يعتبر الفساد من أهم محبطات تحقيق أهداف الألفية للتنمية، وللتنمية بمعناها الشمولي بشكل عام. وأضحى معروفاً أن كلفة الفساد تتجاوز كثيراً مجمل المساعدات المقدمة إلى الدول النامية من مختلف المصادر سواء تلك المقدمة من الدول أو الوكالات الدولية أو صناديق الاقتراض.
والفساد لا يقتصر على الدول المتلقية للمساعدات فقط وإن كان ذلك هو الأساس بل يشمل أيضاً الدول والمؤسسات التي تقدم المساعدات وإن كان بدرجة أقل بحكم كونها دولاً ديمقراطية وذات مؤسسات وآليات رقابة فاعلة كرست منظمة الشفافية الدولية جانباً مهماً من استراتيجيتها وإمكانياتها للتعاطي مع قضايا الفساد وآثارها الكارثية على التنمية ومن ذلك الأهداف الألفية للتنمية.
بعد مرور عقد على تبني الأمم المتحدة لأهداف الألفية الثمانية للتنمية في اجتماع القمة في سبتمبر/ أيلول 2000 ولم يتبق سوى ثلث المدة أي خمس سنوات لتحقيق هذه الأهداف، فإن هناك فجوة واضحة بينما تحقق وما يتوجب أن يتحقق من هذه الأهدف. ولقد جاءت الأزمة الاقتصادية والمالية التي ضربت العالم في 2008 وتداعياتها المستمرة حتى الآن لتوجه ضربة قوية للجهود الرامية لهذه الأهداف، وتفاقم أوضاع بعض القطاعات التي تستهدفها أهداف التنمية.
وإلى جانب ذلك فإن الآثار المدمرة للتغيير المناخي ترتب عليها سنوات من الجفاف لمناطق واسعة من العالم وخصوصاً تلك المنتجة للمحاصيل الزراعية مثل روسيا وأوكرانيا وأستراليا، وفي الوقت ذاته فيضانات مدمرة كما في أوروبا وشبه القارة الهندية، أو تواتر سنوات من الجفاف وسنوات من الفيضانات والأعاصير، ما ترتب عليه تدمير المحاصيل الزراعية.
ويواجه العالم اليوم أزمة غذاء عالمي تمثلت في نقص شديد في إمدادات الأغذية وخصوصاً القمح والذرة واللحوم بأنواعها. ولم تكد قمة أهداف الألفية تنتهي حتى بدأ مؤتمر طارئ لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO) أعمالها في روما لمعالجة أزمة الغذاء العالمي، ما يشير إلى تحد آخر لتحقيق أهداف الألفية وخصوصاً الهدف المتمثل في القضاء على الجوع.
من البديهي التسليم بأنه لا يمكن تحقيق أهداف الألفية للتنمية أو التنمية الشاملة بشكل عام، بدون تبني استراتيجية واضحة لمكافحة الفساد على النطاق الدولي وعلى نطاق كل بلد وكل قطاع وكل هدف من أهداف الألفية والغايات لتحقيق هذا الهدف.
فمنذ تبني أهداف الألفية للتنمية في سبتمبر 2000 في جنيف، عمدت منظمة الشفافية الدولية إلى رصد تنفيذ هذه الأهداف بارتباطها بمكافحة الفساد. وفي هذا الإطار فقد كانت منظمة الشفافية الدولية محركاً أساسياً في العمل لإنجاز اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 2005.
وإلى جانب المنظمة الأم فقد دعت المنظمات الوطنية الأعضاء إلى أن ينصب جهدهم في أوطانهم على رصد معوقات خطط وآليات تنفيذ أهداف الألفية بارتباطها بالفساد والمحسوبية، والعمل على فضح ذلك وتعبئة القوى السياسية والمجتمعية والضغط على الحكومات للربط المحكم بين العمل على تنفيذ أهداف الألفية ومكافحة الفساد والمحسوبية، وتعزيز الشفافية والنزاهة.
