أكد رئيس مكتب الاتحاد الأوروبي في منظمة «فرونت لاين» فنسنت فوريست وجود فجوة بين مضمون قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية في البحرين وبين تطبيقه على الموقوفين بسبب القضايا الأمنية في البحرين، وخصوصاً فيما يتعلق بعدم السماح لهم بلقاء المحامين كما ينص عليه القانون والمواثيق الدولية التي اعتمدتها مملكة البحرين، مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدر في البحرين كقانون رقم (56) لسنة 2006.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي أجرته «الوسط» مع فوريست، الذي زار البحرين للقاء مسئولين بحرينيين ودبلوماسيين بشأن الموقوفين بسبب القضايا الأمنية.
واعتبر فوريست أن استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان في أية دولة، من شأنه أن يقيد المجتمع بأكمله، وأن الدول التي تسعى لأن تضع نفسها في مرحلة متقدمة في مجال حقوق الإنسان، يجب أن تدرك أنها يجب ألا تترك فرقاً بين التشريعات والواقع، وإنما تعمل على تقليص هذه الفجوة.
وفيما يأتي نص الحوار مع فوريست:
ما هو الهدف من زيارتك إلى البحرين؟
- أنا مبعوث من «فرونت لاين» في مهمة لمدة ثلاثة أيام للقاء عدد من المسئولين الرسميين والدبلوماسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في البحرين، وذلك لمناقشة قضايا الموقوفين على ذمة القضايا الأمنية، وما حدث من حل لمجلس إدارة الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان، ومنع عدد من الناشطين من السفر.
والفكرة الأساسية من هذه اللقاءات، هي الحصول على معلومات وإجابات على تساؤلاتنا من قبل المسئولين الرسميين بشأن هذه القضايا، وخصوصاً فيما يتعلق بقضية المدون علي عبدالإمام، إضافة إلى التعبير عن قلقنا ومخاوفنا بشأن هذه القضايا على المستوى الدبلوماسي، وفي هذا الإطار التقيت بمسئولين في السفارات الفرنسية والأميركية والألمانية والبريطانية. إذ إن جزءاً من استراتيجية عملنا في «فرونت لاين» هو الضغط في حال حصول أي شيء للمدافعين عن حقوق الإنسان في أي بلد.
من هم المسئولون الرسميون الذين التقيت بهم؟
- التقيت بمسئولين في وزارات الخارجية والداخلية والعدل والشئون الإسلامية والتنمية الاجتماعية, وجاء ذلك بعد طلب رسمي تقدمنا به قبل أسبوع من موعد اللقاءات عن طريق السفارات في بلجيكا وبريطانيا.
وأنا سعيد بموافقة الجهات الرسمية على هذه اللقاءات، لأنها مكنتنا من إثارة قلقنا وتساؤلاتنا من الموضوعات المتعلقة بهذه القضايا.
ماذا كان رد الجهات الرسمية على ما أثرت من تساؤلات؟
- فيما يتعلق بالموقوفين في القضايا الأمنية، أبلغني المسئولون في وزارة الداخلية أن التحقيق مازال مستمراً، وحين سألت عن الاتهامات الموجهة لهم أكدوا لي أن الصورة مازالت غير مكتملة، وأنهم مازالوا يجمعون المعلومات لأجل الحصول على صورة كاملة بشأن التهم.
ولكننا لاحظنا في «فرونت لاين» أن هناك فجوة بين ما تضمنه قانون مكافحة الإرهاب في البحرين والذي تم تطبيقه على الموقوفين في القضايا الأمنية، وبين ما يتم تطبيقه في الواقع، فمثلاً في قضية عبدالإمام، مضى أكثر من شهر على إيقافه والتحقيق معه من دون أن يتم السماح له بلقاء محاميه الذي طلب لقاءه لسبع مرات من دون أن يحصل على رد، والأمر نفسه ينطبق على موقوفين آخرين، على رغم أن القانون يعطي الحق للموقوفين بلقاء محاميهم بعد مضي أسبوعين على إيقافهم.
