التنظيمية الحضور الجماهيري وحتى الإعلامي في هذه البطولة، بعد أن أصبحت هذه البطولات واحدة من أكبر الملتقيات التي تحتضن أكبر المحطات الفضائية التلفزيونية، وكذلك الشعوب الخليجية، لأنه لا يتوقع أن تسخّر اليمن أيضا قوات إضافية ترافق وتحرس كل فرد خليجي جاء لمشاهدة البطولة، في ذهابه للسوق ونزوله من الفندق، وركوبه السيارة، وغيرها مما تعود عليه الشعب الخليجي في مثل هكذا بطولات، أم أنه سيظل حبيس سكنه؟، إذ يجب عليها أن تأخذ تهديدات جماعة الحراك الجنوبي بالتفجيرات المستقبلية على محمل الجد، وإلا كيف سيكون الرد حال حدوثها.

حقيقة يستغرب الفرد الخليجي من عدم إشراك وتفكير اللجنة التنظيمية الخليجية بالجمهور في عملية تحديد إقامة البطولة من عدمها، لأنه يتضح لنا جليا ذلك، وكأنها تريد إقامة البطولة فقط لا غير.

الوضع أكبر من ذلك، فكل المنتخبات أصبحت غير ملزمة بفرض قرار السفر على كل لاعب يقع عليه الاختيار، في هذه الأجواء الملبدة بالغموض والخوف والتوتر، الأمر الذي كما أكده مدرب المنتخب الوطني سلمان شريده في حديثه لبرنامج «برزة خليجية» سيؤثر من دون شك أيضا على الأداء الفني للبطولة، وهو ما يضع اللجنة التنظيمية الخليجية ورؤساء الاتحادات الوطنية خصوصا تحت طائلة الاتهامات في عدم حمايتهم للاعبيهم وشعوب بلدانهم، لأن اللاعب سيلعب حينها وهو يعيش داخل أحاسيسه الخوف من حدوث تفجيرات، قد لا تعيده إلى وطنه من جديد، وهو ما يتطلب أن يأخذه المعنيون على محمل الجد، لأنه وعلى ما يبدو بأنها لن تحضر البطولة وستترك مهمة الإدارة والتنظيم لمدربي المنتخبات وإدارة الفرق.

أظن أن ما يحدث في اليمن معلومٌ لدى الجميع ولا يخفى على أحد، فلماذا تم اختيارها ولماذا هذا الإصرار؟ ألا يكفي التهديد الذي وصل من تفجيرات عدن التي استهدفت ملعب الوحدة الرياضي وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وجرح آخرين. ألم يحركنا إحباط محاولة تفجير أخرى؟ ومع ذلك نجد أن المنظمين يصرون على أن تقام البطولة في اليمن... فلماذا؟

أكرر السؤال: هل فقدت كرة القدم متعتها وإثارتها حتى بات عامل اختيار الأماكن «المثيرة للجدل» محفزاً لمتابعة البطولة؟ أم أن ما خفي أعظم؟!