العدد 2921 - السبت 04 سبتمبر 2010م الموافق 25 رمضان 1431هـ

إعلانات محاربة الإرهاب

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

من تسنح له فرصة ركوب السيارة والتجول بها في شوارع البحرين الرئيسية، وعلى وجه الخصوص الطرق السريعة منها، سيقرأ مجموعة من الإعلانات غير التجارية المنتشرة على جوانبها التي تحمل تواقيع بأسماء أشخاص، من الواضح أنهم يطمحون إلى خوض الانتخابات، البلدية أو النيابية المقبلة، ويحاولون أن تكون تلك اللوحات جزءاً مهماً من أركان حملاتهم الانتخابية. الأسماء تقول، أيضاً، أن البعض منهم، هم من كانوا أعضاء في أحد المجلسين، النيابي أو البلدي، خلال الدورة السابقة. تدعو تلك اللوحات الإعلانية صراحة ودون أية مواربة ومن غير أي استثناء إلى إدانة ما وضعته في خانة «الإرهاب»، وتحاول، أن توصل تلك الرسالة، وبشكل مفتعل لا يستند إلى عناصر علمية مقنعة، من خلال الربط بينها بين احتمالات فشل مشروعات التنمية، او إجهاض المشروع الإصلاحي، أو انعدام الأمن والاستقرار الذي يبحث عنهما المواطن الصالح. من يتمعن في نصوص تلك اللوحات، ومكوناتها الفنية، والعناصر البارزة فيها، يكتشف دون أي عناء أنها، إذا افترضنا أنها جزء من الحملة الإعلامية الانتخابية، التي يطمح من يقف وراءها إلى الفوز في الانتخابات المقبلة، تعاني من الثغرات التالية:

1. الانفعالية، حيث تطغى عليها النبرة التحريضية التي تفرغها من أي مدلول سياسي، بالمعنى الانتخابي للعمل السياسي. فجميعها لا يعدو كونه عبارات إنشائية تحاول أن ترقى إلى مستوى الجمل السياسية التحريضية، لكنها تبدو مجوفة وخالية تماماً من أي هدف سياسي، سواء على المستوى المنظور القصير، أو الاستراتيجي البعيد المدى.

2.الرياء، فأسلوب صياغة النص وسكبه في الخلفية الفنية ينضح بالرياء المصطنع الباحث عن أقرب مشجب يعلق عليه بشكل سريع أسباب العواصف التي تهب على البحرين، وتهدد بجرفها نحو هاوية لا يستطيع أحد ان يتكهن بالقرار الذي يمكن ان تنتهي إليه.

3. التحريضية الرخيصة المبطنة بإشارات مبهمة تبحث عن ضحية سهلة، تحولها إلى كبش فداء يدفع وحده ضريبة ما تشهده البحرين من مظاهر عنيفة ضحاياها الحقيقيون، هم الشباب المغرر بهم، كائناً من يكون المحرك الرئيسي لهم.

4. السلبية، حيث تخلو تلك اللوحات تماماً، من أية دعوة إيجابية لوقف دورة العنف، بل إن من يعيد النظر فيها، سيكتشف أنها بشكل غير مباشر تبرر بعض أشكال العنف، الذي قد يتوهم من صاغ تلك العبارات أنها قادرة على وضع حد له، لكنها على العكس من ذلك تماماً لن تكون سوى نافخ كير في نيرانه.

ومن أجل معالجة هذه الظاهرة الدخيلة على العمل السياسي البحريني، والبعيدة كل البعد عن تراث بيئتنا السياسية، لابد من إعادة التأكيد على شجب كل أشكال العنف، الذي بات يسيطر على الشارع السياسي البحريني اليوم. ينبغي أن نقولها صراحة، وبملء الفم، أننا ضد كل أشكال العنف، وندعو إلى إيقاف دورته، الذي يخطئ من يتوهم انه يمكن ان يحقق مكاسب سياسية لصالح أية فئة حريصة على الحفاظ على البيئة التي أنشأها المشروع الإصلاحي، من خلال الاستعانة بأي من أشكال ذلك العنف. بل ونأمل أن يحرص الجميع على ممارسة العمل السياسي من فوق منصة المشروع الإصلاحي، وفي نطاق قوانينها. فأي خروج عليها، لن يساهم في تهشيم تلك المنصة الإصلاحية التي ينبغي الدفاع عنها فحسب، بل سيكون سبباً مباشراً في إعادة البحرين إلى مرحلة ما قبل ذلك المشروع، حيث تسيطر على الساحة السياسية قوانين قمعية من نمط «قانون أمن الدولة».

بعدها ننتقل إلى لب الموضوع، فنتوقف عند تلك اللوحات الإعلانية التي تحدثنا عنها والتي، سنفترض جدلاً، ومن أجل توضيح سلبياتها أنها تحاول ان تمارس دوراً إيجابياً بالمشاركة في وضع حد لموجة أعمال العنف التي تسود الشارع السياسي البحريني اليوم، والتي لا يختلف اثنان على إفرازاتها السلبية.

يخطئ من يتوهم انه من خلال تلك اللوحات يمكن الوصول إلى حل جذري صحيح لمشكلة العنف التي تسود البحرين اليوم، إذ لا يمكن ، بل من المحال، أن يكون لمثل هذه المداخل السطحية ان تصل إلى لب تلك المشكلة، دع عنك إمكانية المساهمة في حلها. ومن هنا فتوقعاتنا أن انعكاساتها سوف تكون سلبية أكثر ما تكون إيجابية، اللهم إلا إذا كان القصد من ورائها إثبات ولاء مصطنع لأسياد وهميين. أكثر من ذلك وأسوأ منه أيضا، وإذا إفترضنا جدلا، انها تخاطب من يقف وراء تلك الأعمال التي تنعتها اللوحات بالإرهاب، فهم لا يمكن أن يخرجوا عن إطار فئتين، الأولى واعية ومدركة لما تقوم به، ومن ثم فلا يمكن ان تلتفت إلى لوحات إعلانية سطحية، تحمل رسالة سياسية ساذجة، مثل تلك التي باتت تكتظ بها شوارع البحرين، والفئة الأخرى عفوية مندفعة ومغرر بها، ومن ثم فإن حماسها واندفاعها، بل وربما عفوية إخلاصها، جميعها عوامل تحجب عنها رؤية ما تدعو له تلك اللوحات، الأمر الذي من شأنه استفزازها وتأجيج مشاعرها. والمحصلة النهائية لمحتوى تلك اللوحات، إما هدر للأموال والطاقات وحرف للعمل السياسي الجاد، أو استفزاز وتأجيج مشاعر نحن في أمس الحاجة لطاقات من هي بحوزته.

لذا فنقول لمن أرهق نفسه ونصب تلك اللوحات، الأولى به أن يصرف أمواله وجهوده في أنشطة أخرى تعود عليه بالمكاسب السياسية الحقيقية، وعلى البلاد بالنفع العام، كي نصل إلى ورقة رابحة لجميع المخلصين دون أي استثناء

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2921 - السبت 04 سبتمبر 2010م الموافق 25 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 39 | 12:31 م

      تحية الى لغة الاعتال و...

      تحية كبيرة للاستأذ العبيدلي لطرحه المعتدل والهادف..............

    • زائر 37 | 9:25 ص

      صوت العقل

      كبير يا استاذ عبيدلي وهذا هو معدنك الاصيل وتاريخك الوطني يشهد لك ...

    • زائر 34 | 8:06 ص

      اين الحب والمصداقية

      الستلذ العبيدلى برافو عليك لقد اصبت هذا هو المطلوب الاعتدال

    • زائر 33 | 7:35 ص

      غربان البحرين

      تسلم ايها الكاتب واقول ستبقى البحرين عصية على هؤلاء الغربان الذين ينعقون مع كل ناعق دون ذرة عقل لما سوف يقومون به

    • يوسف تقي | 7:34 ص

      الاعلانات الغير ايجابية

      صح لسانك وقلمك يا استاذ ...فعلا هؤلاء المعلنين يريدون شراء اصوات الناخبين فقط لا غير.وبأسلوب رخيص جدا...غير مكترثين بمشاعر شعب البحرين الوفي بكل طوائفه.......ولا للفتنة.ولعن الله من ايقظها.

    • زائر 32 | 6:47 ص

      شكرا

      كتاباتك في الصميم يا استاذ بارك الله فيك , أما أولئك من وضع الاعلانات المغرضة , فهم مزبلة التاريخ سوف تذكر الصحف بعد عشرات السنين أسماء عوائلهم , وتجعلهم في خانة المنافقين المسيئين للوحدة الوطنية , ولا يبقى الا العمل الصالح .

    • زائر 29 | 5:51 ص

      فجأة

      بعد غياب طويل , فجاة ظهر اعلان لاحد مكاتب استقدام الخدم الذى اختفى لسنوات بعد ان كانت اعلاناته تملا شوارع البحرين منذ عدة سنوات . فجأة ظهر هذا المنافق والدجال وغيره كثيرين يتبارون في نيل رضى الدولة لعل وعسى. حرام هذا الدجل ويجب ان لا يحضى باى احترام من الدولة والشعب . نحن ندين المخربين ونطالب بمعاقبتهم بالقانون ولكنهذا اسلوب لشراء العبايه رخيص ولايجب ان ينال اصحابه سوى الاستهجان وعلى فكرة هم يسيئون للدولة بطريقتهم الفجة والغبية عدا عن اثارة المجتمع بكل فئاته والواجب ان يتوحد ضد ارهاب المخربين

    • زائر 28 | 5:46 ص

      البحرين ملتزمة بحرية التعبير

      فقط ما تريدة الحكومة و الباقي غير وطني و يخالف القانون و الاعراف و طائفي .....

    • زائر 27 | 5:43 ص

      التدليس

      فى الوقت الذى ندين فية ارهاب وانفلات الشارع وتهديدهم للسلم الاهلى , ونبارك للملك ورجالات الامن جهودهم لحفظ السلم الاهلى , فى ذات الوقت نرى الكثير من الدجالين وماسحى الجوخ من مختلف طوائف البحرين يبحثون اليوم عن بطولات وهميه من نوع اخر .. يعتقدون ان اسلوبهم الرخيص والمبتذل قد يرضى عنهم ولى الامر وقد يكون لهم شتأن من خلال ذلك التدليس والنفاقز ادعو الملك والقيادة السياسية الى الانتباه لهذا النفاق السياسى , الرجال مواقف تختبر في الململت وليس عبر شراء الاعلانات .

    • الصريحه | 4:33 ص

      أصبت عين الحقيقة أستاذنا العزيز

      نعم أخي العزيز كما ذكرت في مقالك الرائع فكلمات اللوحات استفزازية وهي تحمل عنوانا واحدا "كلمة حق يراد بها باطل"
      أعاذنا الله من مضلات الفتن وأصحابها

    • زائر 24 | 4:31 ص

      ابن المصلي

      نحن نناشد الجميع ومن هذه المساحة الصغيرة بضبط النفس ولا عليكم من هذه اللفتات التي هدفها الوحيد هو تشطير المجتمع وهذه الفتنة وأن وقعت لاسمح الله فأنها ستحرق الأخضر واليابس نحن نطالب بحل المشاكل التي تسببت بهذا الوضع الأمني لاأن نضع رؤسنا في الرمال ونغمض اعيينا وكأن هناك لم توجد عندنا أي مشكلة انا اقول أن المشكلة الرئيسية البطالة والتهميش لمكون رئيسي من مكونات هذا المجتمع فهل هذا يرضى الله ورسوله الظلم يأخواني لاتستقر به الأوطان ابدا تستقر فقط بالعدل والأنصاف فلنجعل من وطننا واحة أمن بالعدل فقط

    • The Prince | 4:23 ص

      أين اصحاب الاقلاام المأجورة؟؟

      لاا تراها في مثل هذه المواضيع
      لأنها لاا تمتلك اي رد على هذه التساؤلاات سوى اخفاء وجهها في الارض كالنعامة

    • زائر 23 | 4:12 ص

      العائلات الكبيرة وزجها

      أحيانا تعتبر نعمة ان تكون من عائلة صغيرة ليس لها أهمية فلا يزج باسمها في موضوع ليس لها به ولا تتناول السياسة لا من قريب ولا من بعيد

    • زائر 20 | 3:55 ص

      تعلموا من العبيدلى

      استاذى العزيز , اهديك وردة و نرفع القبعة تحية لكم . هذا هو النهج الصحيح والاسلوب الصواب الذى يخدم الوطن . هذه هى الوسطية وهنا تكمل المهنية العالية ومن كلامك تتضح المواطنة الحقيقية والحرص على السلم الاهلى واحترام حقوق الانسان . نهدى مقلاتك وخصوصا هذا المقال الى كل الصحفيين و الكتاب ليتعلموا و ينهلوا من نهجك وطريقتك لمعالجة الامور . هكذا اسلوب ونهج هو الطريق الاقصر للخروج من الازمات واعتماد لغة الحوار اسلوبا حضاريا يجب ان يحتذى .

    • زائر 19 | 3:43 ص

      سؤال يبحث عن اجابة ......

      لماذا نحن غير شقيقاتنا دول الخليج امن وامان وعيش رغيد وحياة لا تعكرها ولا تنغصها المنغصات ؟؟؟؟؟؟ سؤال يطرحه المواطن في كل دول الخليج وحتى الدول الابعد بكل تاكيد .... هل نملك الجواب ؟؟؟

    • زائر 18 | 2:43 ص

      أحسنت لا فض فوك

      تحليل جميل ومنطقي وعقلائي....كلمة حق محسوبة لك في ميزان حسناتك.
      شكرا لك

    • زائر 17 | 2:08 ص

      تمويل من

      من قام بتمويل هذه اللافتات
      أحد المواطنين تفاجأة بأنه تم وضع اسم عائلته كتوقيع على إحدى الللافتات التي تؤيد ما تقوم به الأجهزة الأمنية دون علمه بذلك

    • زائر 16 | 1:42 ص

      اصبت

      مقال وضع النقاط على الحروف .. بسنا إعلانات في التلفزيون و في الشارع..الواحد وين يروح

    • زائر 14 | 1:22 ص

      999

      مقال موفق ..
      اي سائح او زائر للبحرين من يشوف هالاعلانات وش بيقول عن البحرين للاسف مثل ما قلت مافي اي واحد من هالحبربش له اعلان توعوي او اعلان ايجابي

    • زائر 13 | 1:05 ص

      صح اللسانك

      ماقصرت يا أستاذ عبيدلي والله يديم قلمك الحر

    • زائر 12 | 12:56 ص

      الحمامة البيضاء

      صح لسانك
      لا و بعد الصور غير واقعية
      صورة تاير مع الرنج ماله محترق
      تاير دنلوب جديد مشتعل
      حتى ابسط الامور يفشلون في عملها
      فشلة والله

    • زائر 11 | 12:45 ص

      مقال جميل

      اصبت في طرحك استاذ عبيدلي وهذا ما لاحظناه ايضا

    • زائر 10 | 11:17 م

      ما هكذا تبنى الأوطان يا سادة ......

      ما هكذا تبنى الأوطان يا سادة لا يبني الاوطان الا الحب والحب وحده لها ولاهلها اما هكذا عمل فهو في خانة الهدم والمصلحة الشخصية لا غير مهما ادعى الناشرون والكل يفهم ويدرك اهداف وغايات اصحاب هذه الاعلانات فرافة بالوطن لا تكونوا سببا في خرابه وانظروا حولكم وانظروا جيرانكم كيف ينعمون بالامن والامان لان المحبة ومحبة الوطن تجمعهم فهل نحن غيرهم واعجز من ان نكون مثلهم فاليكن الحب سلاحنا

    • زائر 9 | 11:09 م

      أي ألم !!!!

      أعتقد يا أستاذ عبيدلي أن هذه اللوحات قد أثرت أثرها البالغ في نفوسنا نحن أبناء الطائفة الشيعية, بل وتركت جرحا عميقا لن يندمل بسهولة , إذ في لوحاتهم أخرجونا من الدين والوطنية , إذ لا زلت لا أصدق كيف لشخص من طائفة عشنا معهم لسنوات نحن وآبائنا نحبهم ويحبونا ؟ تصدر منهم هذه اللوحات التي دقت اسفين في قلوبنا , على ماذا ؟ على أبرياء حتى محاكمة لم تصدر في حقهم . يا للأسف , يا للأسف .

    • زائر 7 | 10:53 م

      المصدر

      في الصميم يا دكتور،
      و نصب الاعلانات في وقت واحد، و بتصاميم متشابهة و عبارات متكررة في مختلف مناطق البحرين هو دليل على ان المصدر واحد، اي ان جهة ما اجرت اتصالات ما لتحرض مجموعة ما لوضع الاعلانات الساذجة.

    • زائر 6 | 10:30 م

      إنها فتن آخر الزمان

      اللهم آمنا في أوطاننا

    • زائر 5 | 10:28 م

      العيد مزدهر بلوحاته

      استاذ العيد على الابواب والسواح سيدخلون البلد من الجسر حتى المطار بدل ان يحطون اعلانات تسوقية هالسنة غير الموضه صور وعنف والانكي من ذلك ما ذكرته ويش دخل الانتخابات والنواب لنشر هذه اللوحات

    • زائر 4 | 10:22 م

      بارك الله

      تسلم يداك يااستاد كلام عاقل و متزن

    • زائر 3 | 10:17 م

      صح لسانك

      صح لسانك
      ويعطيك الف عافيه يارب

    • زائر 2 | 10:09 م

      تحليل واقعي جدا

      شكرا استاذي الكريم على مقالاتك الطيبة ، لكني اختلف معك في نقطة واحدة جاءت في هذا المقال وهي ان اللوحات لم يصرف عليها ولا فلس من قبل الاشخاص وانما جهة واحدة قامت باخراج اللوحات ودفع كل المصاريف واعتقد انك ادرى مني بهذا ... تقبل تحياتي ولك جزيل الشكر واتمنى من الصحفيين العمل بطريقتك بدلا من سكب البترول على النار

اقرأ ايضاً