العدد 2977 - السبت 30 أكتوبر 2010م الموافق 22 ذي القعدة 1431هـ

حاجة البرلمان إلى «الكتلة الإقتصادية»

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لايزال الحديث عن إمكانية تشكيل كتلة برلمانية اقتصادية في مجلس نواب 2010 يتأرجح بين النفي والتأكيد، فبينما يحاول البعض أن يؤكد احتمال بروزها وتبلورها بعضوية بعض النواب الفائزين من ذوي الخلفيات التجارية، يحاول البعض أن يوسع من دائرة نشاطها بإطلاق صفة «المستقلة» عليها تمييزاً لها عن كتل أخرى حازت على المقاعد البرلمانية. يثير مثل هذا الحديث الكثير من القضايا المهمة ذات العلاقة بالبرلمان خصوصاً، والأوضاع السياسية في البحرين عموماً.

أول ما ينبغي التنويه له هنا، هو أن تشكيل «الكتلة الإقتصادية» لا ينبغي أن يكون، كما قد يتوهم البعض، مجرد ضم مجموعة من رجال الأعمال البحرينيين ممن نجحوا في الانتخابات الأخيرة في لجنة يطلق عليها مسمى ما، أو اتفاقهم على بعض النقاط، واعتبار ذلك خطوة كافية لتشكيل كتلة نيابية، دع عنك كتلة اقتصادية، لما لمثل هذه الكتلة من أهمية خاصة في مجلس 2010، فهي إذاً، ليست مجرد قرار يتفق عليه مجموعة من النواب، بغض النظر عن الإمكانات الذاتية التي بحوزة أي منهم، او المهارات الفردية التي يتمتع بها أي منهم، بقدر ما هي تشكيلة متكاملة، يحمل كل عضو فيها إمكانات ذاتية تتفاعل مع الآخرين من الكتلة ذاتها، كي تتبلور في نهاية المطاف في خطة عمل شاملة يتوزع تنفيذها على مجموعة من البرامج المحددة، متى ما نفذت، تكون الكتلة قد حققت الهدف من وراء تشكلها التي حاولت أن تميز، من خلاله، نفسها عن الكتل الأخرى. في السياق ذاته أيضاً، لابد من التـأكيد على أن مجرد الحديث عنها هو في حد ذاته مبادرة إيجابية لا ينبغي التقليل من أهميتها أو تصغير حجم الدور الذي يمكن أن تمارسه.

لكن قبل تناول تصورنا لما يمكن أن تقوم به مثل هذه الكتلة لابد من تشخيص مدلولات بروز هذه الظاهرة وأهميتها، كما تكشف عن ذلك النقاط التالية:

1. لابد من النظر إلى بروز تكتل مهني في البرلمان البحريني على أنه ظاهرة إيجابية؛ لأن في تشكيلها محاولة، واعية أو عفوية، للتمرد على الانقسام الطائفي الذي سيطر على نتائج انتخابات مجلس 2006، ويكاد أن يلقي بظلاله على مجلس 2010. لذا فهي ردة فعل طبيعية مشروعة لكل من يريد أن يمارس دوراً سياسياً بعيداً عن المستنقع الطائفي، برلمانياً كان هذا المستنقع أم أية تشكيلة سياسية أخرى. من هنا يأتي تشكل مثل هذه اللجنة بمثابة الوسادة «غير الطائفية» التي بوسعها، في حال بناء مواقفها من منطلقات اقتصادية محضة، أن تمتص أي احتقان طائفي محتمل بانتظار هذا المجلس.

2. على صعيد آخر، يفسح هذا التشكل المهني، في حال تبلوره، في المجال فرصة تشكل تكتلات أخرى، ذات اهتمامات مشتركة، فمن غير المستبعد أن نشهد في جولات انتخابية مستقبلية تبلور تكتلات ذات اهتمامات مشتركة، ليست بالضرورة اقتصادية، ولكنها لن تكون طائفية كما هو يراد لمجلس 2010 أن يكون، مثل التكتل البيئي، أو التكتل الليبرالي أو حتى التكتل المدافع عن حقوق المرأة، بل وحتى التكتل الديني المتنور البعيد عن التعصب الطائفي أو المذهبي. من الضرورة بمكان هنا النظر نحو المستقبل عوضاً عن غمر رؤوسنا في الرمال والخضوع للواقع الحالي المسيطر على اتجاهات الحركة السياسية السائدة.

3. من جهة أخرى، بوسع هذا التكتل أن يثري نقاشات البرلمان من جهة، ويرتقي بمستوى الموضوعات التي تتناولها تلك النقاشات من جهة أخرى. فمتى ما التزم أفراد هذا التكتل بخطتهم، التي لابد لها أن ترتكز على قواعد اقتصادية صلبة، فليس أمامهم من طريق أخرى يسلكونها لتحقيق تلك الخطة، سوى انتشال البرلمان من أوحال الصراعات الطائفية التي آل إليها، ومن لجة الخدمات التي تعثرت خطواته من جراء اللهث وراء تفاصيلها، إلى قبة البرلمان وتشبيع الدائرة التشريعية التي من أجلها ائتمن الناخبون أصواتهم لدى مرشحيهم.

