استوقفني وراح يقلب وثيقة السفر، في الوهلة الأولى خشيت أن نكون عُدنا للوراء وولجنا مرحلة منقحة من «قانون أمن الدولة». وكأنه قرأ ما يجول في ذهني من مخاوف، وكي لا يدع أية فرصة لأية أوهام أو أي التباس، بادرني، بلهجة تطغى عليها نبرة الامتعاض المشوبة ببعض الاحتجاج قائلاً «هلا طلبت منهم أن يرحمونا... إنهم يداهموننا بشكل مباغت بزيارات مندوبيهم المتكررة التي لا تتورع عن طرق الأبواب، دون مراعاة لملاءمة الأوقات، ويمطرونا بوابل رسائلهم القصيرة دون رحمة أو محاولة لتلمس مدى رغبتنا في تلقيها... سلوكيات نرجو أن يكفوا عن ذلك. هلا تناولت ذلك في مقالك اليومي؟» بادرته بالسؤال، عن من تتحدث؟ فجاءت إجابته جاهزة وسريعة في آن... «عن المرشحين الأفاضل، نواباً كانوا أم مجالس بلدية».
تلكأت في الإجابة، لم أشأ أن ألتزم له بشيء خشية أن يضعني تناول الموضوع ضمن أحد جنود جيش الحملة على المرشحين التي تحاول أن تشوه صورتهم في أعين المواطنين، لكنه لم يمهلني، وراح يسرد حكايات، بعضها يحمل شيئاً من الطرافة حول «حملات الترويج لبرامجهم الانتخابية». حينها حزمت أمري، ولم يكن هناك أي مجال للتراجع، وقررت أن أتناول الموضوع.
تتراوح ممارسات النواب بين الزيارات للمنازل، وبعث الرسائل القصيرة، ووعود المرشحين بهدايا مادية بين «ثلاجة هنا أو مؤونة هناك».
في البدء لابد من التأكيد على حق المرشح في الترويج لنفسه كي يلقي بالمزيد من الأضواء على ما يميزه عن منافسيه، لكن لتلك العملية قوانينها التي نأمل من المرشحين التقيد بها، دفاعاً عن كرامتهم، وحرصاً على علو مكانتهم، التي يمكن أن نورد أهمها في النقاط التالية:
1. من الخطأ الاعتماد على الزيارات المنزلية لأبناء الدائرة، فللمنازل حرمتها أولاً، والتقيد الذاتي بأوليات السلوك الحضاري. ثانياً، ولمن يرى، من النواب الأفاضل، أن في ذلك السلوك شكلاً من أشكال الاحتكاك بالمواطنين، فهو، دون أدنى شك، مخطئ في ذلك. كما أن هناك، اليوم، أساليب كثيرة ومتعددة، أكثر جدوى، وأشد احتراماً. لعل أكثرها قرباً لنا هي المجالس التي يقيمها النواب، والتي تعتبر بمثابة الدعوة المفتوحة لمن يريد من الناخبين أن يكون أكثر اقتراباً من نوابه المحتملين.
2. على مستوى الرسائل القصيرة، والتي يعتبر إرسالها لغير من يرغب في تلقيها، نوعاً من المحرمات لما فيها من « تعدٍّ على خصوصيات ذلك المتلقي»، وبالتالي فمن الأفضل أن تتضمن الأولى خياراً في استمرا ر بقائه على قائمة الإرسال أو حذف رقم هاتفه منها. مثل هذا السلوك يبيح للمرشح وصول رسالته لمن يرغبون في تلقيها أولاً، وتعطيه بعض المؤشرات عن شعبيته ثانياًَ، وتحميه من أي سوء فهم ثالثاً.
3. أما العروض المتعلقة بالعطايا والهبات، ففي ذلك إهانة للمواطن، وتشويه لصورة المرشح، وحرف للمسيرة الديمقراطية عن طريقها الصحيح، وتتحول، في حال استمرارها، إلى يكاد أن يقترب من التأسيس لنظام فاسد تكون تلك «الرشاوى» الإكسير الذي يبث فيه الحياة. وتصبح، حينها، قيمة الهدايا وثمنها بديلاً لعناصر برامج المنتخب وأهداف حملته الانتخابية، وهو ما نحن على ثقة، بأنها أبعد ما تكون عن سلوك أولئك النواب.
على هذا الأساس، ونزولاً عند رغبة ذلك المواطن الذي عانى من تلك الممارسات، نأمل أن يرى مرشحونا الأفاضل ما أوردنا بمثابة الدعوة كي يرحموا ذلك المواطن ويكفوا عما أشار إليه، وعوضاً عن ذلك، ولكي يضمنوا تواصلهم معه، بشكل حضاري راقٍ، ودون المساومة على مستوى حملاتهم الانتخابية، نلفت نظرهم إلى الوسائل والقنوات التالية، متحاشين تكرار ما نجحوا هم في استخدامه، مثل المجالس واليافطات الإعلامية على نواصي الشوارع:
1. المناظرات المصورة، الحية أو المسجلة بشكل مسبق، وخاصة للكتل النيابة التي لديها أكثر من مرشح. هذه المناظرات يمكن أن تكتسب حيويتها، وتشد المواطن لها عندما تكون بين كتل متنافسة، ولنا في تجارب أخرى، مثل الولايات المتحدة، دروس غنية على هذا الصعيد. فهناك، على سبيل المثال، اللقاء النهائي بين مرشحي الحزبين الرئيسين في الولايات المتحدة، عندما يتقابلان ويطرح كل منهما رؤيته، وعلى الهواء مباشرة، للقضايا الساخنة في الساحة الانتخابية، حينها، مثل هذا اللقاء يجعل الحزبين المتنافسين في صورتهما النهائية أمام المواطن المنتخِب (بكسر الخاء).
