العدد 2952 - الثلثاء 05 أكتوبر 2010م الموافق 26 شوال 1431هـ

الكبسة السورية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يخرج لبنان من مشكلة شهود الزور... حتى دخل في مشكلة إصدار مذكرة توقيف سورية بحق ثلاثة وثلاثين شخصاً، أكثرهم لبنانيون (قضاة وضباط وسياسيون وإعلاميون) مقربون من رئيس الحكومة.

المذكرات كان لها وقعٌ مزلزلٌ في لبنان، وهو ما تبدى في ردود فعل فريق 14 آذار، الذي اعتبرها رسالة سياسية، لا يملك لها تفسيراً واضحاً! وكان الارتباك والتشنج واضحين في تصريحات هذا الفريق، فأحدهم اعتبر قيمتها القانونية «صفراً»، واعتبرها ثانٍ «مسّاً بهيبة الدولة وسيادتها»، فيما اعتبرها الثالث تجاوزاً للقانون والأصول الدبلوماسية... مطالباً بتقديم تفسير سوري لهذه الخطوة! وطالب وزراء 14 آذار مجلس الوزراء بإصدار بيان إدانة.

رئيس الحكومة الذي كان يترك التعليقات المتشنّجة لبعض أفراد فريقه السياسي والإعلامي، وتجنب التعليق في اليوم الأول، عاد في اليوم الثاني للتعبير عن استيائه من مذكرات التوقيف لأنها طالت «فريقاً سياسياً معيناً»، معلناً أنه لن يتخلى عن أحدٍ من فريقه. ووصفها بأنها «نكسة للعلاقات» تستهدفه شخصياً، وتسببت بخضّةٍ كبيرةٍ في البلد.

من بين الدفوعات التي رفعها الفريق المستهدف، أن «القضاء اللبناني لا يقر بإمكانية أن يدّعي لبناني على آخر أمام محاكم أجنبية»! وهو مبدأ لم يحترمه الفريق نفسه حين صفق لاستدعاء لبنانيين آخرين من «فريق سياسي معين» أمام المحاكم الدولية، وإخضاعهم للتحقيق في بلدان «أجنبية».

في بداية اغتيال الحريري، اتجهت أصابع الاتهام إلى سورية مباشرةً، فيما يشبه تصفية حساب سريع مع ما سمي بـ «النظام الأمني» الذي أقامته خلال ثلاثين عاماً. وانتهى الأمر بخروج القوات السورية في مشهدٍ لم يخلُ من إذلال. وهو مشهدٌ تكرّر ثانيةً ليلة مغادرة رئيس الجمهورية السابق إيميل لحود من قصر الرئاسة مع انتهاء ولايته، حيث ركّزت بعض الفضائيات بنبرة شامتة، على لقطتي المغادرة وإطلاق الألعاب النارية ابتهاجاً في طرفٍ آخر من بيروت. فهل جاء دور تسديد الحساب في منطقةٍ لا تنسى الحكومات ولا الشعوب ثاراتها؟

في الأسابيع الأخيرة، أصرّ حزب الله وحلفاؤه على ضرورة ملاحقة شهود الزور وتقديمهم للمحاكمة، لما تسبّبوا به من تضليل للرأي العام، وصرف أنظار القضاء عن القتلة الحقيقيين للحريري، وإدخال البلد في نفقٍ سياسي مظلمٍ أوشك أن يفجّر حرباً أهلية جديدة. واستمر التصعيد الإعلامي مع تراكم الشعور بأن الطرف الآخر لم يُبدِ أية جدية لمعالجة هذا الموضوع. وعزّز ذلك إصرار الطرف الآخر على الالتزام بتسديد لبنان مساهمته المالية للمحكمة الدولية، ورفضه حتى إخضاع ذلك للتصويت في مجلس الوزراء، مع ما يعنيه ذلك من استفزازٍ لطرفٍ يرى نفسه بريئاً، وقد كوفئ بجزاء سنمار، بعدما أنجز مهمة تحرير الأرض وتحصين الاستقلال وطرد المحتل. ولم تزل الذاكرة طريةً بوقائع الحملات الإعلامية الظالمة التي نالتها لسنوات، على أيدي عناصر مازال بعضها يفتخر بصداقته وتعامله مع «إسرائيل».

