طالعنا جميعاً، وبكثير من الفخر والاعتزاز خبر إدراج صحيفة «الوسط» البحرينية ضمن قائمة مجلة «فوربز - الشرق الأوسط»، باعتبارها الأولى على مملكة البحرين، وفي المركز الخامس عشر كأقوى صحيفة مطبوعة حضوراً على الانترنت في العالم العربي. بقدر ما ينشر هذا الخبر الفرح في صدور أسرة «الوسط» وقرائها، بقدر ما يعكس أيضاً جانباً مهماً من جوانب الصحافة البحرينية المعاصرة، ويكشف عن الأسباب التي أخذت بيد «الوسط» إلى تلك القائمة، والتي يمكن أن نرصد أهمها في النقاط التالية:
1. الخبرة البحرينية المحلية في ميدان الصحافة، فللذين لا يعرفون هناك العديد من الكوادر البحرينية العاملة في الميدان الإعلامي اليوم، هم من الذين اكتسبوا خبرتهم المهنية الغنية في أروقة صحف لبنانية عريقة، من مستوى صحيفتي «النهار»، و»السفير» اليوميتين، والمجلات الأسبوعية اللبنانية مثل «الحرية»، و»الأخبار»، والفلسطينية الصادرة في لبنان مثل «الهدف»، و»فلسطين الثورة». توفرت لتلك الكوادر البحرينية المهاجرة حينها فرصة ذهبية صقلت خلالها مهاراتها المهنية في مدارس إعلامية عريقة مثل تلك التي أشرنا لها، لم يتسن لقرائهم في دول مجلس التعاون الأخرى أن يحظوا بها.
2. شكل رواد الصحافة الأوائل، من أمثال عبدالله الزايد، ومن بعده محمود المردي، وعلي سيار، وقائمة طويلة لا تساعدني الذاكرة على استحضار أسمائها كافة، نقطة انطلاقة قوية، نجح الجيل الصحافي الذي جاء بعدهم في حمل رايته الخفاقة، ومتابعة طريقه الوعرة. كما نجح أيضاً البعض الآخر من مخضرمي السبعينيات والثمانينيات، والكثير منهم لايزال يمارس مهنة الصحافة حتى يومنا هذا، في أن يشكل قنطرة مهنية ربطت بين جيلين من أجيال العمل الصحافي البحريني.
3. شكلت الصحافة الحزبية البحرينية السرية الداخلية منها مثل «الشرارة»، والعلنية الخارجية مثل «5 مارس»، وأخرى أيضاً لا تسعفني الذاكرة على استحضارها، التي كانت تصدرها قوى المعارضة البحرينية في الداخل والخارج، مدرسة مهنية خرجت جيلاً آخر من أجيال العمل الإعلامي. فقد كان إعداد مادة تلك الصحف، وطباعتها، ومن ثم توزيعها، مهمة مضنية وشاقة، تحملها البحرينيون، فاستحقوا اكتساب هذه المهارة، التي تؤهل صحفهم اليوم أن تحصد مثل هذا الاعتراف العالمي.
4. وبعد دخول البحرين عالم الإعلام الإلكتروني، كانت المرأة البحرينية سباقة في إطلاق أول بوابة إلكترونية متخصصة في العالم العربي في العام 2002، واستطاعت، وبفضل جهود كوادر إعلامية نسائية بحرينية محدودة العدد، أن تتبوأ مراكز متقدمة في «صناعة محتوى البوابات الإلكترونية»، مما أهلها، وفي فترة قصيرة جداً من عمرها لم تتجاوز سنوات ثلاث، أن تحصد أول جائزة دولية يحصل عليها موقع إلكتروني عربي، عندما فاز موقع «بوابة المرأة»، بجائزة أحد أفضل خمسة مواقع عالمية في فئة «الاحتواء الإلكتروني» التي تشرف عليها إحدى المنظمات العالمية المرتبطة بالأمم المتحدة، وهي «جائزة القمة العالمية» (WSA).
أول مسألة يطرحها نجاح «الوسط» هذا، أن الإعلام لا يمكنه أن ينتعش في ظل الرقابة، والحجب، وتضييق الحريات، فهي جميعها إجراءات أكل عليها الدهر وشرب، وتتنافى وقوانين الارتقاء والتطور. ومن ثم فليس هناك ما هو أفضل من فتح المجال أمام الصحافة والصحافيين كي يخرجوا ما في صدورهم، عوضاً عن إخفائه، دون أن تتحول هذه الحرية إلى فوضى بعيدة عن القوانين والأنظمة، لكنها قوانين وأنظمة متفتحة وقادرة على إطلاق المبادرات لا خنقها. ولعل ما حصدته «الوسط» هو إحدى ثمار المشروع الإصلاحي الذي لولاه لما كان لصحيفة مثل «الوسط» أن ترى النور.