وهذا خرق واضح للقانون، ولاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي صدر في البحرين كقانون رقم (56) لسنة 2006، وهذا أمر سيئ ويتسبب في إثارة قلقنا بشأن آلية التعامل مع الموقوفين، وخصوصاً في ظل فترة الصمت التي يمر بها التحقيق في قضاياهم.
كما أن المسئولين في الداخلية نفوا خلال لقائي بهم أي مزاعم بشأن وقوع أية انتهاكات لحقوق الإنسان للموقوفين، ولكني أكدت أن عدم توفير أية وسيلة للقائهم هو أمر مخيف.
وباعتقادي أن إيقاف المدافعين عن حقوق الإنسان بموجب قانون مكافحة الإرهاب هو أمر خطير، وخصوصاً فيما يتعلق بقضية مدون إلكتروني الذي تم اتهامه باستغلال موقعه الإلكتروني للتحريض على العنف الذي يهدد أمن الدولة.
وهذا الصمت الرسمي بشأن هذه القضايا من الصعب فهمه، وخصوصاً في ظل عدم وضوح التهم الموجهة للموقوفين، صحيح أن التحقيق بشأنها مستمر، ولكن أن يتم ذلك من دون لقاء الموقوفين بمحاميهم هو ما يثير مخاوفنا.
كما أن ما يقلقنا أيضاً أن هناك نشطاء حقوقيين يبدون مخاوف من أن يتم إيقافهم في أية لحظة، وأن تكون الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان مستهدفة، وهو ما أعتبره مؤشراً على أن الجهات الرسمية لا تقبل أن توجه انتقادات للوضع الحقوقي في البحرين.
هل أبديت هذه الملاحظات خلال لقائك بالجهات الرسمية؟
- نعم، كما طالبت خلال لقاءاتي بالإفراج الفوري عن الموقوفين أو سرعة عرضهم على محاكمة عادل وشفافة، وأكدت ضرورة أن يتم السماح الفوري بلقاء محاميهم، وأن يتم التحقيق في القضايا باستقلالية تامة. وهذه الأمور ناقشت فيها كذلك المحامين وأهالي الموقوفين.
باعتباركم منظمة معنية بالدفاع عن المدافعين عن حقوق الإنسان، فهل هذا يعني أن اهتمامكم بقضايا الموقوفين البحرين يأتي باعتبارهم مدافعين عن حقوق الإنسان، ومن هم المدافعين عن حقوق الإنسان بحسب تعريف «فرونت لاين»؟
- مدون إلكتروني وعشرة آخرون من الموقوفين في القضايا الأمنية نعتبرهم مدافعين عن حقوق الإنسان.
أما بالنسبة لتعريفنا للمدافعين عن حقوق الإنسان، فينبثق من تعريف الأمم المتحدة لهم وهو تعريف سهل جداً وواسع. إذ إن المدافع عن حقوق الإنسان هو أي شخص يعمل لتحقيق حقوق الإنسان بحسب ما جاء في إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، شرط عدم المطالبة بالحقوق باستخدام العنف.
وبالنسبة لنا فإن أي شخص يمكن أن يعتبر مدافعاً عن حقوق الإنسان، فالعملية تعتمد على ما يقوم به الشخص لا من يكون.
وعلى سبيل المثال، حتى رجال الأمن يمكن أن يكونوا مدافعين عن حقوق الإنسان إذا شهدوا عنفاً ممارساً ضد أي شخص وقدموا شهادتهم بذلك. وكذلك الصحافيون الذين يوثقون انتهاكات حقوق الإنسان، وحتى من يشهد في قضايا المحاكم ويتعرض للتهديد بسبب شهادته.
وهذا التعريف لم توجده «فرونت لاين»، وإنما جاء بحسب تعريف المفوضية السامية لحقوق الإنسان، ويوضح من يمكن اعتبارهم مدافعين عن حقوق الإنسان.
