تلقيت الكثير من الملاحظات القيمة حول ما جاء في سلسلة المقالات الأخيرة.
حمل البعض منها ردوداً تؤيد منهج تناول الهموم الرئيسية التي أثارتها تلك السلسلة، كما حمل البعض الآخر من تلك الملاحظات على ما جاء فيها من أفكار، وما دعت إليه من مبادرات، وما حذرت منه من أخطار، ناهيك عن أسلوب تسليطها الضوء على القضايا التي تناولتها.
من جانبي، اعتبرت المحصلة النهائية لتلك الملاحظات ظاهرة صحية، إذ لم يساورني، ولو للحظة واحدة، أدنى شك، في الدوافع الحسنة التي تقف وراء المقالات والملاحظات، على حد سواء، الأمر الذي أثار لدي رغبة في أن يتطور مثل هذا التفاعل الإيجابي، ويتحول، بعد أن يتسع نطاقه، ووتيرة حضوره، كي يشمل، جملة ما تعالجه الأقلام الصحافية الأخرى من قضايا محلية، آملاً أن يتم ذلك على أرضية أدب الحوار وأخلاقيات الاختلاف.
لكن بعيداً عن كل ذلك، استوقفتني من بينها جميعاً رسالتان تعرضتا لما جاء في مقال الأمس. الأولى انتهت بعبارة تقول «... نحن متجهون نحو الهاوية». لكن الأخطر منها، بالنسبة لي، كان ما ألمحت إليه الثانية باقتضاب، حيث جاء فيها، «أخشى أنك، في سياق حرصك على تماسك التيار الوطني الديمقراطي، يساء فهمك، فتأتي النتائج معاكسة، تماماً، لما تهدف إليه، فتصبح كمن يريد إطفاء حريق، لكنه، وبدلاً من صب الماء على النار لإخمادها، نجده يسكب الزيت على تلك النار فتزداد اشتعالاً».
وبقدر ما أفزعتني الأولى وأخافتني من المستقبل الذي ينتظرنا، بقدر ما رفعت الثانية علامة استفهام كبيرة متحدية أمامي، تحاول أن تثير الشك في جدوى ما أكتب. ذلك انه طالما أن هناك احتمالاً، مهما كان ضئيلاً لسوء فهم، يمكنه أن يقود إلى نتائج عكسية ومضادة للهدف من وراء الكتابة، فلابد إذا من «ضبط النفس، والضغط على الفرامل»، والتوقف أولاً، وإعادة النظر ثانياً، من أجل وضع الأمور في نصابها، وإصلاح ما يمكن ان يكون قد إعوج منها.
بعبارات أكثر وضوحاً، من الضرورة بمكان، أن لا يؤدي منهج معالجة قضايا التيار الوطني الديمقراطي، إلى تأزيم العلاقة فيما بين فصائله ودهورتها، عوضاً عن تقويمها وإصلاح ما أعوج منها.
يقتضي القيام بذلك، وعلى الوجه الأفضل، ومن منطلقات ناضجة غير منفعلة، الرجوع خطوة إلى الوراء، لكسب المسافة الضرورية التي تمكننا من رؤية الصورة واضحة، كاملة المعالم، خالية من التشويهات التي قد تلحق بها جراء نظرة جزئية هنا، أو غوص في تفاصيل ثانوية هامشية هناك.
هذا الأمر يتطلب، أولاً وقبل كل شيء الاتفاق على بعض الثوابت الراسخة في العمل السياسي البحريني المعاصر، وعلى وجه الخصوص تلك التي حكمت العلاقات بين فصائل القوى المعارضة، التي يمكن تلخيص أهم عناصرها المؤثرة، في ظاهرة رئيسية واحدة تتمحور حول الإفرازات السلبية التي زرعتها قوانين وسياسات مرحلة «قانون أمن الدولة» في طريق قوى المعارضة البحرينية، والتي سيطرت، بالتالي على مسار الحياة السياسية اليومية في البحرين، خلال الربع الأخير من القرن الماضي.
أطرت تلك القوانين التعسفية جوهر العلاقات السياسية التي حكمت الصراعات التي احتدمت خلال فترة «أمن الدولة» بين القوى الفاعلة في تلك الساحة.
ليس هناك من يملك الجرأة، حتى يومنا هذا، التي تنكر العقبات الكأداء التي واجهتها المعارضة السياسية حينها، حيث كانت ظروف ومتطلبات العمل السري، الذي أرغمت تلك المعارضة على الخضوع لشروطها، قاسية، وضرائبها المادية باهظة، وتبعاتها المعنوية مرهقة ومؤلمة على حد سواء. ومن سخريات القدر، أن تلك الصعوبات، كانت على مستوى آخر، تسهل عملية اختيار أشكال العمل السياسي، الذي كان، موضوعياً، يقسم البحرين إلى فريقين رئيسيين:
الأول، معارض، واختار مرغماً، العمل السري كوسيلة وحيدة متاحة أمامه للتعبير حتى عن أوهى أشكال المعارضة.