آخر من استنفر ضد مذكرات توقيف «الأصدقاء»، الولايات المتحدة التي دعت سورية لاحترام سيادة لبنان، وهي التي أنفق سفيرها (فيلتمان) خمسمئة مليون دولار في السنوات الأخيرة لشراء الأصوات والتحريض الإعلامي ضد المقاومة، في أوضح انتهاكٍ للسيادة والتدخل بالشأن الداخلي.

الكبسة السورية حدثت، ومن أبلغ ما قرأته تعليق لوزيرٍ من تيار المردة: «المذكرات صدرت... إن أردتم أن تعتبروها قضائية فعالجوها بالأساليب القضائية. وإن أردتم أن تعتبروها سياسيةً فعالجوها بالسياسة»! وكفى الله اللبنانيين شرّ الفتن.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 2952 - الثلثاء 05 أكتوبر 2010م الموافق 26 شوال 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 13 | 12:28 م

      خالد الشامخ : لا تنفع الكبسات في رد القرار

      القرار الضني صادر صادر .. و الذين يتخوفون منه أصبحوا يضربون يمين و يسار بلا فائده

    • زائر 12 | 8:13 ص

      الفرق بين الكبسة والمكبوس

      اتصدق اني انا ما اعرف الفرق بين الكبسة السورية والكبوس البحريني ؟؟ هل فيه فرق؟

    • زائر 11 | 3:12 ص

      كلام أمريكي مخيف. سنتبينه والرد عليه من سيد المقاومة في طلتيه المقبلتين

      «نحن مركزون على لبنان وندرك بأنه كان هناك ارتفاع بحدة التوتر، وهذا واحد من الاسباب لماذا كان لدينا مسؤولون كبار هناك بشكل منتظم». - عيسى الفرج

    • زائر 10 | 3:00 ص

      مشاكل في مشاكل

      بلدان كلها مشاكل في مشاكل، والسياسسن فيها هم راس البلاء والطائفية، ومع انها بلدان صغيرة الا انهم ما يعرفون يديرونها بالحسنى.. عمرهم ما راح يعرفوا ديمقراطية ولا اصلاح، وكلها لعبة يدفع ثمنها البسطاء والخاسر هو المواطن

    • زائر 6 | 1:24 ص

      خلنه فى المجبوس

      يا بو هاشم ارجع الى المجبوس و الكبسه ما فيدنه . خل البنانيين يأكلون الكبسه و احنه فى هذه الديره نشتلق للمجبوس اكثر . بالفعل مكونات المجبوس تحتوى على ابهارات حاره .

    • زائر 5 | 1:17 ص

      الكل يطبخ

      هناك مطابخ سياسية كثيرة وبعض الطبخات مضرة بالصحة وبعضها علاج مفيد لتقوية بدن الوطن وبعض الطبخات فاسدة مفسدة طباخوها فيهم أمراض معدية أجارنا الله وأياكم

    • زائر 4 | 12:55 ص

      البركة في المندي

      يمكن مندي معادلة سين سين تجعل الفرقاء يفضلونها على الكبسة نظرا لدسامتها .....

    • زائر 3 | 12:23 ص

      بلدان لا ينفع فيها القضاء ولا السياسة!!!!!!!!!

      في لبنان قد ينفع العلاج بالاساليب القضائية إذا اعتبروها كبسة قضائية، وتنفع الحلول السياسية اذا اعتبروها كبسة سياسية، لكن ماذا عن البلدان التي لا تنفع فيها لا السياسة ولا القضاء؟ والى من تلجأ اذا كان خصمك هو القاضي يا بوهاشم؟

    • زائر 2 | 12:03 ص

      كبسة بحرينية

      هناك كبسة بحرينية ايضا مرة المذاق...... وكفى الله البحرينييين شر الفنن والمفتنين الذين يتعيشون على كتابة التحريض ومقالات الحقد والغل وتكفير المواطنين.

اقرأ ايضاً