أما ثاني تلك المسائل فهي أنه، أي النجاح، يضع على عاتق الصحافة البحرينية برمتها تحدياً حقيقياً، فأول ما تعنيه هذه الجائزة، هو أن في إمكان الصحف الشقيقة الأخرى أن تحقق ما حققته صحيفة «الوسط»، ومن ثم، فكل ما يطمح له المواطن البحريني اليوم أن يشهد خلال السنوات القادمة تنافساً مهنياً متطوراً بين الصحف البحرينية، تستفيد منها هي في رفع مستوى إنتاجها المهني، ويستفيد منه المواطن هو الآخر لكونه سيتلقى مادة صحافية غنية راقية. هذا التحدي لا يستثني «الوسط» أيضاً، فهي الأخرى مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى أن تحافظ على المستوى الذي وصلت إليه.
أخطر ما يمكن أن ينم عن هذا الفوز، تحوله إلى أحد النياشين التي نعلقها على صدورنا، تماماً كما يفعل قادة الجيوش العربية من جنرالات ومشيرين، ونفتخر بها وعلى امتداد سنوات طويلة، ثم نفاجأ، مثل ما تفاجأ تلك القيادات العسكرية، أنها فقدت بريقها من جراء الصدأ الذي يعلو سطحها، أو تآكلت بفضل عوامل البحت والتعرية.
ثالث مسألة يطرحها هذا الفوز، هو إمكانية تحويل البحرين إلى «مركز» لإنتاج المحتوى الإلكتروني، وهذه ليست مسألة تمنيات عاطفية، بقدر ما هي دعوة صادقة للبدء في مشروع صناعة محتوى إلكتروني مستقبلية، قادرة على المنافسة في الأسواق العالمية، يمكن تحقيقها من خلال الخطوات التالية:
1. تأسيس معهد فني تكون مهمته الأساسية تخريج أفواج متخصصة في بناء المحتوى الإلكتروني بشكل متطور وقابل للتسويق عالمياً. وهنا لابد لنا من التأكيد على أن مثل هذه المعاهد أصبحت منتشرة في الكثير من الجامعات الراقية، بما فيها معهد ماسوستش للتكنولوجيا (MIT)، الذي يمتلك مخبراً خاصاً لإنتاج المحتوى الإلكتروني، نصوصاً كان ذلك المحتوى أم مواد سمعية - بصرية (Audio - Visuals). ومن ثم فهناك فرصة أمام جامعة البحرين، أو إحدى الجامعات الخاصة للإقدام على هذه الخطوة.
2. تطوير إجراءات ومقاييس «الجائزة العربية للمحتوى الإلكتروني» التي نجحت جمعية البحرين للإنترنت في أن تنال البحرين حق أن تكون المقر الرسمي لها، بحيث تتحول إلى مناسبة عربية تتحول البحرين من خلال فعالياتها إلى «المركز العربي لصناعة المحتوى الإلكتروني»، الذي بوسعه استقطاب أرقى الأعمال، واستقبال أفضل المنتجين، والاستفادة منهم في تطوير تلك الصناعة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2975 - الخميس 28 أكتوبر 2010م الموافق 20 ذي القعدة 1431هـ
أبن المصلي
هذا هو البحريني الأصيل استاذ عبيدلي رفعت رأس في جميع الميادين والمحافل ذلك البحريني الذي حفر الأرض بأنامله الطاهرة وركب البحر وتحدى اهواله نعم نحن البحرينيون مفخرة في الخارج وفي الداخل ولاتستغربوا أخواني أن قلت لكم ذلك وقد أثبتم أن لكم الريادة وما هذا التفوق الباهر والذي حصلت عليه جريدتنا العزيزةالوسط وبأدارة وطنية أصيلة دليل على صحة ما نقوله وهذا يعد مفخرة لنا جميعا الى الأمام ومزيد من التقدم يادكتور منصور الجمري مع رفاقك في جريدتنا الغالية الوسط
تقنية تشغل الحيّز وتحطّم حدود ... الفضـــــاءات
الإعلام الرقمي يعتمد على التواصل والترابط الناجمين عن ثورة شبكات الاتصالات العالمية ،وليكون زخم التأثير" المهيمن " بالغاً مداه فاحتلال الصدارة - الآن - محلياً وعربياً - وغداً بعون الله - تبتهي الوسط عالمياً . ( وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ، ويجزاه الجزاء الأوفى ) . ومبروك لكل الوسط ... نهوض
بهلول
Just go ahead, Don't rest or sit on your laurels