أما الثاني، فكان اختيارياً، بكل ما تحمله حرية الاختيار من معنى ومدلولات، وهو الذي سلكت طريقه السلطة التنفيذية، والمؤسسات التي كانت تدور في فلكها حينها. لقد قاد هذا الاختيار تحويل البحرين إلى سجن كبير تُسيّر علاقات أفراده ومؤسساته أسوأ القوانين القمعية التي عرفها العالم آنذاك. أدى كل ذلك إلى تشويهات بنيوية مست جسم المعارضة البحرينية، وتغلغلت في صلب هياكلها التنظيمية، ولجمت جياد برامجها السياسية، وحالت دون استمتاعها بمراحل النمو الطبيعية التي عرفتها شقيقاتها مثل الكويت. وما كان أسوأ من كل ذلك، هو تدخل تلك القوانين، سواء اعترفت المعارضة بذلك أم أنكرته، المباشر في طبيعة وجوهر العلاقات القائمة بين أطرافها إلى درجة أنها لا تزال تعاني من ذيول ذلك التدخل وتداعياته.
لذلك، وعندما جاء مشروع الإصلاح السياسي الذي قاده جلالة الملك، لم تكن المعارضة البحرينية، بكل فصائلها، وبفضل إفرازات «قانون أمن الدولة»، غير قادرة على استيعاب تلك الصدمة السياسية وامتصاصها فحسب، وإنما كانت أيضاً، غير مستعدة للانسلاخ الفوري المفاجئ من جلدها الذي كانت مضطرة إلى الاحتماء تحته من قوانين أمن الدولة، والتفاعل الديناميكي مع ذلك المشروع. الحديث هنا لا يتناول علاقة المعارضة مع المشروع ذاته، وإنما يعالج العلاقات التي سعت تلك المعارضة إلى نسجها فيما بين فصائلها المختلفة للتفاعل معه.
عبر عن ذلك الانشداه، الطبيعي والمنطقي على حد سواء، سلوك المعارضة البحرينية طيلة السنوات العشر الماضية. ومرة أخرى هنا نؤكد ضرورة حصر المعالجة في العلاقات الداخلية بين تلك الفصائل، دون التطرق لعلاقاتها مع ما أفرزه المشروع الإصلاحي.
أكثر من ذلك، ولكي لا يفهم الحديث هنا بشكل خاطئ، فالمقصود بهذه الإشارات، ليس توجيه اللوم للمعارضة، أو الانتقاص من سلوكها، بقدر ما هو محاولة لتشخيص أوضاعها وقراءة الأسباب الكامنة وراء سلوكها، خلال تلك الفترة.
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 2918 - الأربعاء 01 سبتمبر 2010م الموافق 22 رمضان 1431هـ
المدخل الصحيح
لقد تم خلط الاوراق كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية . اصبحت التيارات الدينية هى صاحبة الحل والربط وللاسف صارت تتقدم على المعارضة الوطنية وتجير التاريخ ونضالات الحركة تلوطنية لصالحها. ملفات وطنية كبيرة بحجم هموم الوطن جرى تسليمها الى تلك التيارات الطاءفية بامتياز واعطيت الغطاء الوطنى " للاسف" بسبب تهافت بعض قوى التيار الدمقراطى على فتات بعض تلك الموائد. لقد تم طعن التيار الديمقراطى بايدى بعض اطرافه . تلك هى الكارثة حتى نسى الشارع بان هناك نضالات وتاريخ وطنى لا طائفى . صحوا النوم
ان اعلم اولادي ان الله اكبر واعدل وارحم
ان اعلم اولادي ان الله اكبر واعدل وارحم
من كل فقهاء الارض مجتمعين؟
وان مقاييسه تختلف عن مقاييس المتاجرين بالدين،
وان حساباته أحن وارحم؟
هل تسمحون لي؟؟؟؟
كيف يمكن تطهير الأنفس التي اعتادت التلون
مثل الحرباء في تلونها .. هكذا كل يوم في أمر مستعر .... رواد الساحة العربية مطالبون بالكثير والكثير حفاظا على مصلحة الأمة
تبقى الاقلام الصادقة المخلصة معروفة .....
الاقلام الصادقة المخلصة لهذا الوطن والتي عرفت بتضحياتها وتاريخها النضالي ليس ادعاءا ولاطارئا ولا مصطنعا وانما هو اصيل اصيل تحب الخير والصلاح للوطن واهله وقيادته وهذا ما يلمسه القارئ في مقالاتكم التي تنم عن حرفية الصحافة والاخلاص للوطن وما قدمتموه للوطن وتقدمونه خير شاهد على اخلاصكم وحبكم له لكن الساحة للمنافقين المرتزقة الطارئين على الصحافة والوطن تلفونات العملة كفى الله الوطن شرهم ونواياهم الخبيثة الشيطانية ....