وهناك مدافعون عن حقوق الإنسان ممن يعملون في إطار منظمة حقوقية، في حين أن هناك أيضاً مدافعين عن حقوق الإنسان في فترة زمنية معينة، لذا فإن التعريف يعتمد بالفعل على ما يتم لا على من يقوم به.
ولا يُشترط كذلك أن يكون المدافعون عن حقوق الإنسان هم من يعملون في منظمة مسجلة رسمياً، فبالنسبة لنا لا نجد فرقاً بين المنظمات المسجلة رسمياً أو غير المسجلة، فكل المدافعين عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحرية التعبير وحرية تشكيل الجمعيات يمكن اعتبارهم مدافعين عن حقوق الإنسان، ولكن ليسوا جميعهم في خطر، لذلك فإن «فرونت لاين» تعمل على مستوى العالم بغرض حماية ودعم المدافعين الذين هم في خطر لأنهم يقومون بعمل حقوق الإنسان باستقلالية.
وكذلك ندعم المنظمات الحقوقية المستقلة غير المدعومة من الحكومة، لأنها قد تكون مستهدفة من الحكومة.
ما هي المبادئ الأساسية التي يجب توافرها في أية دولة لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان؟
- إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان يضم قائمة من الحقوق الممنوحة للمدافعين، أبرزها الحق في انتقاد الحكومة، وحرية التعبير عن الرأي، والحق في تنظيم اللقاءات بحرية وسلام، والحق بإرسال الشكاوى إلى جهات داخلية وخارجية، والحصول على دعم اقتصادي والحرية في تشكيل الجمعيات والتجمع.
وهذا الإعلان تم إصداره بموافقة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، وكان محطة خلاف بين الدول التي أرادت ضمان حقوق المدافعين والأخرى التي أرادت تقييدها، إلى أن توافقت الدول في نهاية الأمر على قائمة بأدنى الحقوق التي يجب توفيرها للمدافعين عن حقوق الإنسان.
ولكنها وثيقة نعتمد عليها ونستند إليها في مخاطباتنا للحكومات باعتبار أنها جاءت بموافقتهم وعليهم الالتزام بها.
كما أن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (وفي البحرين صدر كقانون رقم (56) لسنة 2006)، يؤكد في المادتين «19 و20» منه على حرية التعبير وحرية تشكيل الجمعيات، والبحرين إحدى الدول المصادقة عليه، وهو يفرض على الدول أن تبدي التزاماً واضحاً للعيان بأنها ملتزمة به.
هل ترى أن الدول، وخصوصاً العربية منها، ملتزمة بما جاء في إعلان حماية المدافعين عن حقوق الإنسان؟
- لست متخصصاً في المنطقة العربية، ولكن عموماً، فإن الإعلان يختلف عن الاتفاقيات التي توجد لها أجهزة تابعة للأمم المتحدة تراقب التزامات الدول بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة عليها.
والمدافعون عن حقوق الإنسان في كل العالم يحتاجون إلى حماية ودعم لأنهم إحدى أهم وسائل تنمية المجتمع، وفي «فرونت لاين»، لدينا شعار نحتذي به في عملنا، وهو «إذا أنقذت أحد المدافعين عن حقوق الإنسان، منحت القوة لألف شخص».
لذلك فإن نهجنا في العمل هو متابعة كل حالة على حدة، ولا نقوم بإصدار تقارير تتعلق بموضوعات كبيرة، ونعتقد أنه في حال حماية شخص واحد، فإن الأشخاص الآخرين المحيطين به سيكونون في وضع أفضل.
كما نعتقد أن المدافعين عن حقوق الإنسان يلعبون دوراً مركزياً في المجتمع، وحمايتهم تعني إيجاد طريقة لمنح المزيد من الحرية لبقية أفراد المجتمع، وخصوصاً على صعيد حرية الرأي والتعبير.
