تسعى المنظمات اليهودية الأميركية التي تؤيد التوصل إلى تسوية للصراع العربي - الإسرائيلي إلى زيادة نشاطها في أعقاب تبني الادارة الأميركية لمشروع «خريطة الطريق»، وتقوم هذه المنظمات من خلال سيل من الرسائل والمقالات ومحاولات الضغط بتوجيه تحد لفظي إلى منظمة «أيباك» المهيمنة على الكونغرس وأروقة البيت الأبيض.
«المنبر السياسي لإسرائيل» الذي يوصف بأنه منظمة معتدلة في أعقاب إعلان الحكومة الإسرائيلية و«أيباك» عن شكوكهما قبل نحو شهرين بشأن «خريطة الطريق» حمل عددا من الزعماء اليهود الأميركيين من بينهم رئيس المؤتمر اليهودي العالمي إدغار برونفمان على توقيع رسالة إلى الكونغرس الأميركي يؤيدون فيها «خريطة الطريق».
كما أن منظمة يهودية أميركية أخرى هي «أميركيون من أجل السلام الآن» أيدت حديثا إدخال صيغة في مشروع قانون رئيسي يجعل الكونغرس متضامنا مع إقامة دولة فلسطينية مستقلة وتسوية مرتكزة على قرارات مجلس الأمن تدعو إلى مبادلة الأرض مقابل السلام.
وفي الوقت الذي انتقدت فيه «أيباك» الانتقاد الخفيف الذي وجهه الرئيس جورج بوش إلى سياسة الاغتيال الإسرائيلية عقب المحاولة الفاشلة لاغتيال أحد قادة حركة حماس (عبدالعزيز الرنتيسي) امتدح جوناثان جيكوبي (أحد زعماء المنبر السياسي لإسرائيل) موقف جورج بوش علنا. وقال استاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية في بلتيمور بولاية ميرلاند وعضو «حركة أميركيون من أجل السلام الآن» روبرت فريدمان: «إن كل الطائفة اليهودية الأميركية تحركت نحو اليمين، وبتدخل الولايات المتحدة النشط الآن فقد عززت معسكر السلام».
وخلافا لموقف «أيباك» ترى جماعات السلام اليهودية عموما أن الصراع العربي الإسرائيلي هو المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة، وترى أن الجهود الخاصة بحله تعتبر أساسية من أجل أمن الكيان الصهيوني على المدى الطويل، ويقولون إن مثل هذه الجهود تتطلب دورا مستمرا ونشطا من جانب الادارة الأميركية وتنازلات فلسطينية وإسرائيلية.
و«حركة أميركيون من أجل السلام الآن» هي الفرع الأميركي لحركة «السلام الآن» الإسرائيلية التي تدعي معارضتها لتوسيع النشاط الاستيطاني اليهودي في الأراضي المحتلة، ولكن «أيباك» تركز على ما تزعم أنه التهديدات الأمنية لمصالح الكيان الصهيوني والولايات المتحدة في المنطقة بما في ذلك الدعم الذي تقدمه إيران وسورية إلى منظمات المقاومة الفلسطينية وبرامج التسلح الإيرانية.
وقد أيدت «أيباك» مطالبة بوش بتغيير قيادة ياسر عرفات، وضغطت على الكونغرس مطالبة باتخاذ السلطة الفلسطينية إجراءات للتضييق على حركتي حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما من منظمات المقاومة في الضفة الغربية وقطاع غزة.
ويقول الزعماء اليهود الأميركيون وموظفون في الكونغرس إن المنظمات المؤيدة لتسوية الصراع العربي-الإسرائيلي لا تستطيع التنافس مع «أيباك» التي رسخت نفسها طيلة سنوات لكي ينظر إليها كأقوى مجموعات الضغط في واشنطن المعنية بالمنطقة العربية وجوارها، ولكن المنظمات اليهودية الأميركية «الليبرالية» تقوم بدور ما ولكنه لا يرقى إلى دور «أيباك». ولا يرى البعض أن هناك أهمية تذكر لحركات السلام اليهودية الأميركية، ويقول المدير التنفيذي لمؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الرئيسية مالكولم هونلاين: «لا أعتقد أن التحدث عن انقسام في الطائفة اليهودية الأميركية هو أمر صحيح». فيما قال مسئول آخر في منظمة رئيسية في معرض وصفه لنشاطات الجماعات اليهودية الأميركية المؤيدة للسلام «إنها أشبه ما تكون بذباب حول فيل». ويقر رئيس المعهد العربي الأميركي جيمس زغبي بنفوذ «أيباك» في الكونغرس، ولكنه يقول: «هناك أسطورة عن جماعة ضغط لا تقهر من شأنها أن تهزمك إذا ما خرجت عن الخط»
العدد 296 - السبت 28 يونيو 2003م الموافق 27 ربيع الثاني 1424هـ