2. المواقع الإلكترونية، بما فيها تلك المستفيدة من الشبكات الاجتماعية، مثل الفيس بوك، فهي إلى جانب المساحة الواسعة في توفيرها لحلبات النقاش، توفر أيضاً عناصر أخرى، في غاية الأهمية، مثل الحيوية، والتواصل المستمر المعروف باسم 24/7، تعبيراً عن أربع وعشرين ساعة، وعلى مدار أيام الأسبوع السبعة. استعانة المرشح بمثل هذه القناة المعاصرة، لن تضمن لهم أرقى أشكال التواصل، وأكثرها كفاءة، لكنها أيضاً، ستكون بمثابة المرشح الذي يفرز الغث من السمين، وفي ذلك ما هو لصالح المرشح الأفضل الواثق من غنى برنامجه، وقدرته على تنفيذه.
3. الندوات العامة المتكررة، فبوسع الكتل النيابية أو المرشحين الأفراد، ممن لا تتوافر في مجالسهم الخاصة مسهلات وصول ناخبيهم إليه، سواء لصغر مساحات تلك المجالس، أو لتعذر توفير المواقف التي تحتاجها، استئجار قاعات خاصة، تتوافر فيها تلك المواصفات، كي يلتقوا بمنتخبيهم، ويتبادلوا معم الرأي بما جاء في برامجهم.
ليست هذه كل الوسائل، فمن الطبيعي أن يكون هناك كثير غيرها، بل وما هو أفضل منها، وليس هناك شك في قدرة المرشحين، وخاصة ممن أصبحت لديهم الخبرة التي اكتسبوها من دخولهم المعترك الانتخابي للمرة الثالثة، على ابتكار القنوات الأفضل والأساليب الأكثر جدوى. لكن، وإلى أن يتم ذلك، نرجو أن يرحم مرشحونا الأفاضل من يريد أن يدلي بصوته لصالحهم أو حتى لصالح المنافس لهم.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2943 - الأحد 26 سبتمبر 2010م الموافق 17 شوال 1431هـ
ياوفاق وألاماتدخل الباصات
أن شاء الله مايتكرر مشهد العام السابق بمنع باصات مرشح الدخول الى جزيرة النبيه صالح
والموضه الجديده في الدائرة السابعة من العاصمة يقوم أحد مرشحي الوفاق بأقرع بيوت الدائرة وبتسجيل أسماء من سوف يرشحون فقط ممايسبب أحرج الى البعض والخوف من البعض الآخر بأنه أذا قال له لن أرشحك ففي حالة فوزه لن يخدمه لأنه لم يرشحه والله بلوى
صدقت والله .. فبدل من مساهم هؤلاء النواب في القضاء على الفساد
الذي يشكل المشكلة الاساسية في البلد
.
فهم يساهمون على زيادة الفساد وتعزيزة في المجتمع.
.
لا للفســــــــــــــــــــــــــــــــاد ... .كل اشكال الفســـــــــــــــاد.
هل ستحافظ البحرين على عروبتها؟؟ - 1
هل سيحافظ النائب المترشح على البحرين و على عروبتها؟؟ - حيث أن بعض التوجهات تنتقص من تنفيذ بنود الدستور والمحافظة على العروبة
سلوك النفعيين أصبح معتادا عليه وولد الكسل والإتكالية
امرأة زارت صديقة لها تجيد الطبخ لتتعلم منها سر "طبخة السمك" .. وأثناء ذلك لاحظت انها تقطع رأس السمكة وذيلها قبل قليها بالزيت فسألتها عن السر, فأجابتها بأنها لاتعلم ولكنها تعلمت ذلك من والدتها فقامت واتصلت على والدتها لتسألها عن السر لكن الام ايضا قالت انها تعلمت ذلك من أمها (الجدة) فقامت واتصلت بالجدة لتعرف السر الخطير فقالت الجدة بكل بساطة: لأن مقلاتي كانت صغيرة والسمكة كبيرة عليها.ان البشر يتوارثون بعض السلوكيات ويعظمونها دون ان يسألوا عن سبب حدوثها من الأصل !!
أما العروض المتعلقة بالعطايا والهبات،
أخي الفاضل عبيدلي , شكرا على المقال المفيد ،، مقالك تخاطب فيه شريحه من مستوى عال من الثقافة ، ولكن الناس في مستوى واطي تعلموا على العطايا والهبات وهذا منذ فترة وخاصة إذا كان الأمر متعلق بمبادىء وقيم وضمائر ... مع تحيات Nadaly Ahmed