العدد 2919 - الخميس 02 سبتمبر 2010م الموافق 23 رمضان 1431هـ

تحاشياً لأي سوء فهم (2 - 2)

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

دوافع كثيرة تقف وراء استمرار الإصرار في الحديث عن أهمية إزالة أي سوء فهم يمكن أن تقود له محتويات تلك المقالات. ويمكن حصر أهم تلك الدوافع في البنود التالية:

1. تحاشي إثارة أي شكل من أشكال البلبلة في صفوف فصائل التيار الوطني الديمقراطي، والذي هو اليوم في أمَسِّ الحاجة إلى تراص هذه الصفوف كي يتمكن من أداء مهامه على الوجه الأفضل بشكل عام، وخوض معاركه الانتخابية التي هي على الأبواب بشكل خاص. متطلبات المرحلة المقبلة، وظروف تلك الفصائل، لا تسمح، إذا ما أردنا لأيٍّ منها تحقيق أي شكل من أشكال النجاح، «أية هزة للقارب»، كما يقول المثل الإنجليزي.

ولابد لنا هنا من أن نؤكد أن فتح أية ثغرة في جدار العلاقات (الهشة) القائمة اليوم في جبهة التيار الوطني الديمقراطي، من شأنها أن تفتح المجال واسعاً أمام قوى أخرى متربصة بها، كما تسهل لها أيضاً عمليات الاصطياد في المياه العكرة.

2. الخشية من حرف مسار الصراعات، ودفعها في الاتجاه الخاطئ. وبدلاً من حشد قوات التيار الديمقراطي على الجبهة المعادية، وربما المنافسة، سنقودها للاقتتال السياسي الداخلي فيما بينها، في وقت هي في أمَسِّ الحاجة إلى تكتيل جهود جميع فصائلها لتحقيق ما يمكن نيله من المكاسب، وهو أمر ربما يصعب تحقيقه ما لم يتم إزالة اللبس الناجم عن سوء الفهم الذي يمكن أن تثيره المقالات.

وهنا لابد لنا من التأكيد مرة أخرى، على أن التحشيد الذي بدأ يطفو على سطح الساحة الانتخابية، ينذر بمعارك ضارية سوف تشن ضد فصائل التيار، ومن ثم فهي في أمسّ الحاجة إلى توفير طاقاتها كي تكون مستعدة لخوض تلك المعارك. إن ما يلوح في الأفق من سُحب داكنة سوداء تنذر بمثل تلك المعارك، بخلاف تلك الإعلامية، نأمل أن تكون الفصائل على وعي تام بمدى ضرواتها من جهة، وأتمت الاستعدادات للتصدي لها والحد من سلبياتها، في حال عدم القدرة على تحقيق انتصارات فيها، من جهة ثانية.

3. قطع الطريق على أية حروب إعلامية يمكن أن تشنها أكثر من جهة، بما فيها تلك المنافسة لمرشحي التيار الوطني الديمقراطي، مستفيدة من البيئة التي نتحاشى أن يبنيها سوء الفهم الذي حذرنا، وما زلنا نحذر، منه. ولا ينبغي التقليل من خطورة الحروب الإعلامية، وخاصة في المعارك الانتخابية، حيث فترة المعارك قصيرة، والأجواء العامة متوترة، ونفسية المواطن مشدودة، وشهيته الذهنية مفتوحة لتقبل الأمور على نحو سريع، ودون تمحيص لمحتوياتها، أو تحليل للأهداف المبطنة، غير الجلية التي ترمي إليها. وعند قياس الإمكانات الإعلامية المتاحة بتصرف التيار الوطني الديمقراطي، سنكتشف أنها محدودة مقارنة بتلك التي تملكها الأطراف الأخرى المنافسة أو المضادة. على هذا الأساس لا نريد أن تصب مادة المقالات، وسوء الفهم الذي ربما ولدته، في طاحونة الآلة الإعلامية التي بحوزة القوى المعادية للتيار الوطني الديمقراطي، أو منافسة لمرشحيه الذين سيخوضون معارك الانتخابات البرلمانية المقبلة.

على هذا الأساس، ومن أجل إعادة الأمور إلى نصابها، إذ ربما لايزال هناك بصيص من أمل، ولو كان خافتاً، أمام قوى التيار الوطني الديمقراطي من أجل الجلوس، وبشكل منفرد، بعيداً عن أي تدخلات خارجية، وبنفسية منفتحة، ونوايا صادقة من أجل مناقشة الأمور التالية، والتوصل إلى رؤى مشتركة بشأنها:

1. تحديد موقف علني وصريح من اندلاع موجة العنف التي تلف البلاد، يستند إلى تحليل علمي دقيق يُشخّص الأوضاع القائمة، ويحدد، دون أيما مجاملة، القوى التي تقف وراء ما ولدته من حقائق على الأرض، وتلك التي لها مصلحة في اندلاعها أولاًَ، واستمرارها ثانياً، وليس أخيراً.

مثل هذا التحليل، عندما يتمتع بالعلمية المطلوبة، سوف يساعد على إزالة الكثير من سوء الفهم أولاً، ويعين الفصائل ذاتها، على رؤية صحيحة لاتجاه البوصلة السياسي؛ ما يؤدي إلى تشخيض سليم لموقف كل قوة سياسية، وتحديد موقفها الحقيقي في خريطة العمل السياسي البحريني في هذه المرحلة. وكل ذلك يقود، بعد الفهم الصحيح لتلك الخريطة، إلى تحديد دقيق لخريطة التحالفات وعمقها.

2. التمرد على المسلمات التي لاكتها الألسن السياسية، وحوّلها البعض إلى ما يشبه «المحرمات» التي ليس من حق أحد مناقشتها. بل تجاوزت الأمور ذلك، فوصلت إلى درجة، لم يعد من المسموح إعادة النظر في بعض تلك «المحرمات»؛ لأن في إعادة النظر فيها، تهديداً حقيقياً لمواقع قيادية سياسية، ليست بحوزة أيٍّ من فصائل التيار الوطني الديمقراطي، يخشى البعض من فقدانها. يأمل المواطن أن يرى اليوم الذي يشاهد فيه قياداته الوطنية تهز أركان عروش من يقفون، وبضراوة، في وجه بروز تيار وطني ديمقراطي، له برامجه المميزة، ويتمتع بحضور ملموس في الساحة السياسية، وبين صفوف الجماهير العريضة.

3. امتلاك الجرأة المطلوبة لنسج التحالفات الوطنية، بعد استكمال بناء الجبهة الوطنية الديمقراطية الداخلية، وتقوية هياكلها الأساسية، مع القوى الأخرى دون الخوف من أيٍّ منها، أو الرهبة من استثارة غضبها. هنا لا بد من التأكيد، على أن القصد ليس استفزاز الآخرين، أو نيل سخطهم، أو إقصاءهم، بقدر ما هو رسم خطوط واضحة تضع كل قوى سياسية في الخانة التي تختارها هي لنفسها، ويتم، في ضوء ذلك، تعامل الجبهة الوطنية الديمقراطية معها. يتوقع المواطن هنا، عدم استثناء أيٍّ من القوى، بما فيها، بعض تلك القوى التي تقف اليوم تحت مظلة السلطة التنفيذية، إذا ما أبدت هذه الأخيرة دون أية مواربة أو «نزعة تآمرية»، تفاعلها الإيجابي مع برنامج الجبهة الوطنية التي نتحدث عنها. وبقدر ما تسمح فصائل التيار الوطني الديمقراطي لنفسها أن تخطو هذه الخطوة، فليس من حقها أيضاً، مصادرة حق الآخرين فيها، طالما يرون هم توافر القواسم المشتركة التي تؤهلهم لبناء، جبهتهم الخاصة بهم.

نأمل أن نكون بذلك قد أزلنا الإبهام الذي أثارته تلك المقالات، واللبس الذي أثاره ما جاء فيها، الذي يبقى، مهما قلنا عنه لا يعدو كونه «اجتهاداً»، نتوخى له الإصابة كي يحقق الفائدة المرجوة منه.

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 2919 - الخميس 02 سبتمبر 2010م الموافق 23 رمضان 1431هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 7:25 ص

      نحن إذ نقول نريد تطبيق ما يتم إستنتاجه في الندوات والمؤتمرات

      الدولة تحضن سنه عديد من المؤتمرات وندوات ومن المأمل به أن يتم تطبيق ما يرد في هذه ... مع تحيات Nadaly Ahmed

    • زائر 4 | 6:35 ص

      صح لسانك

      بدأت افهمك الان .. يعنى تريد ترتيب البيت الوطنى بعد كمية الخراب التى تسبب فيها تحالفات وعد المشبوهه. حسننا لننتظر ونرى صدى كلامك .. وانت صاحب التاريخ النضالى الطويل ,, هل سوف يسمعون نصحك ام ان الاوان قد فات ؟؟

    • زائر 3 | 6:30 ص

      وين التاريخ؟

      الى قيادات وعد:
      اتركوا عنكم التحتافات المشبوهه وبعدين بيجترمكم الشارع. يجب ان تكونوا اوفياء لتاريخكم وتحطون يدكم مع الحركة الوطنية والديمقراطية وليس مع الطائفيين والطارئين على النضال .. بالله ما ذا يجمع هذا مع ذاك.. هذا خطأ تاريخى تسببت فيه القيادة الحالية وسوف تدفعون ثمنها عزلة وانشقاقات .

    • زائر 1 | 11:03 م

      ما نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل

      ما نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل

اقرأ ايضاً