العدد 2955 - الجمعة 08 أكتوبر 2010م الموافق 29 شوال 1431هـ

«القاعدة» جزء من مشكلات لا حصر لها في اليمن

مازالت المشاكل الاقتصادية الضخمة التي يعانيها اليمن تحجب وتذكي التهديد المتزايد الذي يمثله تنظيم «القاعدة» والذي أبرزه الهجوم الثاني على دبلوماسيين بريطانيين في صنعاء هذا العام.

ويتأثر غالبية اليمنيين بالعوامل المتشابكة من الانفجار السكاني إلى تراجع الموارد المائية والنفطية وانعدام الأمن الغذائي والفقر والبطالة والفساد وغياب القانون. وقد تربك أزمات بهذا الحجم أي حكومة لكن صنعاء تواجه أيضاً تمرداً للحوثيين في الشمال في صراع هدأ الآن بعد إبرام هدنة فضلاً عن اضطرابات انفصالية في الجنوب.

وقد يرى اليمن أن الاثنين خطر أكبر من تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» وهو جناح التنظيم الذي يتخذ من اليمن مقراً له. وقال محلل مقيم في بريطانيا طلب عدم نشر اسمه لحساسية الموضوع «تنظيم القاعدة في جزيرة العرب يحتل مركزاً متأخراً جداً في القائمة». وأضاف «تصادف أن له ثقلاً رمزياً يتجاوز قدرته على القيام بأي شيء لكنه أيضاً يستغل مشاعر السخط العام تجاه النظام وداعميه».

وأطلقت قذيفة صاروخية على سيارة دبلوماسي بريطاني في صنعاء يوم الاثنين الماضي في تكرار محتمل لمحاولة انتحاري من تنظيم «القاعدة» لاغتيال السفير البريطاني في أبريل/ نيسان الماضي.

وقال الخبير الأميركي في الشئون اليمنية، غريغوري جونسن «هذا يأتي بعد اشتباكات استمرت لأشهر بين تنظيم القاعدة والحكومة اليمنية في محافظتي ابين وشبوة (الجنوبيتين). هذا أسلوب القاعدة في قول إنها مازالت بخير وتستطيع شن هجمات في أي مكان باليمن حتى في العاصمة». ولم تتضح أي صلة بين الهجوم على الدبلوماسي البريطاني ومقتل فرنسي في نفس اليوم حين فتح حارس أمن يمني النار عليه في مجمع لشركة نمساوية للطاقة بالعاصمة.

وقال جونسن «المشكلة الحقيقية هي أن مثل هذه الأحداث تسرع من الرحيل الجماعي للعاملين المدنيين الأجانب من اليمن ويحل محلهم مسئولون عسكريون». ومضى يقول: «هذه المعادلة أحادية الأجانب ليست وصفة للنجاح في أي دولة».

وتكررت هجمات تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب على أهداف يمنية وغربية بمعدل أكبر منذ أعلنت صنعاء الحرب على التنظيم بدعم من الولايات المتحدة بعد أن أعلن المسئولية عن محاولة تفجير فاشلة لطائرة أميركية في ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي.

وأسفرت هجمات صاروخية أميركية جرت من وقت لآخر لدعم حملة صنعاء عن سقوط قتلى مدنيين في بعض الأحيان إلى جانب القتلى من المتشددين وهو مصدر إحراج لحكومة تدرك المشاعر القوية المناهضة للولايات المتحدة التي يكنها الكثير من اليمنيين في دولة تنتشر فيها الأسلحة.

وعلى رغم ذلك فإن الرئيس اليمني علي عبدالله صالح حريص على الاستفادة من الدعم الغربي وإظهار أن اليمن يدفع ثمناً غالياً لالتزامه الذي يجري التشكيك فيه أحياناً بمكافحة تنظيم «القاعدة». وذكر موقع حكومي على الإنترنت يوم الثلثاء الماضي أن اليمن خسر 12 مليار دولار في قطاعي السياحة والاستثمار منذ استهدف تنظيم «القاعدة» سفينة حربية أميركية بتفجير في ميناء عدن في العام 2000 أسفر عن مقتل 17 بحاراً.

وقال إن 64 من أفراد قوات الأمن قتلوا في معارك ضد «القاعدة» منذ بدأت الحملة في منتصف أغسطس/ آب الماضي. ويريد اليمن الذي يقول إن الفقر يوفر تربة خصبة للإرهاب الحصول على كل الدعم الممكن من الغرب. ويعيش أكثر من اثنين من كل خمسة من سكان اليمن البالغ عددهم 23 مليون نسمة على أقل من دولارين في اليوم. ويقول المعهد الدولي لأبحاث السياسة الغذائية إن الثلث ليس لديه طعام يكفي احتياجاته.

وقال المتحدث في السفارة اليمنية بواشنطن، محمد الباشا «يجب أن يواصل حلفاء اليمن تسليح وتدريب قوات مكافحة الإرهاب لكن لم يعد من الممكن تجاهل التركيز على التنمية أكثر من هذا. معالجة الأسباب الجذرية للتطرف والإرهاب هي أفضل طريق لتحقيق سلام مستديم».

ولن تجادل حكومات غربية كثيرة في هذا لكن يجب إحراز تقدم كبير في جهود التعامل مع التركيبة السامة التي يعاني منها اليمن وتتكون من البؤس الاقتصادي والصراع السياسي والحكم غير الرشيد. وفي الشهر الماضي اتفقت مجموعة «أصدقاء اليمن» وهي مجموعة اتصال غير رسمية شكلتها الدول المانحة في لندن هذا العام على حزمة مساعدات تشمل جوانب سياسية واقتصادية وأمنية.

وقالت محللة الشئون اليمنية في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية بلندن، جيني هيل «هناك اعتراف على مستوى عال داخل الحكومة البريطانية بأن اليمن يمثل تهديداً متزايداً للأمن الإقليمي والدولي ووعي بأن الظروف الأمنية في تدهور». لكن جونسن عبر عن تشككه في جهود المانحين «غير المتكاملة».

وقال «برنامج أصدقاء اليمن الذي تشكل على عجل لم يقدم ما يذكر كمؤشر على أنه قادر على التعامل أو حتى فهم نطاق التحدي في اليمن».

وشكك معلقون آخرون في النهج الغربي. وقال المحلل المقيم في بريطانيا والمتخصص في الشئون اليمنية «الحفاظ الضمني على الوضع الراهن في محاولة لتقييد قدرة اليمن على تصدير العنف ليس الحل» ناسباً انعدام الاستقرار في الأساس إلى عقود من سوء الحكم.

وأضاف أن متشددي «القاعدة» في اليمن «أعراض خبيثة لنموذج سياسي لخضوع الدولة لسيطرة نخبة منتفعة - مجموعة صغيرة من العائلات بينها خصومات قادرة على خوض حروب مهلكة بالوكالة - تعاني الجماهير من سوء إدارتها للاقتصاد».

العدد 2955 - الجمعة 08 أكتوبر 2010م الموافق 29 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً