العدد 2957 - الأحد 10 أكتوبر 2010م الموافق 02 ذي القعدة 1431هـ

قضايا صغيرة

الشيخ محمد الصفار mohd.alsaffar [at] alwasatnews.com

«في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أذاعت محطة السي إن إن الأميركية أن عصفوراً عطل أحدَ أكبرِ المشاريع العلمية في التاريخ، وذلك بعدما أسقط قطعة خبز في أكبر محطم للذرات في العالم، والذي يمتد على مساحة 71 ميلا عند الحدود السويسرية الفرنسية، ما تسبب في توقفه عن العمل، واعتبرت المشكلة أحدث العقبات التي تواجه المشروع الذي كلف 10 مليارات دولار، ويعرف باسم «صادم الهدرون الكبير» وهو أكبر مسرع للجزيئات على سطح الأرض.

كان سقوط هذا الخبز البسيط أثناء توقف المشروع عن العمل لقضية فنية، ولو سقط هذا الفتات أثناء التشغيل وعمل الأجهزة في المشروع لكان المتوقع أن يتعطل المشروع ويتوقف عن العمل حتى حين، وأن تصل المبالغ التي تصرف لإعادة تشغيله وإصلاحه إلى أضعاف مضاعفة، ولاضطر القائمون عليه في أي منطقة تسقط فيها كسرات الخبز البسيطة لإعادة تدفئة تلك المنطقة إلى درجة الحرارة التي يمكن أن يعمل فيها البشر مما يستغرق شهراً كاملاً، ومن ثم إعادة التبريد والتي تحتاج إلى شهر آخر». خليل علي حيدر (مجلة العربي - بتصرف) يونيو/ حزيران 2010.

قضايا بسيطة جدا لكنها تؤثر وتحدث أضرارا بليغة، وربما تكون كلفة إصلاح ما أفسدته باهظة لا تخطر على البال، يتساوى هذا في الماديات كما في القضايا المعنوية.

ومادامت حياتنا مليئة بالحركة والتغيرات والتبدلات، فالمنغصات لن تكون بعيدة عنا، والاحتكاكات سترافقنا، والتشنجات ستصبح جزءاً غير منفصل عن شخصيتنا، تماما كما هي منغصات الحياة المادية من حر وبرد وشمس وغبار وهزات وبراكين إلى آخره.

هناك أخطاء تقع علينا من صديق أو شريك في العمل أو الوطن أو جار أو قريب أو زوجة إلى آخر القائمة.

هناك أخطاء نحن نرتكبها ضد الآخرين الذين يتقاطعون معنا في الوطن أو الدين أو الأسرة أو العمل أو غير ذلك.

وهناك سوء الفهم ونزغ الشيطان ووساوسه، وأخيرا هناك من يضخم القضايا والأمور بين الناس بعضهم بحثا عن موضع قدم له ولمصالحه وأهدافه.

والحل إذا حصل واحد من هذه الأمور هو أن نتحدث مع بعضنا وأن نتصارح في المشكلة وفي أسبابها وفي علاجها.

ومعنى ذلك أن نبتعد عن أمرين،، (1) الزعل والقطيعة (2) أن نبتعد عن المجاملة.

مشكلتنا في بعض الأحيان أننا حين نلقى بعضنا يستقبل كل منا الآخر بالأحضان، ولكننا وراء بعضنا نمارس شراسة لا تضاهيها شراسة في الغيبة والتشويه والذكر السيئ، والكذب في كثير من الأحيان.

وعلينا كذلك أن نصبر على العلاج وألا نستاء من ردات الفعل، حين يخطئ البعض على زميله أو شريكه أو أي شخص آخر، يتصور أنه بمجرد الاعتذار يجب على الآخرين أن يغلقوا أفواههم وأن يشكروه لأنه اعتذر إليهم، وليس لهم الحق أبدا في إبداء ردات فعل متبرمة أو شديدة.

هذا الخطأ الفادح الراسخ في أذهاننا هو الذي يجعل ردات الفعل تلك تتحول إلى مشكلات جديدة فتزيد الطين بلة كما يقول المثل.