ولذلك على الحكومات التي تسعى لتطوير سجلاتها الحقوقية أن تتأكد من الأوضاع الإيجابية للمدافعين عن حقوق الإنسان فيها، أما حين تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان ولا تسمح لهم بالعمل بحرية، فإن ذلك يعني تقييد المجتمع كله، لذلك فإن المدافعين عن حقوق الإنسان هم وسائل للتنمية الاجتماعية.
هل تعتقد أن التشريعات في البحرين توفر الحماية اللازمة للمدافعين عن حقوق الإنسان فيها؟
- بصراحة ليست لدي تفاصيل كافية في هذا الشأن، لأن اهتمامنا في المنظمة ينصب على حالات حقوق الإنسان التي تثير القلق لدينا، ونعمل على إيصالها إلى وضع أفضل مما هي عليه. وربما لا علاقة مباشرة للتشريعات بنهج عملنا، ولكنها يمكن أن تدعمه بصورة كبيرة.
وزيارتي هذه للبحرين تهدف إلى المساهمة في تحسين أوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان الموقوفين في القضايا الأمنية، صحيح أنها قد تكون مساهمة بسيطة، ولكنها مهمة بالنسبة لنا وخصوصاً في هذه الفترة بعد مضي أسابيع على إيقافهم.
ما الذي يجب أن تقوم به البحرين عموماً لحماية المدافعين عن حقوق الإنسان؟
- على البحرين وأية دولة أخرى أن تسمح بحرية تشكيل الجمعيات الحقوقية، وهذا أمر أساسي في أي مجتمع، كما يجب أن يمارس المدافعون عن حقوق الإنسان نشاطاتهم من دون تشريعات مقيدة تحول دون القيام بعملهم الأساسي، إذ يجب ترك مساحة كافيه لهم للتحرك، كما يجب أن تتحقق لهم حرية التعبير وحرية التجمع وتنظيم الندوات.
وإذا لم تكن هذه المساحة متاحة للمنظمات الحقوقية، وأنا هنا لا أعني البحرين بالتحديد، إلا أن تقييد تشكيل هذه المنظمات من شأنه أن يجعل الجمعيات تضطر للعمل خارج التنظيم القانوني، وهذا يؤدي إلى تشكيل فجوة بين الحقوقيين والدولة.
وإذا كانت الدول تسعى لأن تضع نفسها في مرحلة متقدمة في مجال حقوق الإنسان، فيجب أن تدرك أنها يجب ألا تترك فرقاً بين التشريعات والواقع، وإنما تعمل على تقليص هذه الفجوة. وباعتقادي أن مثل هذا الأمر يجب أن تطبقه جميع الدول بما فيها ذلك الدول الأوروبية.
بعد انتهاء مهمتك في البحرين، هل ستعمل على إصدار تقرير يتضمن ملاحظاتك بشأن الزيارة؟
- سيقتصر الأمر على إصدار بيان، فلسنا كبقية المنظمات التي تصدر تقارير كبيرة. ولكننا نأمل أن تساهم اللقاءات الرسمية في تحسين الأوضاع.
ويجب أن أؤكد أنه لأمر إيجابي أن أتمكن من لقاء عدد من المسئولين في البحرين، ونأمل أن يستمر مثل هذا التنسيق مع المسئولين، وخصوصاً أن لقاءاتي بهم مكنتني من إثارة ما يقلقنا في «فرونت لاين» ومن توجيه الأسئلة إليهم، وكنت لآسف كثيراً لو لم أتمكن من اللقاء بهم.
العدد 2948 - الجمعة 01 أكتوبر 2010م الموافق 22 شوال 1431هـ
نئمل انيتحسن وضع الموقوفين والحقوقين
واتمنا من الوفاق توصل اراء الوضع
الذي يحدث في البحرين الى
المنظمات الذي في الخارج ,
وشكرآ الى الوسط على استضافة
فوريست
مواطن
مشكور فنست فورست على تقييمك للوضع