لم يكد يمضي أسبوع على الإعلان النهائي لنتائج انتخابات المجلس النيابي، حتى بدأنا نطالع في الصحف المحلية، ما يشبه اقتسام الغنائم.
كل ما أصبحنا نقرأه هو اتفاق على هذا المنصب و«الاقتتال على ذاك». حتى الآن لم نسمع أي شيء خلاف ذلك. على الأقل، ولتبرئة الذمة، هذا ما نسمعه، أو نقرأه، في العلن، ولا نعطي لأنفسنا الحق في التكهن بشأن ما يدور في الغرف المغلقة، أو خلف الأبواب الموصدة.
لا يملك المواطن هنا سوى استعادة ما جرى في غزوة أحد، في مطلع الإسلام، وعندما تهافت الجند المسلمون، وكانوا لايزالون لم يتخلصوا من السلوك البدوي البدائي، على اقتسام الغنائم، وكان قائد قريش حينها خالد بن الوليد، الذي كان ينتظر مثل هذه اللحظة، فانقض فيها على جند الإسلام، وأعمل سيوف قواته في رقابهم، وتحول انتصار المسلمين حينها إلى هزيمة، وهزيمة قريش إلى انتصار.
نورد هذه الرواية كي نلفت نظر نوابنا الأفاضل، وكتلهم النيابية على حد سواء، أن الوصول إلى المقعد البرلماني، سواء كان الأمر لمن يعيدون التجربة، أو هي الأولى في حياتهم، أن الأمر لن يعدو كونه باكورة الخطوات على طريق طويلة سوف تستمر لأربع سنوات قادمة، ومن ثم، وقبل أن يتهاتفوا على اقتسام «المناصب»، ربما كان الأجدر بهم أن ينتبهوا إلى أن هناك أكثر من خالد بن الوليد، يتربص بهم وينتظرهم كي يرتكبوا هفوة مثل تلك التي تحدثنا عنها في غزوة أحد فيدفعوا ثمنها غالياً.
ليس اللوم في أن يجري الحديث عن تلك المناصب، شريطة أن يأتي ذلك ضمن خطة برلمانية متكاملة، لا تشكل المناصب، على أهميتها، أكبر نقطة في محيط البرامج النيابية. فالتركيز على المراكز، وكما أثبتت أحداث الأيام القليلة الماضية، كشف الكثير من النواقص التي تعاني منها الجمعيات السياسية، والأمراض المستشرية في أبدانها.
صورة ما بعد الانتخابات هذه، لابد وأن تستثير المواطنين، ممن أدلوا بأصواتهم لصالح هذا المرشح أو ذاك، وترغمهم على إعادة النظر، فيما إذا كان قرارهم الانتخابي كان صائباً، وربما تقودهم إلى ما هو أبعد من ذلك فيقعوا فريسة إحباط سياسي يمزقهم، ويشتت تفكيرهم، ويمنعهم من السير نحو الطريق الصحيحة، سواء كان ذلك اليوم، وهم يتابعون أداء مرشحيهم، أو غد عندما يحين أوان انتخابات 2014.
قد يغفر المواطن لمن ترشحوا كأفراد، ووصلوا إلى المقعد النيابي على هذا الأساس، لكنه لا يستطيع أن يتسامح مع الجمعيات السياسية التي يفترض، ذلك المواطن، أن تكون برامجها أشمل من المناصب، وأبعد من الكراسي، مهما بلغت تلك الكراسي من علو.
كم كان يود المواطن لو أن الجمعيات السياسية التي تمتلك نواباً وكتلاً نيابية، عوضاً عن وضع توزيع المناصب في أعلى قائمة أولوياتهم، سارعت إلى ما يلي:
1. الدعوة إلى لقاء وطني، يشارك فيه، إلى جانب النواب الفائزين، مرشحو الجمعيات السياسية الذين لم يحالفهم الحظ، ومن ثم لم يصلوا إلى القبة البرلمانية. والمطلوب من مثل هذا اللقاء، تجاوز اللقاءات التقليدية، والتحول إلى ما يشبه المؤتمر الوطني القائم على المصارحة المطلقة. يطمح المواطن أن تضع القوى السياسية، في ذلك اللقاء، أوراقها كافة، على طاولة الحوار، فليس هناك ما يستدعي أو يبرر إخفاء أي منها، إذا ما سلمت النوايا، وصلحت النفوس. مثل هذا المؤتمر الوطني، سيكشف الكثير من تلك الأوراق التي لايزال البعض يصر على إخفائها.