ويلاحظ هنا أنه حيثما هناك هامش ديمقراطي واسع، وحرية لمنظمات المجتمع المدني وخصوصاً منظمات الشفافية ومكافحة الفساد، والحكم الصالح، فقد حققت بعض هذه البلدان النامية والفقيرة نجاحات واضحة. والمثال على ذلك غانا، والتي تعتبر استثناءً في القارة الإفريقية. ينظر إلى غانا اليوم كنموذج للبلد النامي، المستقر الذي يسوده نظام ديمقراطي، حقق قدراً كبيراً من النجاح على طريق الحكم الصالح والمساءلة والشفافية، والمشاركة المجتمعية الفاعلة مع الدولة. وفي أميركا اللاتينية هناك نموذج فنزويلا وفي آسيا هناك الصين والتي حققت معجزة اقتصادية واجتماعية واستطاعت رفع مستوى مئات الملايين من مواطنيها من الفقر الشديد والنسبي بما يرافق ذلك من جوع نسبي إلى مستوى العيش اللائق. وإذا كانت الصين لا تصنف من ضمن الأنظمة الديمقراطية، إلا أن لديها نظاماً فاعلاً في تعبئة طاقات الدولة والمجتمع.
وبالمقابل، فإن الدول ووكالات الأمم المتحدة والوكالات الدولية الأخرى تتحمل مسئولية في مدى فاعلية المساعدات والبرامج التي تنفذها في الدول النامية لمساعدتها في التنمية وخصوصاً تحقيق أهداف الألفية.
ويلاحظ هنا أيضاً تواتر التقارير عن الفساد المرافق لهذه المساعدات والبرامج وتسرب الكثير منها لجيوب المنتفعين من الجانبين في البلد المانح والبلد الممنوح. وهنا أيضاً يلاحظ أنه حيثما وجدت آليات فاعلة لمكافحة الفساد وتعزيز الشفافية في عمل الدولة ومنها المساعدات الخارجية، ورقابة برلمانية وأهلية فاعلة على هذه المساعدات، وتعزيز لمعايير النزاهة والفاعلية في تقديم هذه المساعدات والبرامج، فإن فاعليتها في تحقيق أهدافها مرتفعة، والعكس في ذلك صحيح.
وفي هذا الصدد يلاحظ أن المساعدات التي تقدمها الدول الاسكندنافية وهولندا وكندا مثلاً رغم محدوديتها قد حققت فاعلية كبيرة لأهدافها من وراء المساعدات لدعم التنمية. كما أنه يلاحظ أن هذه الدول تقدم جزءاً كبيراً من مساعداتها عبر منظماتها الأهلية إلى المنظمات والمؤسسات المعنية بالتنمية بما في ذلك أهداف الألفية في البلدان المتلقية للمساعدات. وهناك قصص نجاح تستحق التسجيل لمشاريع ناجحة لهذه الدول، علماً أن الدول الاسكندنافية هي الوحيدة الملتزمة بتخصيص ما لا يقل عن 1 في المئة من دخلها القومي للمساعدات الخارجية.
إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"العدد 2944 - الإثنين 27 سبتمبر 2010م الموافق 18 شوال 1431هـ
لا تتكلمون عن الفساد
لا تتكلمون عن الفساد ترى يحبسونكم أنا قلت
لكم وحذرتكم
فساد في دولة صغيرة والمفسد يجب ان يحاسب
كل انواع الفساد في دولة صغيرة وهذا يعتبر ضغظ كبير على المواطنين في ايجاد الحلول لمحاربة الفساد ولاكن بالعقل والمنطق والطرق السليمة وجدنا الحل الاكمل للفساد . والمفسد يجب ان يحاسب ولاكن المفسد الان فوق القانون وكيف تستطيع ان تحاسبه بالقانون وهو لا يعلم بالقانون وهذا ما يجعلهم يشكون حال الفساد في ديرتنا الصغيرة وتحياتي للاستاذ العزيز عبدالنبي العكري رئيس الجمعية البحرينية للشفافية
غريبة .. من الدول من تدعي محاربة الفساد .. لكنه:
أساس مهم تبني عليه أغلب أعمالها.
بهلول
قلنا لكم مافي فساد ... دوختونا مع سالفة الفساد ... خلاص شيلوا هالشعارات