أمام هذه الكتلة، أو أية كتلة أخرى، في حال تشكلها مجموعة من المهام التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:

1. أن تبادر الكتلة، والمقصود بها هنا الكتلة الاقتصادية، بعد تشكلها وتحديد أعضائها، إلى عقد ورشة عمل مكثفة يشارك فيها ذوو الاختصاص والخبرة، تخرج في نهاية المطاف بخطة محكمة تضع تصوراتها القابلة للتنفيذ أمام البرلمان، وتدافع عنها أمام الجهات المعنية الأخرى. نأمل أن تخرج ورشة العمل تلك من دوائر العموميات التي لاكتها الألسن، إلى نقاط الخطط المحددة التي تبحث بصدق عن من يتصدى لتنفيذها.

2. أن تتحاشى الكتلة، قدر الإمكان الانطلاق من نقطة الصفر، وتعود عوضاً عن ذلك إلى الخطط التي ناقشها البرلمان أو عرضتها السلطة التنفيذية، وتنطلق منها، وتضع على أساسها، خططها القادرة على سد الثغرات في تلك الخطط، وتطعيمها بالجديد الذي لم تلتفت إليه.

3. أن تمد الكتلة أياديها وتفتح صدورها إلى كل من يريد، أو تعتقد هي أن في وسعه المساهمة في وضع تلك الخطة، أو المساعدة في تنفيذ برامجها المنبثقة عنها. ومن الطبيعي أن تكون غرفة تجارة وصناعة البحرين هي أقرب الجهات لتلك الكتلة، وأكثرها قدرة على التعاون معها. يضاف إلى «الغرفة» بعض الجمعيات المهنية المتخصصة، وفي المقدمة منها جمعيات ذات علاقة وثيقة بالاقتصاد من أمثال: جمعية المهندسين البحرينية، وجمعية البحرين للإنترنت.

4. أن تطوق الكتلة نفسها بسياج من جمعيات المجتمع المدني، ممن لديها مصلحة في تبلور كتل نيابية متخصصة مثل الكتلة الاقتصادية، وفي المقدمة منها «جمعية الاقتصاديين»، و»جمعية المحامين»، و»جمعية رجال الأعمال»، وأخرى كثيرة غيرها ممن في وسعها مد تلك الكتلة بالدعم الذي تحتاجه، سياسياً كان ذلك الدعم أم مهنياً.

لقد استبشر المواطن خيراً لمجرد الحديث عن احتمال تبلور مثل هذه الكتلة التي لا ينبغي أن يقلل من شأنها وأهميتها كونها، ربما، ليست كما يريدها ذلك المواطن، لكن منطق التاريخ، وتجارب الشعوب، كلها تؤكد أن ليس هناك ظاهرة تولد مكتملة وتتحلى بالمواصفات النموذجية، فهي شأنها شأن الإنسان ذاته، تولد ينقصها الكثير الذي تطوره وتكتسب مهاراته من خلال التجارب التي تخوضها والمعارف التي تراكمها

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2977 - السبت 30 أكتوبر 2010م الموافق 22 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 6:49 ص

      الاخ عبيدلي

      الله يستر من هالتشكيله ونتمنى ان يقروا مقالك
      ياريت ترسلهم على ايميلاتهم هالافكار العدله حتى يحطونها امامهم
      وشكرا ع المقال الرائع

    • زائر 2 | 1:20 ص

      التجار لا يعني اقتصاد

      هؤلاء تجار جمله. فما دخل الاقتصاد فيهم؟ لقد سقط الاقتصادي ابراهيم شريف . المتمكن علميا
      اما البقيه فهم علي قد لحافك مد رجليك.
      والله يساعد في الموازنه القادمه ورفع الدعم عن السلع الاساسيه
      وكل التوفيق للجميع

    • زائر 1 | 11:12 م

      نبارك لأهالي الدوائر الذين لم يشتروا بالأموال وبالكوبونات

      لجميع الأخيار نشكر لكم جهودكم وتكاتفكم
      وتعاونكم في إنجاح العملية الإنتخابية لمرشيحكم المستقلين نثمن الوعي الجماهيري بعدم التغرير بهم بيوم ترفيهي للأطفال وبالقصر الهزاز أثناء الفترة التي تسبق العملية الإنتخابية ونحمد الله بفشل الحملات الإنتخابية المنافسه عندما تم استغلال شهر رمضان من قبل بعض المتنافسين إستغلال البسطاء في مقابل كسب الأصوات وهذه الفترة التشريعية تحتاج للكتنوقراط الذين هم الأكفأ والأجدر في سن القوانين ، وهذا يعطي درسا بأن الوطنيين الأخيار لا تشترى بالأموال

اقرأ ايضاً