2. مناقشة، التحالفات، العلنية وغير العلنية، المكتوبة، وتلك التي تم الاتفاق عليها شفهياً، لمعرفة مدى تقيد كل جهة بما التزمت به تجاه القوى الأخرى، فمن الأخطاء القاتلة في العمل السياسي، هي التقدم نحو الأمام دون دراسة الخطوات الأولى التي مهدت لمسيرة التقدم، أو حتى التراجع. وكما يقال «ما يبنى على باطل فهو باطل أيضاً». فما لم تقف الجمعيات السياسية، بمختلف تلاوينها، وقفة مصارحة بشأن التحالفات، فمن الصعب الحديث عن علاقات معافاة بين القوى السياسية، سواء كان ذلك بين تلك العاملة في المجلس النيابي، أو بينها وبين تلك التي حالت ظروفها دون الوصول إليه.
3. التشاور بشأن المرحلة المقبلة، وكيفية إدارة الصراعات السياسية، وخوض المعارك البرلمانية، تحت قبة البرلمان وخارجه. مثل هذه الخطوة ستوضح، مدى استعداد «القوى البرلمانية» مد يدها ومصافحة القوى «غير البرلمانية». وإن كان من يكرر أن «العمل البرلماني لا يعدو كونه قناة واحدة من عدة قنوات أخرى لا تقل أهمية عنه»، صادقاً فيما يدعيه، فليس هناك أفضل وقت من اليوم كي يحول تلك المقولة إلى سلوك عملي يؤكد فيه تمسكه بما «بشر له»، وحرصه على إشراك القوى السياسية، وليس الكتل النيابية في مسيرة المعارضة، بأشكالها المختلفة، وتضاريسها المعقدة.
4. التأسيس لموقف، وطني، واضح وصريح من السلطة التنفيذية، ومؤسساتها المختلفة، ومدى استعدادها للقبول بالأطياف المختلفة للقوى المعارضة. مثل هذا التأسيس، إذا ما تم العمل به بشكل إستراتيجي وطني، وليس تكتيكي فئوي، من شأنه أن يرغم السلطة التنفيذية، ليس على التعامل مع كل أطياف المعارضة، فحسب، وإنما أيضاً الحيلولة دون استفرادها بقوة دون أخرى. وبالمقابل، يقطع الطريق على أي من الاتجاهات «الانتهازية» التي لا تتردد في بيع «الجميع» من أجل نيل بعض المكاسب الفئوية الآنية.
لا شك أن فرحة المواطن ستكتمل عندما يرى صورة جمعياته السياسية وهي تلتقي كي توحد صفوفها من أجل خوض معركة إستراتيجية واحدة، وبالقدر ذاته، تنبذ كل أشكال العمل الفئوي الأخرى. وفي غياب مثل تلك النظرة الكلية، لا يملك المواطن أكثر من التمسك بالأمل، فهو البلسم الوحيد القادر على شفاء الجروح، وتخفيف الآلام. وأية صورة خلاف ذلك ستبدو قاتمة، وتحمل في طياتها مستقبلاً مظلماً.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2985 - الأحد 07 نوفمبر 2010م الموافق 01 ذي الحجة 1431هـ
عزيزي أ.عبيدلي
من فاز لن يفكر في المواطن البسيط بعد التصويت - لأن من فاز ليس الأكفأ ولكن نعزي شعب البحرين لعدم وصول مرشحي وعد وذلك لأن هذه الجمعية (وعد) تمتلك مشروعا وطنيا جامعا ويمكن أن يؤثر ايجابارفي مسيرة التتنميةالشاملة للبحرين.
بهلول
زائر رقم 1 : لعلمك راتب النائب تافه حتى لو وصل 4 آلاف دينار لأنه أي واحد عنده عمارة صغيرة 4 طابق ممكن يطلع منها 4 ألف دينار.
زائر 2 : إصح يا نايم ! إطمئن ، شعبية وعد زادت وقاعدتها عمال تكبر و تتسع.
أستاذ عبيدلي شكراً
أستاذ عبيدلي شكراً اروحك الوطنيه ... عندي لك طلب واحد فقط لا غير أن توصل للإخوان في وعد رساله مفادها أنهم بتحالفهم الغريب مع الوفاق قطعوا كل الجسور مع قاعدتهم الشعبيه .... و الله لو لم تكن وعد متحالفه مع الوفاق لصوت لها و لكني لا أستطيع أن أصوت لمن يتحالف مع من يزدري العروبه و يمجد غيرهم و أنت تعرف من أقصد .... و آسف على الإطاله
نائب يبنى مخبز قدرت تكلفته مئات الآلاف من الدنانير
ألكم أن تتخيلوا تكلفة بناء مخبز يقدر ب 290 ألف دينار بحريني وهذه التكلفة عباره عن الراتب اللى يستلمه سعادة النائب