قد تكون بعض الأمور وبعض التصرفات والكلمات في رأينا بسيطة التأثير، لكن ما نعتقده ليس بالضرورة ما قد يحصل، إذ قد تأخذ بعض الصغائر طرقا مدمرة لعلاقات الناس وألفتهم وترابطهم.

من هنا جاءت العديد من الروايات محذرة من الصغائر، وقارعة لجرس الإنذار من مآلاتها، وقد ورد عن الإمام علي (ع) «أشدُ الذنوب عند الله سبحانه ذنبٌ استهان به صاحبه».

أمور بسيطة جدا قد تسيء لحياتنا ولعلاقاتنا ولانتظام أمورنا فقد نتهاون في كلمة تصدر من أفواهنا، وقد نستصغر تصرفا يبدر منا، وقد نتساكت على سلوك نظنه بسيطا يقوم به أحدنا، لكن النار تأتي من مستصغر الشرر.

إقرأ أيضا لـ "الشيخ محمد الصفار"

العدد 2957 - الأحد 10 أكتوبر 2010م الموافق 02 ذي القعدة 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 6:09 ص

      الخصام

      ان الرجلان ليختصمان فيلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما من يبدا بالسلام

    • زائر 8 | 5:44 ص

      الى القطيعه

      ليش القطيعه اختي المفروض كنتي اتروحي لهم وتبينين وجهة نظرش من الاول وبعدين اهما كيفهم اهم شيئ انتين بريتين ذمتش لان هذه الدنيا فانيه ولا تسوى انشيل على بعض بكره اذا متنا مافيه الا العمل الصالح وعلى الاقل اتلاقين احد يقول الله يرحمها

    • زائر 7 | 5:28 ص

      جوريه

      قال رسول الله صلى الله عليه والهان العبد ليحبس على ذنب من ذنوبه مائة عام وانه لينظر الى ازواجه واخوانه في الجنه

    • زائر 6 | 5:21 ص

      القطيعه

      القطيعه ابشع من الكلام احيانا
      وعن تجربه شخصيه انا خسرت واجد لاني قاطعت ناس اساءو لي والى الان ندمانه لاني قاطعتهم سنوات بدون ما اتعب نفسي في شرح موقفي ووجهة نظري
      لدرجة ان موقف الشر والخبث اخذ مكاني ومكان الخير الي كنت ابي اوصله للغير
      جزاك الله خير يا شيخ

    • زائر 5 | 3:55 ص

      الصراحه راحه

      بسمه تعالى
      قال تعالى وقفوهم انهم مسئولون ان الله عز وجل مسائل الانسان عن كل كبيرة وصغيره وحتى المم وعلى الانسان ان يحفظ لسانه وبصره وسمعه
      قالوا الصراحه راحه وفى التفاهم السلام
      وقالوا ترك الذنب ولاالاستغفار
      لسانك حصانك ان صنته صانك

    • زائر 4 | 2:39 ص

      جميل

      ما ادق المقال فهو في الوقت الذي يحذر من صغائر الأمور فإن كاتبه كتب امورا صغيرة جميلة لدقتها وكم نعيشها في يومياتنا. شكرا

    • زائر 3 | 2:05 ص

      الجمعة

      تجمعات العوائل يوم الجمعة بد ل ما تجمع الأخوان تفرقهم و السبب كلمه و زله
      بالتالي عدم مسامحة و الزعل
      ترى ما في اغلى من الأخوة و الجمعة مع بعض
      لا تخلون الشيطان يوسوس لكم
      احبكم في الله

    • زائر 2 | 2:05 ص

      ابو امجد

      ياايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين

    • زائر 1 | 1:10 ص

      ابوعلي

      رحم الله والديك شيخنا كانك تتكلم عن تجربه فعلا هناك اناس تذنب ذنب ربما يكون في اعينهم صغير لكنه في الحقيقه فاجعه بالنسبه لمن اساؤا اليهم فهل جرب هؤلاء ان يضعوا انفسهم مكانهم ولوا لمدة قصيره حتى يحسوا بمعاناتهم ربك في الوجود شيخنا

اقرأ ايضاً